الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عياط ومشاكل ونكد؟ هذا هو الحب الحقيقي في مسرحية "60 سنة و70 يوم"!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
عياط ومشاكل ونكد؟ هذا هو الحب الحقيقي في مسرحية "60 سنة و70 يوم"!
عياط ومشاكل ونكد؟ هذا هو الحب الحقيقي في مسرحية "60 سنة و70 يوم"!
A+ A-

العَرض لم ينته بعد، "يعني الخير لقدّام"، وما زال أمامنا مُتسع من الوقت لنتوغّل في رواق القصّة وفروقها الدقيقة، ولنفهم "شو المَقصود" من هذه الهلوسات التي تُشكّل في الواقع حياة كاملة تستريح على الحُب الشهيّ والضائع بين "كومة" من سوء التفاهم و"النكايات" غير المقصودة.

 ومع ذلك، ها هو شقيقي فادي يَهمس في أذني بين الفينة والأخرى، "هي قصّة أمّك وبيّك"، "كأنو الياس وفريدة إدّام عيوني"، "قولتك كل هالخناقات يعني بيحبّوا بعض لهالدرجة؟"، "يمكن فريدة بتناقرو لالياس هلقدّ لتخبّي أدّيش بتحبّو. عجبتني الفكرة يا أختي".



نحن في مسرح "ذا بالاس" القائم في شارع الحمرا التاريخي، نُشاهد العمل الأخير للكاتب والمخرج والممثل غبريال يمّين، "ستين سنة وسبعين يوم".

مُمثلان على خشبة المسرح المينيماليّ في ديكوره، ميشال أبو سليمان ورلى بقسماتي. سنتعرّف من خلالهما إلى الوجه الآخر للحُب، وذلك من خلال زواج يستمر "60 سنة و70 يوم".

 زواج فاشل؟ قصّة حُب كبيرة تتربّص خلف "النكد والنقار"؟ يوميّات عاديّة يَتضح لنا في المشهد الأخير أنها كانت في الواقع التجسيد الأسمى للحب؟

 لم لا!



60 دقيقة زاخرة بمشاهد قصيرة لا يرتبط الواحد منها بالضرورة بالآخر، ومع ذلك تُشكّل قصّة كاملة ومؤثّرة في جنونها وعبثيتها. هل يُمكن أن يتخذ الحُب صورة "الصريخ والعياط؟"، هكذا يبدو، وبتصوّر يمّين الذي لا يُراقب المُجتمع بحسب ما يؤكّد لـ "النهار" بيد أنه يُعالج أدبياً كل المواقف التي يُصادفها في الطريق، "المُراقبة بشعة. ولكنني واع لمُحيطي وكل ما يدور من حولي".

ربما كانت المسرحية كوميديّة في ثوبها الظاهريّ، بيد أنها تراجيديّة في ركيزتها. كل هذا الحُب وكل هذا الكم الكبير من سوء التفاهم. السنوات تمرّ والزوجة لا تشيخ، والسرير الذي تدور حوله كل الحوادث، لا يتبدّل، ولا تنظّف الملاءات. هذا السرير هو الشاهد على حياة بكاملها "بطلعاتها ونزلاتها"، وهذه الزوجة "النكدة" لا تشيخ، مع أن الزوج يقترب يوماً فآخر من الموت.



 وربما يعود السبب إلى عُنصر الخيال الذي أضافه يمّين إلى الحبكة ليُعطيها بُعدها المسرحي، أو ربما لتعكس الواقع بشكل أكثر شفافيّة!

أبو سليمان وبقسماتي يُفاجأان بحرفيّتهما العالية وقدرتهما على تجسيد هذا الجنون اللذيذ الذي يغوص فيه كاتب ومخرج المسرحيّة غبريال يمّين بلا رقابة ذاتيّة. قصص الحُب الكبيرة لا يُمكن أن تكون عاديّة في إطلالتها على العين الثالثة، أي على الذين يُتابعون "نزواتها".



 يمّين يغور في رواق الحُب من خلال تجسيده حكاية "كل تنين بيحبّوا بعض وقرّروا يتزوّجوا". أبو سليمان يُظهر قدرته على السيطرة الكاملة على الأداء التراجيدي، على الرغم من إطلالة صغيرة أشبه بالوميض لشخصيّة "ميشال أبو سليمان" الكوميديّة التي اعتدناها على المسرح والشاشة الصغيرة لأكثر من 37 سنة. أمّا رلى بقسماتي، الإعلاميّة التي رافقنا "شرقطاتها" لسنوات طويلة عبر شاشة تلفزيون المستقبل، فتوعد بنجوميّة تليق بها وبأبعاد شخصيّتها غير التقليديّة. يمّين عرف منذ اللحظة الأولى بأنها "شقفة منّي هالبنت"، وأبو سليمان "عرف شو عم يعمل" عندما وضعها وجهاً لوجه أمام يمّين حول فنجان قهوة قبل ما يُقارب شهرين من انطلاق المسرحيّة.

هذا الثنائي الرائع يسرق الضحكة و"دمعة عابرة" لأكثر من 60 دقيقة، ويضعنا وجهاً لوجه مع أنفسنا وكل ما حصل معنا في الطريق... حتى وإن كانت الطريق في الحقيقة "بعدها بأولّها".



 الحُب مرّ من هنا، وها هو طيفه يطل من شبابيك هذا المنزل الزوجي الذي يتجسّد على خشبة المسرح. وغبريال يمّين "ما بدّو كتير" ليختار المُمثل الذي سينقل إليه زاوية صغيرة من روحه. يضحك قبل أن يُعلّق، "أحياناً أعرف سلفاً أنني سأعمل مع هذا الممثل أو ذاك من خلال رائحته! نعم، المسألة بهذه البساطة". وعلى خشبة مسرح "ذا بالاس"، هي رائحة الحياة العاديّة بكل أحاسيسها المُضطربة وكل ما لم يُقال بعد على الرغم من عشرات الكلمات الجارحة المُتراكمة في كل زاوية في المنزل الذي يخفي بين جُدرانه كل المنازل الزوجيّة.

وربما هي أيضاً "قصّة الياس وفريدة" كما يزعم شقيقي!

- تصوير هشام سابا.

                                             [email protected]



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم