الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

معظم المسلسلات الرمضانية لا تشبهنا... لا نرغب في الانتماء الى مافيا!

المصدر: "النهار"
ملاك مكي
معظم المسلسلات الرمضانية لا تشبهنا... لا نرغب في الانتماء الى مافيا!
معظم المسلسلات الرمضانية لا تشبهنا... لا نرغب في الانتماء الى مافيا!
A+ A-

كأن الخيال لم يعد دافئا، بسيطا، عميقا، يحاكي فينا الأمور الجميلة ويوقظها أو ينسجها.. وكأن الخيال لم يعد يشبه جلسة عائلية في ليلة صيفية عادية، يتحدّث فيها الأفراد عن هموهم ومشاكلهم، عن انتظاراتهم ويومياتهم التي تشبهنا نحن المشاهدين العاديين الذين لا ننتمي الى "مافيا" والذين لا نتاجر بالمخدرات، والذين لا نحيك الألاعيب والمؤمرات، والذين لا نخبئ السلاح في بيوتنا، والذين لا ننوي أن نحصد ثروة ضخمة، ولا أن نزوّر الحقائق أو نخون التاريخ. هذا جوّ المسلسلات، ولا تعميم على الإطلاق.

كأن خيال معظم المسلسلات الرمضانية، ومنذ سنوات، بدأ يفرض خيالا عربيّا جماعيّا عنيفا، شريرا، متكلّفا، فيه الكثير من البشاعة، والنفور، فيه الكثير من المؤامرات وحب السلطة والقتل والمال، خيالا بعيدا عنّا. نحن الأفراد العاديين الذين، وعند عودتنا الى البيت بعد نهار متعب طويل، ننوي أن نتمدّد على أريكة مريحة، وأن نشاهد ذواتنا من خلف الشاشة. ذواتنا التي تستيقظ عند الصباح الباكر وتتهيأ الى العمل بابتسامة في بعض الأحيان، أو باشمئزاز في أحيان أخرى، أو تتهيأ لترتيب المنزل، أو لاتصال بحبيب، أو لزيارة صديق، أو لكتابة مقال، أو لتحقيق انجاز اقتصاديّ أو طبّي. ذاوتنا التي تحبّ البحث في المحال التجارية عن ازهار اصطناعية ملّونة، أو التي تعاني في بعض الأحيان قلقاً أو اكتئاباً، أو التي تطرح في أحيان أخرى تساؤلات وجودية تحاكي بها الله، ذواتنا التي ترتبط بعائلة وبوطن، وتقرأ المعطيات وتحاول أن تواكب ما يجري في البلدان الأخرى، وأن تلتزم بقضية أو أن تسخر من قضايا أخرى. ذواتنا التي تنجب الأطفال، وتحب وتكره، والتي ان قررت أن تخون، تلجأ الى صديق أو صديقة وتفصح الأمر وترتبك وتحاول الهروب. ذواتنا البسيطة، التي تحلم، وترسم أحلاما مضيئة، والتي تنسج بعض المناكفات الصغيرة مع الأصدقاء، أو تجادل بعض الزملاء. وان كانت هذه الحيوات بسيطة، وقد يراها صنّاع المسلسلات ومنتجوها لا تصلح لعمل "بطولي" و"جماهيرّي" غير انها تشكل، بفضل ابداع الكتاب والمنتجين، مادة دسمة لمسلسلات دافئة، عميقة، مريحة، تنهل من واقع الحياة وحقيقتها، تثير خيالا جميلا يشبهنا، يجمّل واقعنا بدل أن يشوّهه، يجعلنا نحب ذواتنا أكثر، يجعلنا نثق بالحياة أكثر، يجعلنا ننتظر تلك اللحظة التي نعود فيها الى البيت ونتمدّد على اريكة مريحة، وننتظر مسلسلا دافئا، فيه حوارات بسيطة تعالج قصصنا وحكايانا، فيه مشاهد جميلة يأنس لها النظر، فيه ما يشبهنا نحن الذين نخاف على خيالاتنا وعلى خيالات أولادنا من مشاهد العنف والقتل والخيانة والمؤامرة...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم