الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"المؤتمر الأول لمسيحيّي المشرق" شهادات عن لبنان والجوار سليمان: لا لتحكّم الأكثرية وهيمنة العدد ولا لتحالف الأقليات

بيار عطاالله
A+ A-

تحت عنوان "المؤتمر العام الأول لمسيحيي المشرق"، أتى مسيحيو سوريا والأردن والعراق ومصر الى لبنان لإسماع شكواهم ورواية مآسيهم أمام إخوانهم في الإيمان، علّهم يجدون الترياق والمساعدة في أزماتهم الوجودية، لكن المأساة الأكبر أن مسيحيي لبنان أصبحوا يحتاجون الى من يمد لهم العون وسط الأزمات المتعاقبة الداخلية والخارجية. وهكذا كان على الرئيس العربي المسيحي الوحيد ميشال سليمان أن يبذل جهداً مضاعفاً لتأكيد أهمية الحضور المسيحي في لبنان وثباته من خلال الإشارة تكراراً الى ميزة المجتمع اللبناني المتنوّع وتأكيد أهميته أو ما اصطلح على تسميته "ديموقراطية الجماعات القائمة على الاعتراف بالحضور المتبادل"، والتركيز على "اهمية المساواة والعيش المشترك والمشاركة في السلطة". ليخلص الى الاستعانة بالمفكر شارل مالك في مقولته الشهيرة: "إذا سقطت المسيحية الحرة في لبنان فستسقط في الشرق الأوسط كله (...)".


إنها المرة الأولى يتعرّف قسم لا بأس به من المسيحيين اللبنانيين الى المسيحيين المشرقيين، والمقصود بالتعبير الأخير مسيحيو سوريا، العراق، الأردن، فلسطين ومصر. ورغم الكلام الكثير عن التحديات التي يتعرّض لها مسيحيو تلك البلدان، يزخر الاستماع الى الشهادات الحية للنواب والناشطين السياسيين ورجال الدين من بينهم بالكثير من المعاني والتساؤلات التي تجد لها قاسماً مشتركاً واحداً هو التشديد على "دور الاسلام المعتدل في ما يجري في الشرق الأوسط لجهة مواجهة الدعوات التكفيرية والأصولية والاجرامية، وتأكيد رغبة المسيحيين العارمة في البقاء والصمود في أرضهم، رغم أن الصورة التي قدمها النائب الاسوجي السرياني الأصل روبرت خلف والحياة الهانئة التي يعيشها المهاجرون السريان والأشوريون والكلدان في الدول الاسكندنافية تحمل اكثر من دعوة الى الهجرة طلباً للحرية والامان.
عقد المؤتمر في مركز "لقاء" في الربوة يومي السبت والاحد أول من امس وامس برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان وفي حضوره، اضافة الى القائه كلمة الافتتاح، وشارك بطاركة الشرق يتقدمهم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والبطريرك لحام وممثل البطريرك يازجي المطران الياس كفوري وبطاركة ومطارنة وقساوسة من الكنائس المختلفة القبطية والسريانية والأشورية والكلدانية والانجيلية. وحضر ممثلون للرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، الى رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون وحشد من الوزراء والنواب وممثلي الاحزاب والجمعيات والهيئات والرهبانيات والوجوه والشخصيات النشطة في الشأن المسيحي. وغاب نواب قوى 14 آذار وممثلوها باستثناء ممثل الرئيس أمين الجميل ونائبه الاول في رئاسة الكتائب سجعان قزي الذي انسحب بعد 10 دقائق (...)؟ كما حضر حشد من ممثلي الهيئات الديبلوماسية والسفارات وخصوصاً تلك المعنية بأزمة الشرق الاوسط.


الراعي: مصيرنا واحد
الكلمة الافتتاحية كانت لفؤاد ابو ناضر الذي دعا الى التكاتف وتفعيل العلاقات بحثاً عن الحلول، واصفاً اللقاء بانه "مساحة حوار وتلاق بين المسيحيين". وتلاه البطريرك الراعي بصلاة طويلة عن نبذ الحرب والعنف والارهاب، وعن "المصير الواحد بيننا وبين المسلمين والعلاقة القائمة منذ مئات السنين على كل الصعد".
واشار الى ان "المسيحيين فخورون بتراثهم ومدعوون وسط الصراع الكبير في الشرق" الى ان يكونوا صانعي سلام ويعملوا من أجل العدالة والمصالحة والوفاق".، ليخلص الى تأكيد ثوابت رفض الهجرة والخوف والتقوقع والذوبان "لأنها تقضي على رسالة المسيحيين".
وكانت كلمة للمطران مظلوم بصفته اميناً عاماً لـ"اللقاء"، فاعتبر ان "المسيحيين في الشرق الاوسط جزء لا ينفصل عن الهوية الحضارية للمسلمين، والعكس صحيح، واننا مسؤولون عن بعضنا البعض امام الله والتاريخ". واكد ان "الاسلام المعتدل مهدد بالتطرف والتكفير اسوة بالمسيحيين. وكانت كلمة دعاء للمطران الياس كفوري باسم البطريرك يوحنا العاشر من أجل تحرير المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابرهيم وكل المخطوفين وعودة السلام.
وتحدث سليمان عن "معنى المنفى واكراه السلطة الجائرة والفقر والحاجة وسلطان الاستبداد والديكتاتورية". ودعا الى "اعتماد لبنان نموذجاً لحرية المعتقد والرأي والتعبير". وعرض لما وصفه "بدور الآباء المؤسسين للكيان اللبناني في ادخال مفهوم ديموقراطية الجماعات القائمة على احترام الحضور المتبادل، والمساواة والعيش المشترك لجهة المشاركة في السياسة والسلطة دون تحكم الاكثرية الساحقة وهيمنة العدد او الاقلية المستبدة".
واستشهد بشارل مالك ليخلص الى ان "مستقبل المسيحيين الشرقيين لا يكون بالتقوقع ولا بالحماية العسكرية الاجنبية ولا بتحالف الاقليات او التماهي مع الانظمة المتسلطة، بل بتعزيز نهج الحوار والانفتاح وبناء الدولة العادلة والحاضنة التي تؤمن احترام حقوق الانسان (...)".
واستمرت اعمال المؤتمر خلال اليومين الماضيين، وتضمنت محاور عن الديموغرافيا والهجرة، واقع الحريات الدينية وممارسة الشعائر، مشاركة المسيحيين في مؤسسات الدولة ودورهم في الحياة العامة، ووضع المسيحيين ودورهم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وكانت شهادات من الدول العربية عن اوضاع المسيحيين وما يتعرضون له وتقلص اعدادهم من 25 في المئة مطلع القرن الفائت الى 6 في المئة حاضراً.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم