الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الامتحانات الرسمية ومشكلة نظام التقييم

المصدر: "النهار"
نمر فريحه- الرئيس الأسبق للمركز التربوي للبحوث والإنماء
الامتحانات الرسمية ومشكلة نظام التقييم
الامتحانات الرسمية ومشكلة نظام التقييم
A+ A-

ما أن تشرف السنة الدراسية على نهايتها، حتى يتحول اهتمام التلامذة والأهالي إلى الامتحانات الرسمية التي يكثر الحديث عنها وعن نسب النجاح في كل شهادة، لكن مع قليل من الاهتمام بالنظام الذي يخضع له المتعلمون في امتحاناتهم. فمن المتعارف عليه أن أحد عناصر المنهاج الأربعة هو التقييم. لكن صدرت مناهج 1997 من دونه ما جعل المعلمين يستمرون في اعتماد نظام التقييم السابق المستند إلى اختبار قدرات المتعلم في تذكر المعلومات التي نُقلت إليه من الكتاب المدرسي.  

نظام للتقييم

وقد تم وضع نظام للتقييم عام 2000 يعتمد الكفايات التي يُتوقع من المتعلم اكتسابها، ويحاكي في الوقت نفسه غايات المناهج وأهدافها العامة والخاصة. لقد كانت الغاية من وضع هذا النظام المستند إلى الكفايات إكساب المتعلم المهارات الفكرية مثل التحليل والتطبيق والتوليف، وليس اختبار قدرته على التذكر فقط. ولتحقيق ذلك تم التركيز على تأهيل فريق من المدربين (ضمن مشروع البنك الدولي لتحسين التعليم الرسمي) لتدريب كل معلمي لبنان.

الكادر التدريبي

لكن إدارة المركز بعد عام 2002 تخلت عن دورها في تأمين هذا الكادر التدريبي، وعندما سادت تساؤلات في الوسط التربوي عن نظام التقييم الجديد و"غربة" المعلمين عنه، قام المسؤولون في المركز الذي كان يتخبط في عدم الرؤية وتضييع فرصة تطبيق مشروع البنك الدولي وتعديل المناهج إلى الاستعانة بخبراء أجانب، فوضع هؤلاء تقارير وقفلوا عائدين إلى ديارهم، بينما لم يصل تأثيرهم إلى المعلمين المولجين عملية التقييم برمتها، والذين في معظمهم، واستناداً إلى البحوث التي أجريت ونُشرت، لم يعتمدوا التقييم المبني على الكفايات في الامتحانات الشهرية والفصلية التي يجرونها لتلامذتهم في المدرسة.

وعندما شاء المركز استئناف الدورات التدريبية، أكتفى القيمون عليه لمدة ثلاثة عشر عاماً بإيكال الأمر إلى من لديه واسطة، وليس من لديه الكفاءة، حيث ركزت الدورات التدريبية على أمور بعيدة من إكساب المعلم تقنيات التقييم بالكفايات. وهكذا انتهى الأمر بعدم اكتساب المتدربين لمهارات تطبيق الكفايات في الاختبارات المدرسية، فاستمروا في التقييم استناداً إلى الحفظ والتذكر. وهذا أمر سهل بالنسبة إلى المعلم من حيث تحضير الامتحانات وتصحيحها، وهو أسهل لإدارة المركز كي لا تتم مساءلتها عن الدورات الفاشلة التي نفذتها بكلفة مادية عالية، وبدل أتعاب الخبراء الكبيرة.

ضجة إعلامية

وقد حصلت ضجة إعلامية السنة الماضية حول مدى التزام من يضع أسئلة الامتحانات الرسمية بنظام التقييم المعتمد رسمياً، لكن تبقى المشكلة أن المعلمين في أكثريتهم العظمى لا يتمتعون بالمهارات التي تتطلبها الكفايات وكيفية تطبيقها، لذلك لن يكون وضع الأسئلة ولا توزيع "الباريم" والتصحيح بالأمر السهل. والمشكلة الأكبر من ذلك هي عدم تعريف المتعلم على الكفايات ومجالاتها ليعرف كيف يتعامل مع عناصر أي سؤال تتضمنه المسابقة إذا كان قد بني بطريقة صحيحة استناداً إلى عناصر الكفاية. فالطالب الذي هو هدف العملية التربوية برمتها لا يعطى الاهتمام في بلدنا، ويتم التعامل معه وكأنه وسيلة لوجود المدرسة، واستجلاب المعلمين، وتوظيف الناس، وجني الأرباح. هذا هو الواقع على الرغم من ادعاء الأفراد والمؤسسات العكس. فمتى يتم تطبيق نظام تقييم متكامل يجاري أمثاله في المجتمعات المتطورة، ويستند إلى رؤية تربوية واضحة، ويأخذ بعين الاعتبار مصلحة المتعلم ؟

إنه سؤال برسم أصحاب القرار.

                                         


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم