الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

العلمانية في فكر جوزف مغيزل

المصدر: "النهار"
Bookmark
العلمانية في فكر جوزف مغيزل
العلمانية في فكر جوزف مغيزل
A+ A-
اعترف ان صفة العقوق تنطبق عليّ، كما على كثيرين سواي. ذلك ان استشعارنا بدور مواطنينا ونبوغهم لا يتم، الا بعد ان تكون يد المنون خطفتهم منا. فتدفعنا الفاجعة جرّاء غيابهم، الى التخاطب واياهم، ولكن هذه المرة، عبر اسلاك الموت الباردة، لا عبر تيار الحياة النابض. لا بل ان البعض يتخذ من الفاجعة مناسبة لتكريم ذاته من خلال تكريمه الفقيد. بمعنى ان مضمون الخطاب الوجداني الذي يطلقه الشخص المعبّر عن تفجعه بفقد جوزف مغيزل، ينطوي على تعميم مفاصل خطاب المفجوع لا على تعميم خطاب الفقيد. فدفعا لتهمة "العقوق"، وانتصاراً لمنطلقات الرجل، عبر تغليب خطابه هو، لا خطاب السوى، سنحاول تقديم خطاطة سريعة لمرتكزات الفكر العلماني عنده، آملين ان تتحول هذه المرتكزات فلسفة حياة ومنهاج عمل لدى أولئك المؤمنين بعروبة لبنان وتطوره الديموقراطي ومستقبله العلماني. العلمانية، تحديدها العلمانية هي نظرة شاملة للعالم (المجتمع والانسان والفكر) تؤكد استقلالية العالم، بكل مقوماته وابعاده وقيمه وسلوكيته تجاه جميع المذاهب الدينية او اللادينية والفلسفات على انواعها، نظرة تتطلب الممارسة الفعلية ولا تكتفي بالافكار التجريدية المحض. وهي بنظر جوزف مغيزل حياد الدولة تجاه الدين. والحيادية تعني انه على الدولة عدم اعتماد فلسفة التبخيس او التثمين علاقتها بقضية الدين. ولذلك فان ما يتولد عن هذا التعريف هو الملاحظات الآتية: 1- لا تعني العلمانية، وفقاً لهذا المعنى، الالحاد، ولا هي رديف له، كما يتوهم ذلك الذهن الشعبي. ففي حين ان الظاهرة الالحادية تقوم اصلاً على نكران كل مبدأ متسام، متعال على المادة، تقف العلمانية بشأن المتساميات والمتعاليات (ومنها الله والدين) موقفاً لا يفصل فيها بسلب او ايجاب، تاركة للمؤمنين حرية ايمانهم وللملحدين حرية اختياراتهم. 2- لا يجوز ان يكون للدولة العلمانية دين رسمي تعتمده في دستورها ولا يجوز لها ان تنحاز الى دين دون آخر، او الى طائفة دون أخرى او ان تكون السلطة عبارة عن تحالف طوائف. 3- لا يجوز للدولة ان تتبنى فلسفة ميتافيزيقية بعينها حيال الدين والحياة والانسان. باعتبار ان الشأن الميتافيزيقي امر احتمالي لا يرقى الى اليقين، كما انه يختلف في ابعاده ومعانيه باختلاف منطلقات الاشخاص والجماعات، فضلاً عن ان هذا الامر لا يجب ان يدخل في نطاق اهتمامات الدولة اليومية. 4- من الضروري بمكان ان نفرق بين استعمالين لكلمتين، تعبر واحدة منهما فقط عن مفهوم العلمانية. فالعلمانية المشار اليها هنا، لا نقصد بها الLaicite بل الSecularite. ذلك ان الاستعمال الاول يقتصر على طائفة المسيحيين المؤمنين والذين هم خارج الكنيسة. من هنا نرى ان الرسائل البابوية توجه الى هؤلاء والى الملتحقين بالسلك الكنسي دون اية تفرقة تذكر. اما العلمانية، طبقاً للاستعمال الثاني، فتعني كل الجماعات، مسيحيين او غير مسيحيين،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم