الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أيّ صعوبات أمام حماية أوروبّا مصالحها التجارية مع إيران؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
أيّ صعوبات أمام حماية أوروبّا مصالحها التجارية مع إيران؟
أيّ صعوبات أمام حماية أوروبّا مصالحها التجارية مع إيران؟
A+ A-

يرى البعض أنّ #بريطانيا و #فرنسا و #ألمانيا لا تنظر إلى الاتّفاق النووي إلّا عبر عدسة العلاقات التجاريّة مع إيران. البروفسور في القانون سانديب غوبالان كتب في صحيفة "ذا هيل" الأميركيّة أنّ الأوروبّيّين حريصون على الاتّفاق لا لأنّهم مهتمّون بالسلام العالمي بل لأنّهم ينطلقون من "المصلحة الذاتيّة". بالنسبة إليه، هذه المصلحة الذاتيّة "تُترجَم بالدولارات: تجارة قيّمة مع إيران". وأضاف أنّ الاتّحاد الأوروبّي كان أكبر شريك تجاريّ لإيران قبل فرض العقوبات ولديه مصلحة واضحة في استعادة هذا الدور.


تشكيك بالرغم من كثافة الجهود

بغضّ النظر عن هذه الرؤية، يبقى أنّ للأوروبّيّين دوراً يمكن أن يكون الأكبر في مسار الحفاظ على الاتّفاق النوويّ. فقبل إعلان موقفه النهائيّ، حاول الأوروبّيّون تغيير رأي الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب تجاه الاتّفاق. وسافر الرئيس الفرنسيّ إيمّانويل #ماكرون والمستشارة الألمانيّة أنجيلا #ميركل ووزير الخارجيّة البريطانيّ بوريس #جونسون إلى واشنطن. وبالرغم من أنّ هذه الزيارات باءت بالفشل، أظهر التحرّك الديبلوماسيّ الأوروبّي لاحقاً تصميماً أوضح على إنقاذ الاتّفاق بشتى الطرق. فقد توجّه ماكرون إلى روسيا، وميركل إلى الصين من أجل التشاور حول الهدف نفسه كما تواصلت منسّقة الشؤون الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبّي فيديريكا موغيريني مع عدد من المسؤولين من بينهم مؤخراً وزيرا الخارجيّة الصينيّ وانغ يي واليابانيّ تارو كونو. ومع ذلك، برز تشكيك إيرانيّ على أعلى المستويات بقدرة الأوروبّيّين على إنقاذ الاتّفاق وتأمين المصالح الاقتصاديّة لطهران.

فقد عبّر المرشد الأعلى للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران علي خامنئي عن عدم ثقته بالأوروبّيّين، مغرّداً منذ تسعة أيّام أنّ الولايات المتّحدة خرقت الاتّفاق النوويّ عدّة مرّات على مدى سنتين "بينما بقي الأوروبّيّون صامتين". وأضاف: "يجب على هذه الدول الأوروبّيّة الثلاث أن تثبت أنّها لن تكون غير نزيهة وغير جديرة بالثقة كما كانت خلال المحادثات النوويّة في 2004-2005. تحتاج أوروبّا إلى تعويض ذلك". كما تحدّث عن وجوب ضمان المصارف الأوروبّيّة التعاملات التجارية مع الجمهوريّة الإسلاميّة. وتابع: "ليس لدينا خلافات مع هذه الدول الثلاث. ولكن أيضاً، لا نثق بهم بسبب أفعالهم السابقة".


شرطيّ العالم الاقتصاديّ

في سياق مشابه، يكفي سماع تساؤل وزير المال الفرنسيّ برونو لومير منذ عشرة أيّام للتأكّد من الصعوبات التي يواجهها هؤلاء أثناء سعيهم للإبقاء على الاتّفاق: "هل سنسمح للولايات المتّحدة أن تكون الشرطيّ الاقتصاديّ للعالم؟ الجواب هو لا". غير أنّ التحدّي الأبرز في هذا السياق، يكمن في قدرة مجموعة الثلاث على ضمان العلاقات التجاريّة والاستثماريّة مع الإيرانيّين.

إلى الآن، يبدو التقدّم الأوروبّي في الملفّ الماليّ والاقتصاديّ بطيئاً. في حديث مع شبكة "لا شين إنفو" الفرنسيّة، قال وزير الخارجيّة الفرنسيّ جان إيف لودريان يوم أمس الخميس: "لقد أحرزنا تقدّماً في نقطة واحدة، وهي تطبيق قانون أوروبّيّ يعود إلى سنة 1996 وقد قمنا بتحديثه ويسمح لنا بحماية شركاتنا ضدّ الضغط الأميركيّ". وأضاف: "لكنّ هذا غير كافٍ". وبحسب وكالة "رويترز" تحدّث لودريان أيضاً عن أنّه لا تزال هنالك حاجة لخلق آليّات ماليّة بعيدة عن الدولار، تعتمد اليورو وعملات أخرى لمساعدة الشركات التي تتعامل مع إيران ولمساعدة طهران على تصدير نفطها.

يُحتمل أن يشكّل هذا البطء الدافع الأساسيّ لإيران كي تبدأ البحث عن بديل للفرنسيّين في بعض الاستثمارات. فمنذ يومين، أشار وزير النفط الإيرانيّ بيجن زنكنة إلى أنّ أمام شركة "توتال" الفرنسيّة ستّين يوماً للتفاوض مع الولايات المتّحدة كي تحصل على إعفاء للعمل في المرحلة الحادية عشرة من حقل بارس النفطيّ. وأوضح أنّ الشركة ستبقي أنشطتها في إيران لو تمكّنت من الحصول على هذا الإعفاء، وإلّا فستحلّ شركة النفط الوطنيّة الصينيّة مكانها لإنجاز المشروع. واليوم الجمعة، قال رئيس مجلس إدارة الشركة باتريك بوياني أمام مجموعة من المساهمين إنّ احتمالات إعفاء "توتال" من العقوبات "ضئيلة جدّاً" بحسب وكالة "أ ف ب". وأعلنت شركة شركة "لوك أويل" الروسيّة منذ يومين تعليق نشاطاتها في إيران.


إجراءات ماليّة محدودة؟

يذكر موقع "ستوك نيوز كولر" أنّ مصرف "بي بي إي فرانس" المملوك من الدولة أعلن عن خطّة بقيمة تقارب 1.5 مليار يورو لضمان صادرات الخدمات والسلع الفرنسيّة إلى مستورديها الإيرانيّين الذين يدفعون قيمتها بالعملة الأوروبّيّة. وفي كانون الثاني وقّعت روما وطهران على إطار اتّفاق ائتمانيّ لتمويل استثمارات في إيران تصل إلى 5 مليارات يورو عبر شركة "إنفيتاليا" القابضة المملوكة من الدولة الإيطاليّة. لكنّ الموقع نفسه يشير إلى أنّ هذه الإجراءات قد تكون فعّالة على مستوى الأعمال الإيرانيّة والأوروبّيّة الصغيرة الحجم، وبالتالي من غير المرجّح أن تؤثّر على الشركات العملاقة المتعدّدة الجنسيّات التي لها مصالح وتعاملات ضخمة مع الأميركيّين. وأضاف أنّ من بين كبار الخاسرين المرجّحين شركة "إيرباص" الفرنسيّة الضخمة التي حجزت طلبات من إيران لمئة طائرة بقيمة 20.8 مليار دولار.

كتب المساعد السابق للأمين العام للأمم المتّحدة راميش ثاكور في مؤسسة الرأي الأستراليّة "ذا استراتيجيست" أنّ لواشنطن "دوراً مركزيّاً" في النظام الماليّ العالميّ، لا تستطيع حتى الصين أن تقلّص من حجمه. وهذا يظهر حجم الصراع الحقيقيّ الذي سيخوضه الأوروبّيّون للحفاظ على مصالحهم المشتركة مع إيران.












الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم