السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

لائحة بيئية سوداء...

المصدر: "النهار"
ندى أيوب
لائحة بيئية سوداء...
لائحة بيئية سوداء...
A+ A-

من تلوّث #نهر_الليطاني، إلى النفايات المنتشرة في أكثر من ألف مكب عشوائي، مروراً بتلوّث مياه البحر لغير سبب، وصولاً إلى البناء العشوائي، لائحة سوداء تطول لتتضمن أزماتٍ بيئية لا تُعدّ ولا تحصى، باتت معها المشكلة البيئية في طليعة المشكلات التي يعانيها #لبنان، ومعها تنحدر بيئة "لبنان الأخضر" من سيئ إلى أسوأ في ظل معالجات معتمدة جميعها دون المستوى المطلوب لافتقادها إلى الرؤية الاستراتيجية المستدامة. واقعٌ يفرض، بحسب الخبراء المعنيين، إعلان حالة طوارئ بيئية، لما له من تأثير على طبيعة لبنان وشعبه، يبدأ بالأمراض الجرثومية ولا ينتهي بالأمراض السرطانية.

الصرخة اليوم وجُبَ إطلاقها في وجه الطاقم السياسي برمّته الذي أغرق اللبنانيين بوعود انتخابية كان الملف البيئي حاضراً بقوة فيها، وتحديداً اليوم، وهو يخوض معركة تأليف الحكومة وتقاسم وزارات من واجبها وضع خطة بيئية استراتيجية والعمل على تطبيقها بجدية.


تدهور بيئي على مختلف المستويات نتيجة أزمات كثيرة تفاقمت لعدم علاجها بالطرق الجذرية، فولّدت مخاطر تُحدق بالموارد الطبيعية من هواء ومياه وتربة وتنوع بيولوجي.

من أهم تلك الأزمات وأكثرها أذىً، المياه الملوثة في نهر الليطاني، فمنه تُروى مناطق زراعية شاسعة، وتصل مياهه الملوثة إلى مياه الشفة الخاصة ببيروت والجنوب. مياه ومنتوجات زراعية مسرطنة يستهلكها اللبنانيون. المشكلة في تفاقم مستمر، لكون المعنيين لم يردعوا المتعدين على النهر، وانحصرت تحركاتهم في إطار التنظيف بدلاً من تطبيق خطةِ حلٍّ جذريةٍ وضعتها الوزارات المعنية من بيئة وطاقة ومياه، كما يرى مختصون.

من النهر إلى البحر، "بحر لبنان بمعظم شواطئه أصبح غير قابلٍ للسباحة، نظراً لارتفاع نسبة البكتيريا في مياهه". البحر تحول إلى مكبٍ لطمر النفايات، كما هي الحال في الكوستابرافا وبرج حمود، ومجروراً للصرف الصحي على طول الشاطئ البحري. والمفاجئ أن الحكومة اللبنانية قررت توسيع مطمرَي برج حمود والكوستابرافا لـ"مزيد من التلوّث".

 بالطبع لا يصح الحديث عن أزمات بيئية من دون ذكر #أزمة_النفايات التي اجتاحت لبنان بكافة مناطقه، وكانت كفيلة بتحريك الشارع اللبناني عام 2015 في وجه حكومة الرئيس تمام سلام آنذاك. ومنذ ذلك الحين إلى اليوم وفصول الأزمة تتوالى، وكان آخرها الحديث عن اللجوء إلى خيار المحارق للتخلص من النفايات وتوليد الطاقة منها. وعلى هذه الخطة تعلّق  رئيسة حزب "الخضر" ندى زعرور لـ"النهار" قائلة: "صحيح أن المحارق تُعتمَد في بعض الدول الغربية، لكن اعتمادها يترافق مع قياس يومي لمؤشرات تلوّث الهواء، لأنهم حريصون على عدم تسرّب الانبعاثات السامّة. فمن يضمن أن فحص تلوّث الهواء سيطبق في لبنان، خصوصاً أننا لا نملك تلك التقنية!". أكثر من ألف مكب عشوائي تتوزّع على امتداد الأراضي اللبنانية، نجدها بين البيوت والمدارس وعلى جوانب الطرقات، وتأثيراتها تنقسم إلى نوعين: الذباب الذي ينقل الأمراض إلى الإنسان، وانبعاث غازات سامّة منها والدولة غائبة.

من جبال النفايات إلى جبال لبنان الخضراء التي تآكلت بهمّة أصحاب الكسّارات والمرامل، يستمر التدهور البيئي. هي واحدة من أهم الأزمات البيئية وتفاقمها،  والأمر "نتيجة سلطةٍ يمارسها أصحاب الكسارات على أصحاب النفوذ من بلديات ورؤساء وقائمقامين. فلا ضوابط ولا رقابة على عملهم". وتسلّط زعرور الضوء على "كسارات السلسلة الغربية التي تهدد الغطاء الحرجي للمنطقة، وأصحابها المتواطئون مع الدولة التي لم تلزمهم بنقل كساراتهم إلى السلسلة الشرقية حيث لا وجود لغطاء حرجي تهدده هناك. كما أنها لم تفرض عليهم اخلاء موقع الكسارة بعد سنوات على استثماره، علماً أن القانون يفرض ذلك، إلى جانب دفع مبلغٍ من المال لوزارة البيئية لتعيد الموقع الطبيعي كما كان عبر تجليله وزرعه". 

تلوّث الهواء في بيروت والغيمة السوداء القابعة دائماً في سماء العاصمة لا يمكن التغاضي عنهما عند الحديث عن ملف البيئة. وهنا تلفت زعرور إلى "مافيا" مولدات الكهرباء المسرطنة المنتشرة في الأحياء السكنية سائلةً "ماذا يمنع الدولة اللبنانية من فرض استخدام "فلتر" هواء لكل مولّد؟".


يرفع رئيس "الحركة البيئية اللبناينة" بول أبي راشد الصوت عالياً، مريداً لصرخته أن تصل إلى مسامع أصحاب القرار في الدولة اللبنانية، وكآخر حلٍ يقترح إعلان حالةِ طوارئ بيئية يعلنها رئيس الجمهورية تُجَمّدُ خلالها المشاريع الكبرى ويُحَدّثُ المخطط الشامل لتصنيف الأراضي". 

الفساد إذاً يقضي على طبيعة لبنان إلى حد سيصل معه البلد إلى بلد غير قابل للعيش. فساد يتجلى برأي أبي راشد في البناء العشوائي والسدود العشوائية إضافة إلى الأزمات السالف ذكرها. يتربع البناء العشوائي كإحدى أهم الأزمات، وعبره يتم التعدي على الأحراش والأراضي الزراعية التي تخفي شيئاً فشيئاً شواطئ البحر والآثار. يضرب كل مفاهيم الجمال في لبنان، وبالتالي يضرب اقتصادنا القائم بنسبة كبيرة على السياحة. سؤال يُطرح: "لماذا لم يطبق المخطط الشامل لترتيب الأراضي الصادر بمرسوم عن مجلس الوزراء عام 2009. وهو مخطط يصنف الأراضي بين زراعية وصالحة للبناء ويحمي الطبيعة؟".

أما عن السدود العشوائية التي لطالما خيضت من أجلها المعارك كسد جنة، وبلعة، وبقعاتا والمسيلحة، ستزيل ملايين الأمتار المربعة من الأشجار. يصف أبي راشد هذه السدود بـ"وصمة عار" في حال شُيِّدَت في مناطقٍ خضراء وطبيعتها لا تسمح بتجميع المياه، إضافة إلى وجود مصدرٍ آخر للمياه.

الخاسر الأكبر هو المواطن المهدّد بالإصابة بأمراض جرثومية وجلدية وسرطانية. نسب تلوث وكوارث صحية لا تحرّك أحداً. فإلى متى؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم