الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل قضى ترامب على المستقبل السياسيّ للإصلاحيّين؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل قضى ترامب على المستقبل السياسيّ للإصلاحيّين؟
هل قضى ترامب على المستقبل السياسيّ للإصلاحيّين؟
A+ A-

لقد أحرق بعض المتشدّدين في مجلس الشورى الإيرانيّ العلم الأميركيّ عقب اتّخاذ ترامب قراره، وهتفوا شعارات معادية للولايات المتّحدة. باستثناء مشهديّة حرق العلم، لا تشكّل الهتافات ضدّ واشنطن أيّ جديد على ساحة المتشدّدين في إيران، حتى بعد التوقيع على الاتّفاق النووي سنة 2015. لكن الأهمّ هنا، يكمن في كيفيّة ترجمة هذا المعسكر لتشدّده في مؤسّسات الحكم الإيرانيّة.


"لقد قلنا لكم ذلك"

من أبرز الأفكار التي كان يطرحها المتشدّدون خلال السنوات السابقة للاتفاق، عدم إمكانيّة الوثوق بالولايات المتّحدة. ويمكن أن يكون هذا التيّار اليوم في موقع المذكّر بصوابيّة توقّعاته. أكّدت المحلّلة الأميركيّة الإيرانيّة هولّي داغرس هذا المسار معنونة مقالها ضمن موقع "المجلس الأطلسي" بأنّ الوقت الحاليّ لدى المتشدّدين هو "لحظة ‘لقد قلنا لكم ذلك‘". وأشارت إلى أنّ ناشطين إيرانيّين على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا "هاشتاغ" يدعو إلى عدم الوثوق بواشنطن. ولفتت النظر أيضاً إلى أنّ القائد العام للجيش الإيرانيّ الجنرال عبد الرحيم موسوي قال عقب القرار الأميركيّ: "حمداً للّه لأنّ أميركا غادرت الاتفاق النووي. منذ البداية رأيت أنّ أكبر ضرر للاتفاق هو إعطاء الشرعيّة والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع أميركا". وكتبت أنّ روحاني قد يبدو "الخاسر الأكبر" في لعبة صفريّة الحاصل.


ماذا عن التغيّرات في واشنطن؟

صحيح أنّ الدولة الأميركيّة تشهد تعاقباً في الإدارات يتزامن مع تغيّر في النظرة إلى العالم. فإدارة أوباما بقيت ملتزمة بالاتّفاق حتى اللحظات الأخيرة وأكثر، خصوصاً أنّ وزير الخارجيّة السابق جون كيري حاول التدخّل مؤخّراً لإنقاذ الاتّفاق. فبحسب صحيفة "بوسطن غلوب" الأميركيّة، اجتمع كيري بوزير الخارجيّة الإيرانيّ محمّد جواد ظريف منذ حوالي ثلاثة أسابيع في مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك. كما التقى بكبار المسؤولين الأوروبّيين للغاية نفسها مثل الرئيس الألماني فرانك فالتر #شتاينماير والفرنسيّ إيمّانويل #ماكرون ومنسّقة الشؤون الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبّي فيديريكا موغيريني. لم تثمر هذه المحاولات نجاحاً في ثني ترامب عن اتّخاذ قراره الأخير، بعدما أحاط نفسه بمسؤولين يعارضون الاتّفاق النوويّ. لكن في جميع الأحوال، لن يهتمّ المتشدّدون بالصراع الحزبيّ الأميركيّ بين جمهوريّين وديموقراطيّين أو بالخلاف الجذريّ بين ترامب وأوباما حين يقاربون تراجع الولايات المتّحدة عن الاتّفاق الذي وقّعته معهم. من هنا، سيهتمّون على الأرجح برسم خططهم للمرحلة المقبلة والتي قد تتمحور أوّلاً حول نظرتهم إلى المعتدلين داخل الحكم وعلى رأسهم روحاني.


حكومة إيرانيّة جديدة؟

بعد إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتّفاق، أصدر المدير المشارك لبرنامج الأمن العالميّ في "اتحاد العلماء المعنيّين" دايفد رايت بياناً جاء فيه أنّ "مصير الاتّفاق سيعتمد على السياسات الإيرانيّة. سيعزّز إعلان ترامب المتشدّدين الإيرانيّين الذين جادلوا ضدّ الاتّفاق في المقام الأوّل وسيقوّض المعتدلين الذين فاوضوا عليه". وممّا جاء في البيان أيضاً أنّ هذه السياسة "سترتدّ" على واشنطن وتحجّم موقع المعتدلين في الحكم الإيرانيّ الأمر الذي "سينتج حكومة تروق أقلّ للولايات المتّحدة".



في هذا التحليل، ما يشير إلى فقدان ثقة المتشدّدين، وعلى رأسهم ربّما المرشد الإيرانيّ، بالحكومة الإصلاحيّة التي يترأسها روحاني. وإذا كان هنالك من توقيت "مثاليّ" يمكن استغلاله لتقويض التيّار المعتدل داخل الحكم، فربّما تكون لحظته قد اقتربت. لكن قبل الحديث عن التوقيت، يبدو أنّ أكثر من مراقب بات يعتقد حقّاً بأنّ ثقة المتشدّدين بالإصلاحيّين قد تآكلت بعد خطوة ترامب الأخيرة.


سيحرص المتشدّدون على ذلك

تنقل شبكة "بلومبيرغ" الأميركيّة عن فؤاد إيزادي، أستاذ مساعد في كلية الدراسات العالميّة ضمن جامعة طهران، قوله بكلّ بوضوح: "الإصلاحيون فقدوا المصداقية – نقطة". وأضاف إيزادي، وهو ناقد للاتفاق النووي، أنّ روحاني كان يدفع باتّجاه التوصّل إلى الاتّفاق النووي بأقصى طاقته، لكنّ الفترة المقبلة ستشهد تحوّلاً جذريّاً في كيفيّة قيادته للسياسة الخارجيّة. ونقلت الشبكة نفسها عن علي فائز، مدير مركز الأبحاث الإيرانيّة في "مجموعة الأزمات الدوليّة" ومقرّها واشنطن قوله: "لم يكن بإمكان المتشدّدين الإيرانيّين أن يحلموا بحليف أفضل من إدارة ترامب".

هذه القراءة لا تترك الكثير من الشكوك حول المستقبل السياسيّ للإصلاحيّين في المدى المتوسّط والبعيد. أمّا في المستقبل المنظور، فقد يكون هؤلاء محميّين إلى حدّ ما. ولتلخيص وجهة نظر فائز، لا يفترض الأخير أن تكون النهاية السياسيّة للمعتدلين سريعة. لكنّها بالمقابل، ستأتي في نهاية المطاف: "لا تزال المنظومة بحاجة إلى روحاني وإلى فريقه من التكنوقراط الاقتصاديين والديبلوماسيّين المبتسمين من أجل إبقاء البلد على قدميه. لكنّها ستحرص على أن تمثّل نهاية فترة ولايتهم نهاية مسيرتهم السياسيّة".






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم