الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الأزهر يرفض "الفن الهابط" ...هل تحكم القاهرة قبضتها على الدراما مجددا؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
الأزهر يرفض "الفن الهابط" ...هل تحكم القاهرة قبضتها على الدراما مجددا؟
الأزهر يرفض "الفن الهابط" ...هل تحكم القاهرة قبضتها على الدراما مجددا؟
A+ A-

وفوجئ الجمهور مؤخراً باستبعاد مسلسلين من خريطة البرامج الرمضانية لشبكة قنوات On E، وحدثت ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية هذا القرار. والمسلسلان هما "لدينا أقوال أخرى" للفنانة يسرا، و"أرض النفاق" بطولة الفنان محمد هنيدي، وكلاهما لم يتم تصوير حلقاته كلها، حتى الآن، رغم حلول شهر رمضان بمصر غداً الخميس، علماً أن بدء عرض حلقات من مسلسل تلفزيوني، مع استمرار تجهز بقية الحلقات، ظاهرة تكررت في العديد من الأعمال الفنية خلال السنوات الأخيرة، خاصة في الموسم الرمضاني المزدحم. 



وتساءل رئيس "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" في مداخلة هاتفية مع الإعلامي سيد علي، ببرنامج "حضرة المواطن"، أول من أمس، عن "مبررات تسجيل بعض المسلسلات، فيما تعرض على الشاشة في شهر رمضان، ولا تأخذ فرصتها في المراجعة قبل العرض"، مؤكدا أنه "ما دامت الدولة اختارت الغياب عن عملية الإنتاج، وتركت السوق سداح مداح للقطاع الخاص يفعل ما يريد دون أن تكون هناك موازنات حقيقية تجعل القطاع الخاص أكثر التزاماً بحقوق المجتمع، فلا يمكن للمجلس الأعلى ولا غيره القيام بشيء".

العودة للستينيات

ويقول طارق الشناوي، الناقد السينمائي لـ"النهار": "الأستاذ مكرم، مع كل تقديري واحترامي له، يعيش زمن الستينيات، حين كانت الدولة تستطيع السيطرة على كل شيء، وتقدم خطاباً إعلاميا ودراميا أحاديا، فقد كانت تمتلك السينما، والإذاعة والتلفزيون، وكانت الصحافة مؤممة، وكل الخيوط في قبضة واحدة، وهي يد الدولة، وأنا هنا لا أقيم زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فهذا أمر آخر. الأستاذ مكرم يعتقد أنه من الممكن أن تعود الخيوط مجددا في قبضة واحدة، وهذا مستحيل الآن".



ويضيف الناقد البارز: "العالم يتجه للحرية، والريموت كنترول، وهذا يعني أن التحكم أصبح بيد الناس، لا الدول. الدولة لا تحذف ولا تضيف. رب الأسرة يعلم أبناءه أن يختاروا ما يتوافق مع قيمهم. وأنا رأيي أن ما يحدث حاليا هو تبديد للوقت وللأموال. وأدعو أعضاء لجنة الدراما الأفاضل، إلى أن ينتجوا أعمالا درامية بدلا من فرض الرقابة عليها. المخرج يخرج، والكاتب يكتب، عوضا عن أن يخبروا نظرائهم بما يجب عليهم فعله".

وحول دور الأزهر في تحريض السلطة على فرض الرقابة على الأعمال، يقول الناقد السينمائي: "علاقة الأزهر بالفن علاقة صعبة جدا، فهو لا يتقبله. وحتى المهرجان الذي قاموا بإطلاقه مؤخرا (مهرجان الأزهر الأول للفن والإبداع) ، فرض حوله تعتيم مقصود، ويفترض أنه حين تطلق مهرجاناً كهذا تدعو الصحافيين، وتحفز على الكتابة عنه، وتقيم لجان تحكيم للأعمال، وتتنظم حوارا حوله، ولكن ما حدث أنهم قدموا شيئاً وكأنه ذر للرماد في العيون، من منطلق: أنتم تريدون فنا... ها نحن نقدم فنا"، لافتا إلى أن "لا يجب أن نسأل المؤسسة الدينية في الفن، ولا نورطها في أي حوار عن الفن، فهي لها محاذيرها، ولن يقبل رجال الدين مثلا أن تغني امرأة وتقول (بحبك) فهذا يخالف تصوراتهم الدينية".

خط واحد

ويرى محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع "إعلام دوت أورغ" أن هناك رغبة في أن تسير الدراما في اتجاه واحد. ويقول لـ"النهار": "هناك اقتناع لدى القائمين على تنظيم الإعلام، بأن المسلسلات التي تقدم صورة سلبية عن مصر، وبعضها بالفعل غير لائق فنيا، لها دور في تشويه صورة المجتمع، والمفروض من وجهة نظري أن تتم مواجهة هذا الامر من خلال إنتاج أعمال موازية، وهذا ما كان يحدث خلال العقود الماضية، وحتى بدايات الألفية الجديدة، حين بدأ الإنتاج الخاص، قدم كل منتج ما يراه مناسباً، فهو يريد أن يحقق أرباحاً".

ويضيف رئيس تحرير الموقع الإخباري المتخصص في متابعة الإعلام بمصر: "الرقابة في الماضي، كانت تفرض فقط على ما يتم عرضه في ماسبيرو (التلفزيون الرسمي)، لا في القنوات الخاصة، فكل منهم لديه رقابته الذاتية، ويعرض كما يشاء، والدليل على هذا أن بعض الأعمال كانت تعرض بنسختين، فمثلاً مسرحية العيال كبرت، تعرض بنسخة على القنوات الخاصة، تختلف عن نظيرتها التي تعرض في ماسبيرو".

ويشير عبد الرحمن إلى أن الحل قد يكمن في "أن يكون هناك نقاش بين الدولة والقنوات الخاصة حول كود أخلاقي للحفاظ على المجتمع، وتضع الدولة القواعد، ولا تستخدم مقص الرقيب في قصقصة الأعمال، لأن هذا الأسلوب يؤدي إلى إضعاف الدراما المصرية، ويجعل المنتجين يعملون وهم خائفون، وبالمناسبة هذا لا ينطبق على المسلسلين اللذين استبعدا لأسباب إنتاجية".

"بهذا نحن ندخل إلى مرحلة الدراما المنزوعة التشويق، ولن يشتريها أحد"، هذا ما يؤكده الكاتب الصحافي، مضيفاً: "نتذكر أن المصريين اتجهوا لمشاهدة الأعمال السورية والتركية في فترة من الفترات، وحين عادت الأعمال المصرية مؤخرا لتجويد إنتاجها، حتى وان بعدت بعض الشيء عن المضمون المصري، عاد الناس يشاهدونها من جديد".

ويلفت عبد الرحمن الانتباه إلى أن "العالم الآن مفتوح ويصعب السيطرة على توجهات المشاهد، ولو حتى قررت منع الانترنت، فسوف يشاهد الناس ما يرغبون فيه على أجهزتهم الشخصية، يجب البحث عن حلول إبداعية، فما يحدث حالياً يخلف قدراً من الضجيج والسخرية لا أكثر".

وعن تدخل الأزهر في الفن يقول: "طالما قررت أن تضع المنتج والمبدع في موضع المتهم حتى يثبت العكس، فانك بهذا تفتح المجال أمام العديد من الجهات لجلده، وقد يحدث هذا حتى من منطلق (توزيع الدماء بين القبائل)، بمعنى أن الأعمال التي يتم وقفها قد تكون جهة ما هي السبب في وقفها، فقد يتصور البعض انها الرقابة، أو الأزهر، أو حزب سياسي".

أسباب تجارية

وترى ماجدة موريس، الكاتبة الصحافية والناقد الفنية، الأمور من زاوية أخرى، وتقول لـ"النهار" إن تدخل الدولة لا بد أن يكون محدداً بشكل أوضح. في تصوري قد يعني التدخل عودة التلفزيوني المصري بكامل قوته، وهذا يتم بحل مشاكله المالية الحالية. عودة الدولة للإنتاج تستلزم عودة التلفزيون المصري، وبالتالي فإنه كان حرياً بالأستاذ مكرم أن يتحدث عن كيفية عودة التلفزيون المصري لكامل قوته وقدراته، لأنه بدون هذا لا يوجد تصور لعودة الدولة".

وتضيف الكاتبة في صحيفة "الجمهورية": "أظن أن سبب تأجيل عرض مسلسلي يسرا وهنيدي، وربما هناك مسلسل آخر إلى جانبهما، تحدث عنه الرجل ماجد مرسي، أكبر وأهم منتج حالياً في السوق المصرية، ورئيس مجلس إدارة شركة إعلام المصريين وشبكة قنوات On E، ذو بعد مالي، وتخطيط للإنفاق على مدار العام، فقد تبين أن هناك مواسم أخرى غير رمضان، يمكن أن تجذب مشاهدين لو تم توزيع المسلسلات عليها، بدلاً من العرض المكثف في رمضان".

وتشير موريس إلى أن "وجهة النظر هذه ليست سيئة، فالمشاهد يصيبه ارتباك شديد من الكم الكبير للمسلسلات المعروضة. في رمضان الحالي يتم عرض قرابة 35 مسلسلاً تلفزيونياً، ومنها مسلسلات لفنانين كبار مثل عادل إمام، ويحي الفخراني، وياسر جلال، ونيلي كريم، وغيرهم من كبار الفنانين".




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم