الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كانّ ٢٠١٨: حرب على السَلفي و"مذكرة جلب" بناهي، لبكي تنافس إله السينما وفون ترير هل يعود؟

المصدر: "النهار"
كانّ ٢٠١٨: حرب على السَلفي و"مذكرة جلب" بناهي، لبكي تنافس إله السينما وفون ترير هل يعود؟
كانّ ٢٠١٨: حرب على السَلفي و"مذكرة جلب" بناهي، لبكي تنافس إله السينما وفون ترير هل يعود؟
A+ A-

"ثلاثة أيّام في مهرجان كانّ” لشباب تتراوح أعمارهم بين الـ ١٨ و٢٨ سنة، فكرة جديدة أطلقها مهرجان كانّ السينمائي في دورته الحادية والسبعين التي تُعقد من الثامن إلى التاسع عشر من أيار المقبل. يمكن الاستحصال على البادج الذي يخوّل مشاهدة أفلام التشكيلة الرسمية، بناءً على مكتوب يرسله المهتم إلى الإدارة يعبّر فيه عن شغفه بالسينما. نحو ٦٠٠ رسالة من العالم أجمع سيتم نشر بعضها، وصلت إلى مكاتب كانّ منذ أطلاق المبادرة صباح أمس، كما كشف رئيسه بيار لسكور خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد في باريس ظهراً لاعلان تفاصيل البرنامج الذي سيشغلنا طوال ١٢ يوماً.  

١٩٠٦ أفلام طويلة وقصيرة شاهدتها لجنة كانّ في الأشهر الماضية (ازدياد بنسبة خمسة في المئة قياساً بالسنوات الماضية)، تم الاعلان عن اختيار ٤٤ منها اليوم، على ان تُضاف إلى هذه التشكيلة دزينة أخرى ينتظر بتّ شأنها. المدير الفني لكانّ تييري فريمو الذي اعترف بأن كلّ الأفلام المختارة شوهدت في نسخة غير منتهية، ذكّر بأن المهرجان حريص على مشاهدة كلّ الأفلام التي يتلقاها، وخرج باستنتاج ان "السينما في حال جيدة، وما البرنامج الا انعكاس للتجديد الذي تعيشه".

التشكيلة الرسمية موزعة على الشكل الآتي: ١٨ فيلماً في المسابقة الرسمية، ١٥ في "نظرة ما" (ثاني فقرة من حيث الأهمية)، فيلمان في "خارج المسابقة" و"عروض منتصف الليل"، وسبعة في "العروض الخاصة".

المسابقة التي تترأس لجنة تحكيمها الممثلة الأوسترالية كايت بلانشيت يفتتحها هذه السنة "الكلّ يعلم" للإيراني أصغر فرهادي الذي نال جائزة السيناريو عن "البائع المتجول" قبل عامين في كانّ. جديده الذي صوّره في إسبانيا مع ممثلَين إسبانيين (خافيير بارديم، بينيلوبي كروز)، أول عمل ناطق بالإسبانية يتولى الافتتاح منذ "التربية السيئة"لبدرو ألمودوفار. تنطوي المسابقة على أفلام لمعلّمين كبار، نبدأ بأعظمهم، أي الفرنكو سويسري جان لوك غودار (٨٧ عاماً) الذي يعود إلى الكروازيت بـ"كتاب الصورة"، بعد أربعة أعوام من "وداعاً للغة". ملخص الفيلم يقتصر على الآتي: لا شيء سوى الصمت، لا شيء سوى أغنية ثورية، قصّة بخمسة فصول كأصابع اليد الخمس. في مقابلة مع موقع الكتروني، قال غودار ان الفيلم عن ثورة زائفة يطلقها زعيم إمارة متخيلة بعد انقطاع النفط عنه. "كما تشاء، قال لي عندما أبلغته بأننا سنضعه في المسابقة الرسمية، الأمر أكثر تعقيداً مع الكثير من السينمائيين الآخرين"، صرّح فريمو عند الحديث عن إله السينما الذي قد يوافق على الحضور إلى المهرجان، وخصوصاً ان هذه الدورة تتزامن مع خمسينية "أيار ٦٨". وما أدراك ما تمثّله هذه اللحظة التاريخية في وجدان أبناء جيله!

المخرج الفرنسي ستيفان بريزيه الذي أبهرنا بفيلميه الآخيرين، "قانون السوق" و"حياةٌ"، يعود إلى كانّ بـ"في حرب"، مجدداً مع فنسان لاندون (رابع تعاون بينهما)، الذي يضطلع بدور رئيس نقابة ينتصر لـ١١٠٠ موظف يواجهون قرار إقفال مصنع السيارات الذي يعملون فيه. دائماً من فرنسا، لدينا "ان نُعجِب ونحب ونركض بسرعة"لكريستوف أونوريه، الغائب عن كانّ منذ "المحبوبون" عام ٢٠١١. جديده عن أرتور وجاك وحبّهما المثلي الذي يحدث في فرنسا التسعينات. المخرجة ايفا هوسون التي تقدّم مع "بنات الشمس"فيلمها الثاني، هي المشاركة الفرنسية الثالثة في المسابقة. بعد "بانغ غانغ" الذي لفت قبل عامين، ها إنها تعود بفيلم عن المقاتلات الكرديات. الفيلم من بطولة الإيرانية غولشيفته فاراهاني في دور مقاتلة،والفرنسية إيمانويل بركو في دور صحافية. لدينا فيلمين حتى الآن من الولايات المتحدة: "تحت البحيرة الفضّة" لديفيد روبرت ميتشل، بطولة أندرو غارفيلد. كوميديا سوداء عن شاب يحقق في مقتل جارته الجميلة التي كان وقع في غرامها. الثاني هو "بلاكلانسمان"، ثريللر يحمل توقيع المخرج المشاكس سبايك لي، مستوحى من سيرة حقيقية لشرطي أفرو أميركي في السبعينات يلتحق بالكلو كلوكس كلان، بعد أن يخدع اداراتها بأنه أبيض البشرة.

ماتيو غاروني هو المخرج الإيطالي الذي يدخل المسابقة للمرة الثالثة، هذه المرة مع "دوغمان"، الفيلم الذي يعيد احياء تفاصيل جريمة بشعة ارتكبها مربٍّ للكلاب في العام ١٩٨٨. مواطنته أليتشه رورواكر ستقدّم، "لازارو فيليتشه"، المصوَّر بسوبر ١٦، فيلم عن "الماضي من وجهة نظر رجل عبر نصف قرن من الزمن". للمناسبة، فإن جديد الإيطالي الآخر، باولو سورنتينو، لم يتم اختياره حتى الآن، رغم ترجيحه بقوة، ذلك ان طوله الذي تجاوز الساعات الأربع فرض على الفيلم ان يُعرض بجزءين، وهذا ما قد يكون وقف عائقاً أمام دخوله المسابقة، لكن فريمو لم يحسم بعد استبعاده.

من أوروبا الشرقية، يأتينا فيلم واحد: "حرب باردة" للبولوني بافيل بافليكوفسكي، الفائز بـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي عن "إيدا" (٢٠١٣). حكاية حبّ مستحيلة بين شخصين من خلفيتين ثقافيتين مختلفتين تدور في الخمسينات، أي خلال الحرب الباردة، في كلّ من بولونيا ويوغوسلافيا وبرلين وباريس.

خبر سار للسينما اللبنانية: مشاركة نادين لبكي بثالث أفلامها الروائية الطويلة، "كفر ناحوم". بعد "سكر بنات" و"هلأ لوين؟" اللذين عُرضا في أقسام فرعية، هذه أول مرة يشارك فيها فيلم للبكي في المسابقة الرسمية. الفيلم صُوِّر في بيروت (إنتاج لبناني غير مشترك) وهو من تمثيل مجموعة شباب يقفون أمام الكاميرا للمرة الأولى. ينغمس الفيلم في الأزمات التي تعيشها المنطقة بشكل عام، الا انه يسلط الضوء على طفل يرفض الاستسلام بل يتمرد على الواقع الذي يعيشه في قريته. "انها بيروت كما تصوّرها لبكي"، قال فريمو مبدياً اهتماماً بالفيلم.

"كفر ناحوم" ليس الفيلم الوحيد من الشرق الأوسط، فهناك كذلك "يوم الدين" للمصري أبو بكر شوقي (الفيلم الأول الوحيد في المسابقة)، "رود موفي" لا تتوافر عنه تفاصيل كثيرة بعد، الا اننا نعلم ان شخصيته الأسياسية ممثل غير محترف يضطلع بدور شاب مصاب بالجذام. "هذا فيلم صغير تجرأنا على ادراجه في المسابقة"، قال عنه فريمو.

