"شنكالنامة" لإبرهيم اليوسف ملحمة سبي النساء الإيزيديات على يد "داعش"
"شنكالنامة" هي ملحمة النساء الإيزيديات اللواتي تعرضن للسبي على أيدي جماعات الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، كتبها الشاعر والكاتب والصحافي السوري ابرهيم اليوسف بأوجاع الحبر وبإلهامات الحياة الأسطورية ووقائع العذاب.
شنكال، هو الاسم الكردي لمدينة سنجار التي تعرضت لغزو "داعش" في العام 2014، والرواية هي الثانية لابرهيم اليوسف، صدرت حديثاً في نحو 500 صفحة، عن "دار أوراق للنشر"، القاهرة. تستخدم الخصوصية السردية التي تقارب لحظة تراجيدية وملحمية ما، من آلام السبايا الإيزيديات اللواتي انتهكت أعراضهن، أمام أعين العالم كله، من دون أن يستطيع أحد إنقاذهنّ في اللحظة التي كن أحوج الضحايا إلى ذلك.
تجري أحداث الرواية ما بين شنكال/ سنجار، المنطقة التي يقطنها الإيزيديون منذ القديم، وبين الموصل والرقة، وغيرها من المناطق والمدن السورية والعراقية.
أبطال الرواية إيزيديون وإيزيديات، ما خلا أحد الرواة/المؤلف الذي يعمل في مؤسسة إعلامية في الإمارات، ويهزه نبأ غزو "داعش" لشنكال وبيع الحرات الإيزيديات في أسواق النخاسة. إذ يظل مشغولاً بأمر الإيزيديين، ولا سيما السبايا اللواتي يتم بيعهن وشراؤهن على أيدي بعض شذاذ الآفاق، المأجورين.
يتذكر الراوي/المؤلف أسماء إيزيدية مقربة منه، ويتواصل معها. بعض من يتصل بهم يردّ، على مضض، وبعضهم لا يرد.
صديقته تيلي، التي تعرف إليها في دمشق في ثمانينات القرن الماضي، فنانة تشكيلية، لجأت إلى سوريا مع المعارضة العراقية، تركت أثرها في نفسه، لأخلاقها العالية، ولوحتها هي التي تتصدر غلاف كتابه.
يلتقي الروائي بها مجدداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ يتحاوران، يتناقشان، تؤازره على عمله بغرض إنجاز كتاب عن الإيزيدية. إلا أن اختفاءها المفاجئ، بعيد الغزو أقلقه، ودفعه إلى البحث عنها.
في النهاية يكتشف أنها هي نفسها ابنة تلك المرضعة الإيزيدية الشنكالية/ السنجارية التي لجأت وزوجها إلى سوريا في مطلع ستينات القرن الماضي، وهي الآن أسيرة لدى "داعش"، كما أن مرضعته نفسها مجهولة المصير.
الأحداث تطرح الكثير من القضايا، من بينها معاناة الإيزيديين بعامة، وهجرتهم، واستباحة كرامتهم وبيوتهم، ومن ثم المقاومة التي يبديها البيشمركة من أجل استرداد شنكال.
وتستعرض الرواية معاناة الكرد ومنهم الإيزيديون، من نظامي دمشق وبغداد اللذين عملا على تغيير ديموغرافيا مناطقهم. ناهيك بالخلافات التي تظهر بين طرفين كرديين هما: حزب العمال الكردستاني الذي بات يدير المناطق الكردية في سوريا، والحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يقوده الرئيس مسعود البارزاني، من دون الاستغراق كثيراً، في هذه الجزئية من الرواية.
لا تنسى الرواية الإشارة إلى بيئة شنكال، وأساطير الإيزيديين، وديانتهم، وبعض الرموز الدينية المقدسة لديهم، وتفجير مزاراتهم ومعابدهم، ولا إلى المجازر التاريخية التي تعرضوا لها.
تعد الرواية إحدى المقاربات السردية لطبيعة الإيزيديين، وعوالمهم، ورؤاهم، وأساطيرهم، وأحلامهم، وعمق ألمهم المتجدد، وتعتمد على تقنية كسر ديكتاتورية الراوي الواحد، من خلال تكنيك ذي لعبة واضحة، سلسلة، وعبر لغة بسيطة، هي أقرب إلى لغة الريبورتاج، ما خلا تلك الفصول التي تتناول طقوس الديانة الإيزيدية، ورموز الإيزيديين.
وكانت صدرت للشاعر اليوسف في العام 2017 رواية بعنوان "شارع الحرية" ولقيت اهتماماً لدى القراء والنقاد، وتناول فيها شارع سكنه في مدينته قامشلي، الذي تعرض للتفجير على أيدي إرهابيي "داعش"!