الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

القمرُ مفتوناً يعرّي النجمة ويسترها

المصدر: "النهار"
جورج شكرالله
القمرُ مفتوناً يعرّي النجمة ويسترها
القمرُ مفتوناً يعرّي النجمة ويسترها
A+ A-

الوسادة 

اعتبرها مركبة لرأسه. فقط لرأسه. مسّدها جيداً. كنس الرمل من حولها.

هدّأ أمواج القلق التي تحيط بها. فكَّر بأرياح لا أمان لها، فربطها بحبل النوم. ابتعد عنها، ثم اقترب. لصق أذنه بها، علها ترصد له حالة البحر. لا هدرة موج إطلاقاً. طقس النوم عارٍ من الغيوم... تمشّى في الغرفة، وما لبث أن أغلق النافذة. أيّ طارئ لن يفسد عليه مشيئة النوم النقي كالنبع.

نزع عنه ثيابه، وارتدى ثياب النوم. قفز الى السرير بخفّة. تمدّد ثم ألقى رأسه على الوسادة، وأغمض عينيه، على رجفة تهزّ حاجبه الأيسر.

غفا مطمئناً أنّ الوسادة تلك لن تسبح بعيداً من رأسه. هي هادئة تماماً، ولن تتلاعب بها الانواء كمركَبة.

واستيقظ في نصف الليل. سكينة معتمة، أحسّ وكأنها زوجة شبح. أغمض عينيه قليلاً، فخالَ جسده قائد جيش عائداً من حرب مهزوماً، ورأسه كتلة من وهم، والوسادة سابحة به في فضاء على أنه بحر من هواء..!

***

فرصة واحدة

أريد فرصة واحدة، لأنام فوق سطوح وقتكم. وعندما أستيقظ وأنحدر صوبكم، لا تسألوا، ما كان عدد الأحلام التي حملتها لكم، بل ما عدد النجوم التي سقطت عليّ..؟

***

القمر مفتوناً

ما به هذا القمر، يعرّي النجمة كلّ ليلة، ويدور حولها، يفتتن بسحر أنوثتها، بعيداً من الأرض، وفي النهار، يسترها بحلّة الشمس، ويغيبان معاً، في مطاوي الدهر؟!

***

منعطفات الحياة

لا أحد يتنكّر للنبع ويتلوّن كالنهر. فهو يتدفّق حصان ماء، وفوق الصخور يتقلّب كالمجنون، وبين الأشجار كاللص، وذليلاً مستكيناً عبر السهول، ويصبّ في البحر كالغريب. إلا ويتحوّل الى أمواج تلاطم الصخور والرمل ببهلوانية، الى بخار، فغيم، فسفر مع جنون الريح. وهناك، وهنالك، يتساقط أمطاراً تتوزع وتغور..!

من ذلك هل من فرق، بين الإنسان والنهر، في منعطفات هذه الحياة؟!

***

غزالة الأشجار

النسمة غزالة الأشجار. تغسل وجهها بمناديل الكروم، وتتعرّى في السهول... تلعب لعبة الجبال، فتختبئ

بين الصخور علٌها تدفأ. تسمّي الأعشاب بأسمائها فتلويها وتهرب..! تناديها الريح فجأة، فتخاف وته‍دأ..! تمرّ بين البيوت، فيحاولون التقاطها!!

أولاد تمنوا ملامستها، فبعثرت شعرهم، وهزت مناديل الأمهات!

ه‍بطت الى المدينة، فثقلت. استنجدت بالأشجار فلم تنجدها، لأن العواصف في طريقها إلى البرية..!

***

خطأ فادح

من أخطاء الإحساس الفادحة، أنه يحمل الإنسان، في مرات كثيرة، على الشعور، بأن ما قد يؤلمه بعيد منه جداً، فيما هو قريب منه كل القرب، وقد يكون في داخله..!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم