الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الأمن يخلع الأبواب لانتزاع ولد من أمه... أين نعيش؟ (فيديو)

المصدر: "النهار"
الأمن يخلع الأبواب لانتزاع ولد من أمه... أين نعيش؟ (فيديو)
الأمن يخلع الأبواب لانتزاع ولد من أمه... أين نعيش؟ (فيديو)
A+ A-

منذ أسابيع جرى التواصل بين "النهار" وميساء منصور التي عرضت تفاصيل سعي طليقها نقل حضانة ابنها اليه، لكننا تريثنا في النشر احتراماً لرغبة ميساء وافساحاً في المجال امام حل الامور بعيداً من الاعلام. أمس، وقع المحظور ونفذ قرار نقل الحضانة الصادر عن المحكمة الشرعية بالقوة فتحوّلت القصة الى قضية رأي عام.

ولا يمكن أن تكون ميساء منصور حالة فردية في مقاربتنا قضيتها التي شاءت أن تخرجها الى العلن في اللحظة التي استنفدت السبل لحض القضاء والأمن على عدم تنفيذ حكم صادر عن المحكمة الشرعية يقضي بتسليم ابنها البالغ تسع سنوات ونصف سنة، الى طليقها.
القضية صادمة وجدليّة، ولا سيّما أن الولد لم يبلغ بعد سن الحضانة التي تضعه المحكمة الشرعية سقفاً لانتقال هذه الحضانة من الأم الى الأب. لكن القاضي ارتأى أن يسجل حكماً نادراً بسلخ الولد عن أمه وانتقاله للعيش في كنف أبيه المتزوج.
المفارقات في القضية لا تنتهي هنا.
رغم حيازة الولد الجنسية الفرنسية، فإن النزاع يدور في المحكمة الشرعية، وحتى الساعة السلطات الفرنسية بعيدة من القضية، وهو الامر الذي قد يدفع الام الى المضي في نقل قضيتها الى محكمة أوروبية لاحقاً.
تمرّ المفارقات بالإصرار على تنفيذ الحكم في أول يوم العيد، وفِي إهمال القضاء والأمن لمعطى الصحة النفسية للولد، والاصرار على استقدام رجال الامن الذين خلعوا أبواب المنزل، الباب تلوَ الآخر ليصلوا الى غرفة النوم حيث كانت الأم وابنها يقفان في انتظار المصير. تقول ميساء، انها أخبرت الامن أنها تتعهد باحضار الولد الى المخفر يوم الاثنين، تقول ايضاً انها استنفدت الاتصالات لإبلاغ قضاة باستعدادها الطوعي للتسليم.
لم يكن يوم الجمعة هو المحطة الوحيدة لمحاولة أخذ الولد عنوة، سبقتها محاولة يوم الخميس لكن الولد أخبر الامن انه لا يرغب في التسليم.
بدا المشهد موجعاً والولد يسأل والده عن سبب إحضاره "الجنود". ما هذا الظلم؟ أين نعيش؟
لا يعنينا من عرض قضية ميساء الدخول في تفاصيل الخلاف بين الطرفين. يعنينا المشهد المستفز والمؤذي للطفل في بلد يدّعي التزام حقوق الانسان.

رفض الاستسلام
تقول ميساء بنفس يرفض الاستسلام للامر الواقع، انها لا تندم على تصوير واقعة اقتحام منزلها وأخذ ابنها عنوة، فمنذ أمس تحوّلت قضيتها قضية رأي عام. لسان حالها يتحدث عن "فساد قضاة واستخدام طليقها لنفوذه ".
تقول انهم "زوّروا الوقائع وزعموا اني لم اسمح بتسليم ابني في المرة الاولى متجاهلين رفضه هو للامر". في أحد الفيديوات، تظهر الام وهي تقف بين مأمور التنفيذ وابنها لحمايته، ذلك انه رفض الذهاب مع ابيه. كان ذلك يوم الخميس. وبعد ادعاء مأمور التنفيذ انها تمنعت عن تسليم ابنها، رفعت دعوى ضده لدى المدعي العام زياد أبي حيدر الذي اتخذ الاجراءات اللازمة وارسل كتابا الى وزارة العدل.
اما في اليوم التالي، فقد "حضر 12 دركياً، خلعوا خمسة أبواب، لم أفتح الباب لأني كنت احاول التوسط لدى المدعي العام لتجنيب ابني الاذى النفسي"، تروي ميساء مؤكدة مضيها في عرض تفاصيل ملفها أمام الرأي العام، واتخاذ الإجراءات القانونية في حق "كل من أخطأ". وتستطرد "تخيَّلوا ان قاضية الأحداث نكرت ان الأب يضربني ويسيء معاملة ابني بالرغم من انني تقدمت بملف امامها بالتقارير اللازمة التي تثبت واقعة الضرب"، مستغربة عدم اطلاعها عليها.

لكن من صاحب الامر المباشر بالتنفيذ بهذا الشكل؟ "انهم الآن يتقاذفون المسؤوليات (المدعي العام ودائرة التنفيذ).
تصرّ السيدة ان مشكلتها اولا وأخيرا مع القضاء، وترفض المزاعم حول رفضها السماح لطليقها رؤية الولد "نملك صوراً واتصالات وأرقام هواتف مسجلة، صور ابنته وهي في منزلنا... لكني لست مسؤولة عن سوء علاقته بابنه".
متى سترى ميساء ابنها؟ "لا أملك قرار مشاهدة حتى اللحظة، استئناف الحكم لا يزال قائماً، وسنخوض المعركة حتى الأخير".

القضية

 تبلغت ميساء بالطلاق عام 2009، ومنذ العام 2010 بدأ الزوج برفع دعاوى نزع حضانة بذريعة أن طليقته غير مؤتمنة على ابنها، علماً أن الأم تخلت عن وظيفتها في أحد المصارف لتتفرغ لرعاية طفلها لكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة. توصل الطرفان في العام نفسه الى اتفاقية سمح بموجبها لميساء بالابقاء على حضانة طفلها وللأب حق المشاهدة ودفع نفقة شهرية لطليقته. الأب تزوج وأنجب وتقول ميساء انها لم تمنعه من مشاهدة ولده، وكانت تستقبل أولاده في منزلها لرؤية أخيهم.
في العام 2015، عاود الأب وحرك دعوى نزع الحضانة، مدعياً أن طليقته تمنعه من رؤية ابنه، "في أحيان كثيرة كان الطفل يرفض زيارة والده بعد أن شاهده مرات عدة وهو يعنّف أمه". وتوضح المصادر أن "شجارات كثيرة حصلت بين ميساء وطليقها على خلفية تمنُّعه عن دفع النفقة المتوجبة عليه بشكل منتظم، وفي الغالب كانت تنتهي بتعرض ميساء للتعنيف".
 استمرت الجلسات الى أن أصدرت المحكمة الشرعية في 26 نيسان الماضي حكمها بصيغة "نافذ على أصله معجل التنفيذ" متحصنة بادعاءات الزوج بأن طليقته "غير مؤتمنة وتترك طفلها مع عاملة المنزل وبأنها حرمته من مشاهدة ابنه". وهي ادعاءات "باطلة أخذ بها القضاء الفاسد"، وفق الام التي سلخ عنها ابنها.

المصادر القانونية المواكبة لقضية ميساء، تلفت الى أن المحكمة الشرعية "تخطت القوانين" في عدد من النقاط:
-"إصدار الحكم بناء على ادعاءات غير صحيحة.
-في كل مرة كانت ميساء تطلب من المحكمة تعيين محام وكيل عنها تكتشف أنه متواطئ مع طليقها.
-أصدر القاضي البدائي حكمه بعدما طلبت ميساء منه رفع يده عن الملف للارتياب المشروع، وفي هذه الحالة يعتبر الحكم مخالفاً للقوانين.
-ضربت المحكمة بعرض الحائط أنه ليس من مصلحة الطفل المرور بأزمة نفسية خلال العام الدراسي وتحديداً في نهاية العام.
-عدم الأخذ بالاعتبار كافة التقارير الطبية التي تقدمت بها الأم حول حالة ابنها الصحية ووضعه الخاص".
لم تستسلم ميساء، فاستأنفت الحكم وطلبت وقف تنفيذ قرار نزع الحضانة. ردت محكمة التنفيذ الطلب فعادت ميساء وتقدمت بطلب جديد وأرفقته بتقرير من المدرسة يفيد بأن العام الدراسي ينتهي في 22 حزيران. وللمرة الثانية لم تأخذ المحكمة التقرير في الاعتبار مخالفة بذلك نصاً قانونياً واضحاً. وحينها توجهت الأم إلى محكمة التنفيذ طالبة ايضاح كيفية وآلية تنفيذ قرار تسليم الطفل.

أمس كانت المحطة الصاعقة في القضية، وقع مشهد هزّ الرأي العام. رأينا جميعاً كيف ينفذ الامن الاحكام القضائية من دون اي مراعاة للصحة النفسية للولد، ورأينا كيف تتم عمليات الاقتحام وكأنها عمليات تنفذ ضد تجار أسلحة ومخدرات. من المعيب أن يقع هذا المشهد في بلدنا، كم من ميساء لم تفتح عدسة الكاميرا لتصوير قضيتها. ما جرى ليس مقبولاً ولن يكون. وكفى.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم