الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

امتعاض ديموقراطيّ من إسرائيل... أيّ دور لنتنياهو؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
امتعاض ديموقراطيّ من إسرائيل... أيّ دور لنتنياهو؟
امتعاض ديموقراطيّ من إسرائيل... أيّ دور لنتنياهو؟
A+ A-

لم يترك المرشّحون للرئاسة الأميركيّة مجالاً كبيراً للشك بدفاعهم عن تل أبيب بغضّ النظر عن اختلاف انتماءاتهم الحزبيّة وأيضاً بغضّ النظر عن اختلاف رؤيتهم لبعض المسائل. فكلينتون مثلاً رأت سنة 2011 أنّ النشاط الاستيطانيّ في الضفّة الغربيّة "غير شرعيّ" مذكّرة بأنّ ذلك كان موقف السياسة الأميركيّة لسنوات. وكرّرت موقفها نفسه في عدد آخر من المناسبات. لكن في جميع الأحوال، بات مدى الالتزام بالدفاع عن المصالح الإسرائيليّة جزءاً من الانقسام السياسيّ الحادّ الذي تشهده الساحة الداخليّة الأميركيّة اليوم.


الأرقام واضحة

في 23 كانون الثاني الماضي، نشر مركز "بيو" للأبحاث تقريراً أشار فيه إلى أنّ الاختلاف داخل الولايات المتّحدة حول التعاطف مع الإسرائيليّين أو الفلسطينيّين هو الأوسع منذ سنة 1978. ووجد أنّ هنالك 79% من الجمهوريّين يتعاطفون مع الإسرائيليّين أكثر ممّا يتعاطفون مع الفلسطينيّين، في مقابل 27% فقط لدى الديموقراطيّين. ومنذ سنة 2001، ارتفعت نسبة الجمهوريّين المتعاطفين مع الإسرائيليّين 29% بينما انخفضت النسبة لدى الديموقراطيّين ب 11%. وأضاف المركز نفسه أنّه بالإضافة إلى الانقسام الحزبيّ حول هذه النظرة، يبقى الديموقراطيّون والجمهوريّون منقسمين بعمق حول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فعدد الجمهوريّين الذين يحتفظون بانطباعات إيجابيّة حول الرجل يكاد يبلغ ثلاثة أضعاف رقم الديموقراطيّين المؤيّدين له: 52% مقابل 18%. وقالت نسبة 58% من الديموقراطيين إنّ حل الدولتين ممكن مقابل 40% لدى الجمهوريّين.


ردّ ديموقراطيّ على الأرقام

بعد هذا التقرير، سارع ديموقراطيّون إلى محاولة توضيح أنّ الديموقراطيّين لا يزالون مؤيّدين لتل أبيب بغضّ النظر عن تلك الأرقام. في الثالث من شباط، كتب النائب الديموقراطي السابق عن ولاية فلوريدا رون كلاين مقال رأي في صحيفة "ذا جيروزاليم بوست" شدّد فيه على أنّ إسرائيل تتمتّع ب "صديق ثابت" في الحزب الديموقراطيّ. ورأى أنّ نتيجة التقرير تستند إلى سؤال واحد حول "التعاطف". وهذا لا يعني بالضرورة أنّ من هو متعاطف مع الفلسطينيّين لا يدعم "بقوّة حقّ إسرائيل بالدفاع عن نفسها". وأضاف أنّه يمكن لأميركيّين أن ينتقدوا المسؤولين الإسرائيليّين كما ينتقدون المسؤولين الأميركيّين من دون أن يحتّم ذلك كرههم للولايات المتّحدة أو لإسرائيل. وذكّر أيضاً بأنّ 28 من أصل 30 ديموقراطيّاً في الكونغرس هم يهود، كما أنّ المشاعر المناهضة لإسرائيل داخل الساحة الأميركيّة تأتي من اليسار واليمين على حدّ سواء.


"غيّر الحساب للأبد"

يعترف النائب السابق أنّه يُنظر إلى نتنياهو في الولايات المتحدة كشخص منحاز لترامب، بما يمكن أن يؤثّر على موقف بعض الديموقراطيّين تجاه إسرائيل. لكنّ هذا العامل قد يصبح أساساً لموقف ديموقراطيّ أكثر سلبيّة تجاه نتنياهو وحكومته خصوصاً بعد المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها قوّاته بحقّ الفلسطينيّين خلال الاحتفال بنقل السفارة الأميركيّة إلى القدس. وهذا ما تطرّقت إليه الصحافيّة في "نيويورك تايمس" ميشال غولدبيرغ، ضمن مقالها يوم الاثنين.

فقد كتبت أنّه حتى ولو كان أي شخص يقف ضدّ حق عودة الفلسطينيّين، فهذا لا يعطي عذراً للجيش الإسرائيلي في "العنف غير المتكافئ" الذي استخدمه. وأضافت: "كلّما تشابكت الترامبية مع إسرائيل، نما الأميركيّون الذين يميلون لليسار بعيداً عن الصهيونيّة". ونقلت عن جيريمي بن عامي رئيس مجموعة مؤيّدة لإسرائيل قوله إنّه منذ حاول نتنياهو أن يتدخّل في خطاب أمام الكونغرس لينتقد باراك أوباما (آذار 2015)، شعر الديموقراطيّون بأنّهم استُفزّوا: "هذا غيرّ الحساب للأبد".



لم يكشف بن عامي سرّاً في ما قاله للصحيفة الأميركيّة. المرشّح الديموقراطيّ السابق إلى الانتخابات الرئاسيّة والذي خسر أمام كلينتون في الانتخابات التمهيديّة بيرني ساندرز كان واضحاً في انتقاده نتنياهو في تدخّله بالسياسات الأميركيّة. فقد أعلن ساندرز مقاطعته لإلقاء رئيس الوزراء الإسرائيليّ كلمة أمام تلك الجلسة المشتركة في الكونغرس التي تمّت بناء فقط على دعوة من رئيس مجلس النوّاب. وقال إنّ استضافة زعيم أجنبيّ من دون الحصول على موافقة الرئيس الأميركيّ هو "سابقة مروّعة" مشدّداً على أنّ نتنياهو "لا يملك الحقّ بإقحام نفسه في نقاش سياسيّ أميركيّ". كما ذكر أنّ كلمته هي محاولة لاستغلال الكونغرس من أجل حملته الانتخابية الخاصّة. وقد قاطع تلك الجلسة أكثر من 55 عضواً ديموقراطيّاً من بينهم نائب الرئيس جو بايدن علماً أنّ قسماً منهم أعلن أنّه يوجّه بمقاطعته رسالة ضدّ رئيس مجلس النوّاب الأميركيّ.


موقف جيل أميركيّ صاعد

إنّ اعتراف الديموقراطيّين أنفسهم بتشكيل نتنياهو نقطة تجاذب داخليّ أميركيّ قد يفسّر سبب وجود ملامح امتعاض ديموقراطيّ من أفعال رئيس الحكومة الإسرائيليّة، على الرغم من أنّ ذلك قد لا ينعكس مباشرة على توجّهات كبار صانعي القرار في الحزب تجاه إسرائيل. لكن يبقى لافتاً ما خلصت إليه غولدبيرغ في مقالها:

"ترامب عزّز أسوأ ما في إسرائيل، وطالما أنّه رئيس، قد يكون ممكناً لإسرائيل أن تقتل الفلسطينيّين، تردم منازلهم وتصادر أراضيهم من دون محاسبة. لكن في يوم ما، سيكون ترامب قد رحل ... قد يرى جيل صاعد من الأميركيّين دولة تمييز عنصريّ مع ساحة لترامب في عاصمتها ويتساءل لماذا من المفترض أن تكون صديقتنا".





















الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم