الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المغرب قطع علاقاته الديبلوماسيّة مع إيران... رسالة لأكثر من دولة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
المغرب قطع علاقاته الديبلوماسيّة مع إيران... رسالة لأكثر من دولة؟
المغرب قطع علاقاته الديبلوماسيّة مع إيران... رسالة لأكثر من دولة؟
A+ A-

أتى التحرّك المغربي في ظلّ تزايد الضغوط الغربيّة على إيران مع اقتراب موعد إعلان البيت الأبيض قراره بشأن الاتّفاق النووي. ويواجه الإيرانيّون ضغوطاً عسكريّة في #سوريا أيضاً مع تعرّض مواقعهم للقصف بشكل متكرّر في الآونة الأخيرة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو تحدّث يوم الاثنين عن حصوله على "أدلّة قاطعة" على تطوير إيران برنامجاً "سرّيّاً" للسلاح النووي، الأمر الذي استدعى ردّاً إيرانيّاً يصف نتانياهو ب "الكاذب".


أين العامل الإقليميّ؟

على الرغم من إمكانيّة الربط بين هذه الأحداث الدوليّة المتلاحقة، فقد يكون للعامل الأقليميّ دور بارز أيضاً في تفسير جزء من الحدث. فالعلاقة بين المغرب و #الجزائر ليست في أفضل أحوالها بسبب مسألة دعم الأخيرة للبوليساريو والذي يشكّل أهمّ نقاط التوتّر بين الجزائر والمغرب. وتشكّل كلمة "بوليساريو" مختصراً للعبارة الإسبانيّة "الجبهة الشعبيّة لتحرير ساقية الحمراء ووادي الذهب" وهي تمثّل مجموعة من المتمرّدين الذين يريدون إنهاء الوجود المغربيّ في الصحراء الغربيّة. سنة 1975، انسحبت إسبانيا من الصحراء الغربيّة فأرسلت المغرب قوّاتها للسيطرة على المنطقة الأمر الذي أدّى إلى إطلاق الجبهة المؤلّفة من مقاتلي الصحراء صراعاً مسلّحاً ضدّ تلك القوّات استمرّ حوالي 15 سنة انتهى بتوصّل الأمم المتّحدة إلى وقف لإطلاق النار دخل حيّز التنفيذ سنة 1991.

وكان وزير الخارجيّة المغربيّ قد ذكر الجزائر أكثر من مرّة في مؤتمره الصحافيّ. فقد قال إنّ حزب الله بدأ "يهدّد بالثأر" بسبب اعتقال قاسم محمّد تاج الدين في مطار الدار البيضاء "وأرسل أسلحة وكوادر عسكريّة إلى تندوف (الجزائر) لتدريب عناصر من البوليساريو على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوس وتحضير عمليّات عدائيّة ضد المغرب". وتحدّث عن "أدلّة ومعطيات وتواريخ تظهر تورّط عنصر واحد على الأقل بالسفارة الإيرانيّة في الجزائر في تنظيم كلّ هذه العمليّات أقلّه على مدى عامين".


سيتدخل عسكريّاً

في السابع من نيسان الماضي، ذكر موقع "ميدل إيست آي" نقلاً عن مصدر جزائريّ قوله إنّ المغرب أبلغ الجزائر من خلال قنوات ديبلوماسيّة أنّه سيتدخّل عسكريّاً في الصحراء الغربيّة إذا لم ينسحب مقاتلو الجبهة من المناطق الواقعة شرق الجدار الدفاعيّ الفاصل بين الطرفين. ووفقاً للمصدر نفسه، لجأت الرباط إلى سفير دولة أوروبّيّة كوسيط لإيصال هذه الرسالة إلى الجزائر. وفي الأوّل من الشهر نفسه، أبلغ المغرب مجلس الأمن أنّ جبهة البوليساريو تتقدّم باتّجاه بلدة محبس الواقعة شمال شرق الصحراء الغربيّة بما يشكّل خرقاً للاتفاق العسكريّ الموقّع سنة 1991.


من آثار الإنفاق العسكريّ الجزائريّ؟

في أيّار 2016، توقّع معهد "ستراتفور" الأميركيّ أن تستمرّ الجزائر في إعطاء الأولويّة للإنفاق العسكريّ بما يحوّل ميزان القوّة لصالحها، بالتالي، سينظر المغرب بشكل متزايد إلى حلفائه الإقليميّين والغربيّين لتأمين موقعه. وأشار إلى أنّ الجزائر دعمت البوليساريو لتقييد نفوذ المغرب الإقليميّ وكادت حرب الوكالة تتحوّل إلى حرب مباشرة بين الدولتين سنة 1976 خلال معركة أمغالا.

إذاً هل كان قطع المغرب علاقاته الديبلوماسيّة مع إيران يهدف إلى توجيه رسالة غير مباشرة إلى الجزائر حول عدم قبوله بالدعم الذي تقدّمه للجبهة؟ قد تكون هذه الفرضيّة محتملة في أحد أوجه المسألة المستجدّة، خصوصاً مع ورود الجزائر في بيان وزارة الخارجيّة. يضاف إلى ذلك، أنّ المغرب قد ينظر إلى جارته بقلق أكبر ممّا ينظر إلى إيران بسبب التداخل التاريخيّ والجغرافيّ المباشر بين البلدين. يأتي ذلك مع العلم أنّه سبق للرباط أن قطعت علاقاتها مع طهران سنة 2009 بعدما اتّهمتها بتقويض الحكم في البحرين، قبل استئنافها سنة 2014.


رسالة في مرحلة حرجة

من جهة أخرى، كان "ستراتفور" قد أشار في تقريره إلى أنّه "وكما في حرب الصحراء الغربيّة، إنّ جزءاً أساسيّاً من استراتيجيّة المغرب سيعتمد على حلفائه العرب"، وخصوصاً السعوديّة. فقد أرسل مقاتلات للمشاركة في "عاصفة الحزم" ممّا أدّى إلى فقدانه مقاتلة وطيّارها. بالمقابل قدّرت دول مجلس التعاون مبادرات المغرب الذي يستفيد أيضاً من روابط وثيقة مع فرنسا والولايات المتّحدة التي عيّنته سنة 2004 حليفاً بارزاً خارج نطاق حلف شمال الأطلسي.

بناء على تحليل المعهد الأميركيّ، من الممكن أن يكون احتمال تحرّك المغرب اليوم في ظلّ تزايد الضغوط على إيران محاولة لصيانة استراتيجيّته. فاختلال القوى العسكريّة الآخذ بالتصاعد منذ سنة 2003 لصالح الجزائر قد يتطلّب تأكيد المغرب الوقوف مع حلفائه العرب والغربيّين في المرحلة الحرجة الحاليّة، مقابل مساهمة هؤلاء في ضمان أمنه إذا اتّخذت الأمور منحى سلبيّاً في شمال غرب القارّة الأفريقيّة.
















الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم