"المجتمع المدني": نبوءة مستعجلة عن استفحال البنية الطائفية
خاضت أربع لوائح الانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية (طرابلس-الضنية-المنية)، وصنفت في نطاق المجتمع المدني. إلا أن اثنتان منها يصح تصنيفهما في إطار المجتمع المدني بصورة واضحة، هما "كلنا وطني" و"المجتمع المدني المستقل". أما اللائحتان الأخريان، "القرار المستقل" و"قرار الشعب"، فيمكن القول أنهما مطعمتان بين السياسي والمدني رغم أن الفصل بين الجانبين خطأ على المستوى الأكاديمي.
ما يبعث على القول بالمزيج بين السياسي والمدني هو تصدر وجهين سياسيين معروفين لهاتين اللائحتين، ف"القرار المستقل" تصدرها النائب السابق مصباح الأحدب، وشارك فيها أحد الوجوه المقربة من "الجماعة الإسلامية" وهو وسيم علوان. و"قرار الشعب" تصدرها كمال الخير. أما لماذا صنفتا "مدنيتان"، فلأنهما استوعبتا وجوها تعمل في المجال المدني الثقافي أو النقابي أو الشأن العام غير الانتخابي، أو أن منها من مضى زمن طويل على عدم ظهوره على الشاشة السياسية.
يمكن ذكر بعض العاملين في مجال المجتمع المدني، ففي لائحة "القرار المستقل" شاركت أسماء مثل الإعلامي أنطوان خليفة، مذيع ومقدم برامج في أكثر من محطة تلفزيونية، وناريمان الجمل صاحبة صالون أدبي باسمها، والآخرون لم يسبق لهم ظهور في المعارك السياسية-الانتخابية مثل منزه صوان، وعلي الصمد، وهشام ابراهيم وسواهم.
في لائحة قرار الشعب، شارك أحمد شندب النقابي في نقابة المحامين، وبعض الوجوه المخضرمة التي طرحت نفسها للعب دور في مراحل سابقة مثل نسطاس كوشاري في التسعينات، أو لعبت دورا في تنظيمات سياسية مثل محمود شحادة عبر الحزب العربي الديمقراطي قبل ال ٢٠٠٥. ومن أسمائها المعروفة على نطاق محلي ضيق علي هرموش، وخالد رومية، وطوني ماروني.
لائحة المجتمع المدني المستقل تصدرها المهندس جمال البدوي الذي أراد لعب دور جامع لمختلف وجوه التحركات المدنية التي جرت في فترات مختلفة في طرابلس على عناوين حياتية مطلبية، وكانت تحركات رمزية أي بمشاركة شعبية ضعيفة. وقوى المجتمع المدني كانت منضوية في تحركات الرابع عشر من آذار، رغم ذلك، لم تتمكن من التآلف في لائحة واحدة، وتشتتت أصواتها على لوائح أربع.
كل لوائح المجتمع المدني لم تكن مكتملة، (اللائحة المكتملة يفترض ان تضم ١١ اسم)، فلائحة "المجتمع المدني المستقل" ضمت سبعة أسماء وهي، إلى بدوي، السيدتان هبة نجا وسماح العرجة، وأربعة وجوه معروفة على نطاق محلي ضيق.
لائحة "كلنا وطني" ضمت عشرة أسماء ، ولم يتصدرها اسم معين، جزء من أسمائها معروفون مثل الاستاذ الجامعي محمد معاليقي، والنقابي في طب الأسنان واثق مقدم، والشاب الناشط يحيي مولود، وفرح عيسى التي خاضت المعركة الانتخابية البلدية الأخيرة، وحققت نتيجة جيدة لكنها لم تفز. ومالك مولوي التابع لحزب سبعة، كان من ناشطي اللائحة. الإعلامية الناشطة ناريمان شمعة، وموسى خوري مثلا حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" التي أسسها الوزير السابق شربل نحاس. بقية الأسماء معروفة في نطاقها الضيق.
اللوائح الأربعة لم تجمع مجتمعة حاصلا انتخابيا واحدا، وقد نالت لائحة القرارالمستقل (الأحدب) ٤١٤٨ صوت، وهي النتيجة الأعلى على مستوى اللوائح الأربعة، أكبر رقم فيها حققه المرشح المقرب من الجماعة الإسلامية وسيم علوان ب ٢٠٠٠ صوت، تلاه الأحدب ب٩٠٨ أصوات، وأصغر رقم فيها حققه عبد السلام طراد ب ٢٢ صوتا.
اللائحة التالية قوة هي لائحة "قرار الشعب" برئاسة كمال الخير، ونالت ٤١٢٢ صوت، حقق الخير منها ٢١٨٢ صوتا. والرقم الأصغر لنسطاس كوشاري ٦٢ صوتا.
اللائحة التي تأتي بعدها هي "كلنا وطني" حققت ٢٦٨٠ صوت، الأول فيها يحيي مولود ب ٩٠٩ أصوات، والأصغر أحمد الدهيبي ب ٦١ صوت.
لائحة "المجتمع المدني المستقل" التي كانت الأنظار موجهة إليها نظرا للدور الناشط لرئيسها بدوي، حققت رقما يمكن وصفه بالرمزي، وهو ٤٤٨ صوت، ٢٥٨ منها لبدوي، والرقم الأصغر لسماح العرجة ب ٥ أصوات فقط.