المشاركة الشرق أوسطية الثالثة من إيران، وتتحقق من طريق المخرج جعفر بناهي الذي يأتينا بـ"ثلاثة وجوه"، فيلم طريق في إيران المعاصرة، عن ثلاث ممثلات في فترات مختلفة من حياتهن. في هذا الصدد، ستتلقى السلطات الإيرانية رسالة من جانب السلطات الفرنسية للسماح لبناهي بمغادرة أراضيها وتقديم عمله ثم التمكن من العودة اليها لاحقاً بلا أي مشكلة، ذلك انه ممنوع من العمل والسفر منذ العام ٢٠١٠، علماً انه شارك في كلّ من كانّ (خارج المسابقة) وبرلين، ثلاث مرات منذ ذلك التاريخ.

بناهي ليس الوحيد الذي يواجه علاقة إشكالية بدولته، فهناك المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف الذي يشارك بـ"صيف" (سيرة الروك في زمن بريجنيف)، وهو محتجز في إقامة جبرية في موسكو، بعدما تم إتهامه باختلاس أموال عامة في إطار عمله رئيساً لمسرح، الا ان محاكمته أخذت طابعاً مسيساً، ما دفع بالعديد من الفنانين حول العالم إلى التضامن معه.

أربعة أفلام من آسيا تختم المسابقة: "أساكو ١ و٢" للياباني روسوكه هاماغوشي؛ "الرماد هو الأبيض الناصع" للصيني الكبير جيا زانغ - كي (حكاية حبّ عنيفة تدور أحداثها بين ٢٠١١ و٢٠١٧)؛ "سارقو المتاجر" للياباني هيروكازو كوريه - إيدا (عائلة من سارقي المتاجر تأخذ تحت عباءتها صبياً يتيماً)، وأخيراً وليس آخراً الكوري الجنوبي لي تشانغ - دونغ العائد، بعد سنوات من تقديمه "شعر" في كانّ، بـ"احتراق" (أفلمة لرواية هاروكي موراكامي)، العمل الذي يعيده إلى السينما بعد ثماني سنوات إنقطاعاً.

في قسم "نظرة ما"، نجد أفلاماً لسينمائيين غير مكرسين يراهن عليهم المهرجان، مثل "حدود" للإيراني علي عبّاسي، أو "وجه ملاك" للفرنسية فانيسّا فيلو، أو "أوفوريا" للممثلة الإيطالية المعروفة فاليريا غولينو، أو "صوفيا" للمغربية مريم بنّ مبارك، أو "قماشتي المفضّلة" للسورية غايا جيجي. خارج المسابقة: آخر أعمال المخرج الأميركي رون هاورد، "سولو، حكاية حرب النجوم" (وسترن فضائي)، فيلم يتفرع من السلسلة الشهيرة التي ابتكرها جورج لوكاس. ضمن "عروض منتصف الليل"، لدينا فيلم للكوري الجنوبي يون جونغ - بينغ، "الجاسوس الذي إتجه شمالاً"، عن عميل يتسلل إلى كوريا الشمالية في التسعينات، لسرقة بيانات حول خطة السلاح النووي.

في "العروض الخاصة"، نجد "عشرة أيام في تايلاند"، فيلم سكيتش يشارك فيه المخرج أبيشاتبونغ فيراسيتاكول. "العبور"، يعيد الفرنسي رومان غوبيل، المناضل التروتسكي في صفوف الحركة الطالبية، إلى أيّار ٦٨، مصوّراً أحوال فرنسا بعد نصف قرن من تلك الثورة، صحبةرفيق النضال دانيال كون بنديت (أحد قادة ٦٨ في الحيّ اللاتيني). الوثائقي هو النوع الذي يستعين به أيضاً الألماني فيم فندرز في "بابا فرنسيس، رجل كلمة"، فاقتفى اثر الحبر الأعظم وواجهه بأسئلة عن الموت والعدالة الإجتماعية والهجرة والبيئة والظلم والمادية في عالمنا الحالي.

الأفلام التي كان من المتوقع ان تحطّ في كانّ واستُبعدت، كانت مدار إهتمام العديد من الصحافيين، رغم توضيح فريمو أنه لا يمكن الإتيان بالجميع. فعلمنا مثلاً ان "دون كيخوتي" للمخرج تيري غيليام يواجه دعوى قضائية، ما يمنع مشاركته أصلاً، وقد لا يكون هذا السبب هو الحقيقي خلف عدم اختياره. بالنسبة إلى كزافييه دولان، علمنا انه لم ينتهِ بعد من المونتاج، رغم ان دعوته تمت بشكل غير رسمي، في حين فضّل جاك أوديار التريث، لـ"أسباب استراتيجية"، أي طمعاً بدخول سباق الـ"أوسكار" في الخريف. فيليب رواييه من مجلة "بوزيتيف"،سأل اذا كان المخرج الدانماركي لارس فون ترير لا يزال شخصية غير مرغوبة في كانّ، أم ان الإدارة شاهدت جديده ولم ترضَ عنه، فكان ردّ فريمو أنه يأمل الرد عن هذا السؤال في غضون أيام.

في ما يتعلق بصورة الـ"سلفي" التي يمنع المهرجان التقاطها خلال عبور السجّادة الحمراء (منعاً أكثر صرامةً هذه المرة)، ثمة أسباب عديدة خلف هذا القرار. أهمها السبب التقني، اذ ان التقاط الـ"سلفي"يُبطئ كثيراً عملية إدخال ٢٢٠٠ شخص إلى الصالة. "بعضهم يقع أرضاً وهو يلتقط الصورة، فيخلق هذا حالاً من الفوضى العارمة، انه لشيء قبيح"، علّق فريمو مؤكداً ان هناك سبباً فلسفياً أيضاً خلف هذا القرار، ويبدو ان هناك تصميماً على محاربة هذه الظاهرة "غير اللائقة"، وخصوصاً ان الناس يأتون إلى كانّ "للمشاهدة، لا لمشاهدة أنفسهم".

تطرق المؤتمر كذلك إلى عروض الصحافة التي تشهد بعض التعديلات لتناسب زمن وسائط التواصل الإجتماعي، وكي لا تتسبب الآراء التي تطلقها الصحافة بالأذى المعنوي للأفلام المتسابقة على "السعفة الذهب"، وخصوصاً ان بعض الصحافيين يغردون ما إن يصعد جنريك الفيلم الذي يشاهدونه.

عن الحضور النسائي المحدود داخل المسابقة الرسمية (٣ أفلام)، قال فريمو إنه لا توجد كوتا، وتم اختيار الأفلام لنوعيتها الفنية فحسب، إلاّ عندما تحصل حيرة بين فيلمين، فيتم اللجوء إلى نوع من توازن. وذكر كلاماً لأنييس فاردا وأندريا أرنولد اللتين تأملان دوماً اختيار أفلامهما لقيمتها وليس لكونهما سيدتين.

في موضوع منصّة العرض الإلكتروني، "نتفليكس"، الذي جعل المهرجان يعود إلى تطبيق قانون "كرونولوجيا وسائل الإعلام" الفرنسي الذي يفرض عرض الفيلم أولاً في صالات السينما قبل تسويقه خارجها (بعد ٣٦ شهراً في حال الـVOD)، قال فريمو إنه يأسف ان "نتفليكس" لم تقترح على المهرجان "الجانب الآخر للريح" لأورسون وَلز (أنقذه بيتر بوغدانوفيتش لأن ولز لم يكمّل المونتاج)، لعدم قدرته على استيفاء الشروط. "المهرجان كان المكان المثالي لهذا الفيلم"، قال فريمو. "مشاركة أفلام هذه الشركة جاءت علينا بالنقد السلبي، في حين غيابها سيأتي عليها بالنتيجة ذاتها". اذاً، حتى اشعار آخر، الأفلام التي لا تخرج ولا توزع في الصالات الفرنسية لا تشارك في المسابقة. نقطة.

أفلام كثيرة في أقسام فرعية سيُعلن عنها في الأيام المقبلة، ومنها "كلاسيكيات كانّ"، الا ان الحدث الأبرز في هذه الدورة يتمثّل في عرض "٢٠٠١، أوديسّا الفضاء" لستانلي كوبريك في مناسبة مرور نصف قرن على عرضه الأول. سنشاهد الفيلم بالنسخة الأصلية المصوَّرة بـ٧٠ مم، يقدّمه كريستوفر نولان الذي شارك في سحب نيغاتيف جديد غير مرمم رقمياً مع "وارنر بروس". المخرج البريطاني الذي يأتي إلى كانّ للمرة الأولى (سيعطي أيضاً درساً سينمائياً) اكتشف هذا الفيلم مع والده عندما كان صغيراً، وهو من ذكرياته السينمائية الاولى.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم