الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هكذا احبط انقلاب "العصابة" ضد غورباتشيوف

المصدر: "النهار"
Bookmark
هكذا احبط انقلاب "العصابة" ضد غورباتشيوف
هكذا احبط انقلاب "العصابة" ضد غورباتشيوف
A+ A-
من الشرق الاوسط الى موسكو، انتقل الاهتمام الاميركي في آب 1991، ويروي وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بايكر، في مذكراته التي تنشرها "النهار" و"الشرق الاوسط"، قصة الانقلاب الفاشل في موسكو ضد غورباتشيوف، والقلق الذي انتاب الادارة الاميركية في تلك الاثناء والموقف المبدئي الذي اتخذته هذه الادارة بجانب غورباتشيوف وحكومته مما سهل احباط خطة "العصابة". وهذا هو الجزء الاول من الفصل الثامن والعشرين من الحلقة الخامسة والثلاثين: الامبراطورية تهتز "اذا اطعمت الناس شعارات ثورية استمعوا اليك اليوم وغدا وبعد غد، واما في اليوم الرابع فسيقولون لك: "اذهب الى الجحيم" نيكيتا خروتشوف على رغم انني تكساسي، ابا عن جد، فان ولاية اخرى هي ولاية وايومنغ، نافست تكساس على الاستحواذ على محبتي واعجابي منذ كنت في سن المراهقة، فمنذ ان لمحت جلال براري ثوروفير للمرة الاولى وذلك خلال رحلتي الاستطلاعية الاولى لصيد الايائل بصحبة والدي في عام 1944، تعلقت بوايومنغ بالمقدار الذي يمكن ان يتعلق به تكساسي اصيل بولاية اخرى. وبدءا من عام 1988 كنت اقضي هناك شطرا من شهر آب على الاقل، مسترخيا بالمقدار الذي يسمح لمسؤول من الطاقم الاول بأن يفعل، ومحاولا نسيان كل ما ينطوي عليه العالم من مشاكل وتعقيدات. كان هذا الوضع صحيحا عندما كنت وزيرا للخارجية على وجه التحديد. ذلك انه على رغم انني كنت اريد ترك اعباء العمل ورائي مرات عدة، فان هذه الاعباء كانت تسعى بنفسها الي. ولعل الامر كان ينطوي على مقدار اكبر من الصعوبة في مزرعتي الممتدة على السهوب الغربية لجبال ويند ريفر. لقد كنت استمتع بتلك الايام المعدودة في شهر آب حيث اتنقل من مكان الى آخر، عبر البراري، محاولا تعقب الموظ (حيوان معروف في اميركا الشمالية، شبيه بالايل) والغزلان والايائل، او اذهب الى الساقية لصيد سمك الترويت المحلي، او اتمدد متلذذا بأشعة الشمس الصيفية. وعندما اكون هناك، كنت احاول ان اعيش مع الارض مقدار ما استطيع، استيقظ في الفجر الباكر لرؤية الطيور البرية تبحث عن القوت، واعود عندما يهبط الليل بعد ان تغرب الشمس خلف القمم الشديدة الانحدار. هذا ما كنت افعله مساء 18 آب 1991. وكنت قد ذهبت الى الفراش مستغرقا في النوم، الساعة العاشرة و21 دقيقة، عندما رن جرس الهاتف. كان مركز العمليات التابع لوزارة الخارجية على الخط. وقد اراد ضابط المراقبة احاطتي علما باخبار ذلك اليوم المزعج الذي كانت فصوله تتابع في موسكو. فحسب بيان اذاعة موسكو في الساعة السادسة صباحا، وكذلك وكالة "تاس" للانباء، قام نائب الرئيس غينادي ياناييف بتسلم منصب رئيس الاتحاد السوفياتي: "نظرا الى عجز غورباتشيوف عن ممارسة واجباته لاسباب صحية". وقد تم تأليف "لجنة طوارىء على مستوى البلاد". وتتألف تلك اللجنة من ياناييف، وديمتري يازوف وزير الدفاع، وفلاديمير كريشكوف مدير الاستخبارات السوفياتية ال"كي.جي.بي،" وبوريس بوغو وزير الداخلية، وفالنتين بافلوف رئيس الوزراء، وثلاثة مسؤولين آخرين، اي ""عصابة الثمانية" كما اطلق عليها في ما بعد. اعلنت اللجنة حال الطوارىء التي اعتبرتها "موقتة". وقد مارست اعمالها "بهدف التغلب على الازمة العميقة والشاملة، المتمثلة بالصراعات السياسية والعرقية والاهلية، وكذلك الفوضى وانعدام النظام الذي يهدد الحياة والامن لمواطني الاتحاد السوفياتي، ولسيادته ووحدة اراضيه وحريته واستقلاله". واضافت عصابة الثمانية انها تريد "الحيلولة دون المجتمع والسقوط في كارثة وطنية، وضمان سيادة القانون والنظام". لم يكن لدينا غير هذه البيانات آنذاك. كنت اعلم ان غورباتشيوف ذهب الى شبه جزيرة القرم لقضاء اجازته. ولكنه كان يفترض ان ينضم الى زعماء الجمهوريات في موسكو حيث يجري توقيع معاهدة للاتحاد يتخلى بموجبها المركز السوفياتي عن سلطاته للجمهوريات. كما كنت اعلم ان الكسندر ياكوفليف مساعد غورباتشيوف الرئيسي والاب الفكري للبيريسترويكا، استقال من الحزب الشيوعي يوم الجمعة الفائت محذرا من امكان حدوث انقلاب، ويبدو الآن انه كان نافذ البصيرة. وبينما اضطجعت على سريري، عاجزا عن النوم، عادت بي الذكريات الى التحذيرات التي سبق ان احطنا بها غورباتشيوف وبسميرتنيخ علما قبل شهرين بالضبط، حول احتمال حدوث انقلاب. اتصلت بالرئيس. كان يمضي اجازته في كينيبنكبورت، وقد تحدث للتو مع برنت سكوكروفت الذي كان يقطن في نزل هناك حيث رأى التقارير الاولى من محطة CNN. لم تكن هناك معلومات تتجاوز تلك التي احطنا علما بها. غير اننا قدرنا خطورة الموقف على الفور. فاقترح الرئيس ارسال بوب شتروس سفيرنا المعين حديثا في الاتحاد السوفياتي، الى موسكو دون ابطاء. لقد كان جيم كولنز القائم بالاعمال، واحدا من اقدر الديبلوماسيين في السلك. غير ان شتروس كان يتمتع بوضع سياسي مستمد من علاقة الصداقة التي تربطه بي وبالرئيس (بصرف النظر عن كونه من الحزب الديموقراطي). وما يقوله او يفعله قمين بأن يرسل مؤشرات قوية الى الطرف الآخر. وافقت الرئيس على ان الفكرة جيدة، ولكننا قررنا الانتظار بضع ساعات حتى نرى كيف ستتطور الاحداث في موسكو. سألت زوجتي، سوزان، بعدما اعدت السماعة الى مكانها: "ما الخبر؟". فاجبت: "يبدو انه سيحدث انقلاب في موسكو". قالت: "ها هي اجازة اخرى تضيع". كانت ازمة الخليج قد بدأت في آب الماضي. فاجبت مطمئنا: "لا تقلقي يا حبيبتي، سأعود الى هنا في اسرع وقت". واضفت مدفوعا بالامل والرغبة في التحدي اكثر من اي شيء آخر: "لن يكون الامر على غرار ما حدث في العام الماضي". لقد شعرت آنذاك بانه سيكون من الصعب على القوى الرجعية في الاتحاد السوفياتي ان تعيد جني الحرية الى داخل القمقم. فالاصلاح قطع شوطا بعيدا. غير انني، يجب ان اعترف، كنت متوترا من الناحية العاطفية. كنت قلقا على ادوارد شيفاردنادزه على وجه الخصوص. صحيح انه استقال من حكومة غورباتشيوف ولكنه ما زال رمزا حيا من رموز البيريسترويكا في الاتحاد السوفياتي وفي الغرب. وشعرت انه لا بد ان يقبض عليه. والله وحده يعلم ماذا سيحدث له بعد ذلك. فهذا هو الاتحاد السوفياتي ... فضلا عن ان عصابة الثمانية هددت باتخاذ: "اجراءات حاسمة". لقد كنت قلقا من حدوث طبعة عام 1991 من الثورة البولشفية، وذلك تحت ستار "لجنة الطوارىء". الانقلاب: اليوم الاول في الساعة الاولى و54 دقيقة من يوم الاثنين 19 آب، اتصلت بمركز العمليات للحصول على اول عرض معلوماتي لذلك اليوم. كان راديو موسكو والتلفزيون السوفياتي يبثان موسيقى كلاسيكية، وهذا مؤشر يدل على وجود اضطراب سياسي. كما ان حاملات الجند والدبابات شوهدت في بعض شوارع موسكو. وفي ليتوانيا احتلت القوات السوفياتية محطة التلفزيون. وعلى رغم ان هذه النشاطات كانت تثير القلق فان الانقلاب كان ينفذ على نحو جزافي بعض الشيء. فكرت: كان كان من المفروض ان يكونوا قد القوا القبض على يلتسين والديموقراطيين، وان...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم