الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المصريون يترقبون موجة جديدة من زيادة الأسعار... مناخ خصب للشائعات

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
المصريون يترقبون موجة جديدة من زيادة الأسعار... مناخ خصب للشائعات
المصريون يترقبون موجة جديدة من زيادة الأسعار... مناخ خصب للشائعات
A+ A-

 ومنذ 2014 شهدت مصر زيادات متتالية في الأسعار بعد عزم السلطات على إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية. وحصلت قفزة كبيرة في الأسعار بعدما حرر سعر صرف العملات الأجنبية في نهايات 2016، وصعد الدولار على إثرها من 8.8 جنيهات إلى نحو 18 جنيهاً، وانخفضت القيمة الفعلية لدخل معظم المواطنين بنسبة تصل إلى 50%. 

وتقول الحكومة المصرية إنها تضطر لاتخاذ خطوات إصلاحية قاسية لإنقاذ الأوضاع المتردية للاقتصاد المحلي الذي شهد تراجعاً كبيراً منذ ثورة 25 كانون الثاني 2011. واتخذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منذ توليه السلطة في العام 2014 سلسلة من الإجراءات شملت رفع الدعم عن المحروقات والطاقة، وتعويم الجنيه. وتثني مؤسسات اقتصادية دولية، إضافة إلى مسؤولين غربيين على تلك الإجراءات الإصلاحية التي لا تحظى بقبول شعبي.

علاج حاسم

يقول رشاد عبده، رئيس "المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية" لـ"النهار" إن "أكثر الأدوية فاعلية هي أكثرها مرارة. والدولة قررت معالجة وضعها الاقتصادي بشكل حاسم، والمواطنون يستشعرون بمرارة هذا العلاج، وما يجعل الأمر أكثر صعوبة هو أن مصر تعتمد على الاستيراد لتلبية معظم حاجاتها، لهذا حين ارتفع سعر الدولار بعد قرار تعويم سعر الصرف، وتجاوز 19 جنيهاً في بعض المراحل، ارتفعت أسعار السلع والخدمات، وشعر المواطن بضغط اقتصادي كبير".

ويؤكد الخبير الاقتصادي البارز أن الدولة حاولت تخفيف ضغط عملية الإصلاح على المواطنين بعدة طرق، منها على سبيل المثال توسيع قاعدة المستفيدين من (معاشات تكافل وكرامة)، لتشمل عددا أكبر من المواطنين، مع رفع قيمة هذه المعاشات، كما رفعت قيمة الدعم للفرد في البطاقة التموينية من 21 جنيهاً إلى 50 جنيهاً، وعملت على توفير السلع الأساسية بأسعار مخفوضة، وهذا لا يمنع أن الأسعار لم تنخفض، ويعود هذا بقدر ما إلى جشع بعض التجار، الذين يستغلون أي فرصة لرفع الأسعار بشكل غير مبرر".

 ومع هذا، فإن ثمة مؤشرات توضح تحسن الاقتصاد. فالبنك الدولي يقول إن الاقتصاد المصري بات واعداً، ومعدلات نموه ارتفعت إلى أكثر من 5% بعدما كانت لا تتجاوز 4% العام الماضي، والسياحة سوف تنشط خلال الفترة المقبلة، كما أن معدلات البطالة انخفضت من أكثر من 14% في عهد جماعة (الإخوان المسلمين)، إلى 10.6% مؤخراً .

شائعات وارتباك

ورغم تداول أرقام تشير إلى تحسن الاقتصاد، إلا أن أعباء الحياة اليومية على المواطنين، وعدم انعكاس هذه المؤشرات على حياته مباشرة، يجعله مستقبِلاً وناقلاً جيداً للشائعات. وخلال اليومين الماضيين انتشرت شائعات تروج أن الحكومة سوف ترفع أسعار البنزين والكهرباء خلال ساعات، فانتشرت كالنار في الهشيم، وحظيت بصدقية عالية لدى المواطنين الذين تناقلوها.

وما يعزز صدقية هذا النوع من الأخبار الكاذبة، ويجعلها تمر سريعا دون تدقيق، أن هناك ممارسات حكومية تعززها، فقد رفعت وزارة النقل، بصورة مفاجئة، مؤخراً، أسعار تذاكر مترو الأنفاق بالقاهرة، من سعر موحد وهو جنيهان للتذكرة، إلى ما بين 3 و7 جنيهات وفقا لعدد المحطات التي يستقلها الراكب في رحلة واحدة. وصدر القرار في المساء، وطبق على الفور في صباح اليوم التالي مما أحدث ارباكاً ملحوظا في المرفق الذي يستخدمه قرابة 3.5 ملايين راكب يوميا.



وأشارت الشائعات الأخيرة إلى أن نسبة الارتفاع قد تتراوح ما بين 30 و 55%. ونسب بعض وسائل الإعلام المحلية نبأ الزيادة الى مصادر مجهولة. ولم تترك هذه الشائعات أثرها على مواقع التواصل الاجتماعي التي اشتعلت بعد تداولها فحسب، ولكن كان لها وجودها الملحوظ على الأرض أيضا. وشهدت محطات البنزين إقبالا من المواطنين الذين هرعوا لتعبئة خزانات سياراتهم، تحسبا للزيادة التي أشيع خبر تنفيذها خلال ساعات.

وقال محمد وهو مسؤول بإحدى محطات الوقود في وسط القاهرة لـ"النهار": "لقد حدث إقبال مفاجئ، ولم نكن نعرف سببه في بداية الأمر، ولكن علمنا لاحقاً أن هناك أنباء متداولة عن رفع أسعار البنزين، وكنا نؤكد للزبائن أنه لم يرد أي قرار رسمي بذلك، فاحصلوا على ما تحتاجون اليه فحسب، ومع هذا كانوا يطلبون ملء خزاناتهم".

نفي رسمي

ونفى مسؤولون رسميون نية الدولة رفع أسعار المحروقات والكهرباء، مؤكدين أن الأمر ما زال في مرحلة الدراسة وسوف يعرض على مجلس الوزراء أولا ليقره قبل تطبيقه، وسوف يعلن ذلك من الجهات المعنية.

وقال حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، في تصريحات إعلامية إن "الوزارة تفاجأت بتداول أخبار عن رفع أسعار البنزين"، مؤكداً "أن رفع الأسعار مازال قيد الدراسة، وسوف يتم إعلانه بعد إقرار مجلس الوزراء له. وأن المستهدف هو الوصول بالأسعار إلى قيمة الكلفة لا الأسعار العالمية".

وأكد أيمن حمزة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، في تصريحات مماثلة، أن "ما تم تداوله بشأن نية الوزارة رفع أسعار الكهرباء غير صحيح"، لافتا إلى "أنه لم يتم تحديد الموعد النهائي لتحريك أسعار الطاقة. وزارة الكهرباء تنتظر انتهاء جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك من دراساته حول زيادة أسعار الكهرباء وإرسالها لمجلس الوزراء طبقاً للخطة الموضوعة منذ عام 2014 لسد الفجوة بين سعر البيع والكلفة".

ورغم هذا النفي الرسمي إلا أن نسبة غير قليلة من المواطنين لا يزالون مقتنعين بأنها "مسألة وقت"، و"بالونات اختبار"، وسوف يتم تطبيق الزيادة في وقت قريب، خاصة أن الحكومة تتحدث دائماً عن أنها مازالت تقدم السلع والخدمات بأقل من أسعار كلفتها الفعلية، وأقل بكثير من الأسعار العالمية.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات ساخرة، ومن أشهرها، "انفوغرافك" يتناول الخطوات (المفترضة) التي تتبعها الحكومة لتمرير قرارات زيادة الأسعار، والتي شملت إصدار خبر عبر إحدى الصحف المحسوبة على السلطة، ثم نفيه، ثم تنفيذه، ثم تبريره.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم