الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الشرخ بين ضفتَي الأطلسي يتسع وألمانيا تطلب ودّ روسيا

موسى عاصي
الشرخ بين ضفتَي الأطلسي يتسع وألمانيا تطلب ودّ روسيا
الشرخ بين ضفتَي الأطلسي يتسع وألمانيا تطلب ودّ روسيا
A+ A-

"عندما يكون لك صديق مثل ترامب، فانت لست في حاجة الى اعداء"، هذه العبارة التي اطلقها رئيس المجلس الاوروبي دونالد تاسك في حضور زعماء الاتحاد الاوروبي في قمة صوفيا أمس، تعبر بشكل لا لبس فيه عن استياء وتوتر لدى الاوروبيين جراء سياسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب. 

 والأمر هنا لا يتعلق فقط بانسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ايران وتداعيات ذلك على الشركات الاوروبية التي وقعت عقوداً طويلة الأمد مع ايران، انما تذهب المسألة أبعد من ذلك بكثير مع اقتراب موعد اتخاذ الادارة الاميركية (نهاية الشهر الجاري) قرارها في شأن رفع الضرائب على استيراد السلع وخصوصاً الصلب من اوروبا.

ويحاول توسك في موقفه هذا ان يستدرك تداعيات مباشرة للسياسة الاميركية على العلاقات بين الدول الاوروبية نفسها، وتتماشى لهجته العالية مع الموقف القوي الذي صدر عن المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل في اليوم الثاني لانسحاب ترامب من الاتفاق، اذ قالت: "ان أوروبا لم تعد تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتها"، وهو موقف متقدم جداً عن مواقف الدول الاوروبية الأخرى ولا سيما منها دول أوروبا الشرقية الأقرب من الولايات المتحدة.

وفي قمة صوفيا، ناقش الاوروبيون مصير الاتفاق النووي وسبل ترجمة ما اتفق عليه في اجتماع الثلثاء في بروكسيل بين وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والمانيا وايران، حيث كانت الاجواء ايجابية كما أفاد الجانب الايراني، وأمكن التوصل الى تفاهمات "من دون ضمانات" لمواصلة تطبيق الاتفاق النووي.

 ويبدو ان الاتفاق، كما اعلن في بروكسيل، قد نص على ايجاد صيغة تُستبدل فيها العملة الاميركية بالأورو للتبادل التجاري مع ايران مع نية الاوروبيين "تشكيل هيئة مراقبة" خاصة بهم من أجل مراقبة مجالات صرف التحويلات الاوروبية الى ايران والتأكد من انها لا تذهب الى المجالات العسكرية أو دعم حلفائها في المنطقة.

لكن الزعماء الاوروبيين يتعرضون لضغوط كبيرة من الشركات الكبرى التي وقعت عقودا مع ايران. وتطالب هذه الشركات هؤلاء بضمانات أكيدة لعدم تعرضها للعقوبات الاميركية عندما تبدأ الولايات المتحدة بفرضها بعد ستة اشهر. ويبدو أن الاجتماع الذي عقده الثلثاء 60 من رؤساء مجالس ادارة شركات فرنسية ووزيري الخارجية والاقتصاد الفرنسيين جان- ايف لودريان وبرونولو مير، لم يشعر الشركات الفرنسية بالكثير من الاطمئنان، فأعلنت شركة "توتال"، وهي الشركة التي وقعت عقودا ضخمة لانتاج الغاز في ايران، انها ستوقف التعاون مع ايران اذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية عليها.

وتجاوز أوروبا مرحلة حرجة، وتبدو خياراتها محدوة جداً بعدما وضعتها سياسة ترامب أمام الحائط، وبات من الصعوبة التراجع عن التزامها تطبيق الاتفاق النووي مع ايران استجابة لطلب الرئيس الاميركي، لأن ذلك سيعكس ضعفاً امام الرأي العام الاوروبي الذي يعبر عن رفضه للسياسة الاميركية، اذ اظهر استطلاع للرأي في فرنسا ان 87 في المئة من الفرنسيين يعتبرون سياسة ترامب مهددة للأمن الدولي، في حين عبر 55 في المئة عن استيائهم من علاقة رئيسهم امانويل ماكرون بالرئيس الاميركي.

وعلى هذا الاساس، يحاول بعض الاوروبيين اللعب على الوتر الروسي من خلال التقرب من موسكو. وسبقت المانيا غيرها في طلب ودّ روسيا، على رغم العلاقات المتوترة بينهما على خلفية الازمة الاوكرانية وضم روسيا شبه جزيرة القرم. ومن المقرر ان تزور ميركل غدا المنتجع السياحي في سوتشي للقاء الرئيس الروسي فلاديمر بوتين وسيناقش الطرفان مسألتي الاتفاق النووي والازمة الاوكرانية. وبثت شبكة الاذاعة والتلفزيون الالمانية "دويتشه فيلي" ان "تقارباً بين المانيا وروسيا يمكن ان يتحول نتيجة لم تكن متوقعة لقرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم