الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كي يبقى الوزير إمبراطوراً في وزارته ويستمر الفساد والهدر

المصدر: "النهار"
هدى شديد
كي يبقى الوزير إمبراطوراً في وزارته ويستمر الفساد والهدر
كي يبقى الوزير إمبراطوراً في وزارته ويستمر الفساد والهدر
A+ A-

"عندما قال رئيس الجمهورية ميشال عون امام البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي ان لبنان بلد مفلس، لم يكن يقصد بذلك سوى انه غير قادر على المساعدة في دفع أموال للمدارس الخاصة، كما انه غير قادر على تثبيت مياومين". هذا ما أوضحه رئيس الحكومة سعد الحريري في جلسة مناقشة الموازنة عندما لاحظ ان عدداً من النواب استندوا في توصيفهم للأوضاع المالية والاقتصادية الى هذه العبارة التي نقلها البطريرك الراعي في بعبدا. هو بلد مفلس أم لا؟ قد يكون بلداً مديوناً إلا أن قراراً من المجتمع الدولي هو الذي يمنع سقوطه في هذه المرحلة، ليس لسبب سوى الحاجة الى استقراره على المستويات كافة من أجل ان يبقى مأوى آمناً للنازحين الى حين انتهاء الحرب السورية.

ولكن ماذا تفعل السلطة اللبنانية لاستدراك هذا الانحدار المتواصل في ادارات ومؤسسات الدولة، وكي لا تكون رافعتها أسيرة ارادة خارجية قابلة للتبدّل غبّ الطلب الظرفي؟ عندما نسمع صيحات نواب  تتهم وزراء ومسؤولين وموظفين بالفساد وباستغلال النفوذ والسلطة وبالهدر وبالتهرب الضريبي، وكأن الرقابة في وادٍ والمتسلطين في وادٍ، أو أنهم في وادٍ واحد "دافنينو سوا" ، خصوصاً وأن من يتقاسمون السلطة التنفيذية هم ممثلون عن الكتل المكونة للمجلس النيابي صاحب الصلاحية في المراقبة كما في التشريع.

رئيس المجلس النيابي نبيه بري شكا مجدداً في الجلسة الأخيرة من تقاعس الحكومة، أو الأصح الحكومات المتعاقبة عن تنفيذ قوانين أقرها مجلس النواب، وما زالت تنتظر مراسيم تنفيذية لآليات تطبيقها. قال انه حملها في لائحة إلى جلسة التشاور التي عقدت في بعبدا، وسلّم نسخة منها إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.  الرئيس بري اعتبر ان هذه القوانين البديهية لو طبقت لكنّا وفرنا اكثر من ٧٠ في المئة من الاشكالات والاتهامات التي نشهدها كما في ملف الكهرباء. وهو اعتبر انه لو طبّق قانون تنظيم قطاع الكهرباء وقانون خطة الكهرباء لكنا وفرنا الكثير من مشاكل هذا القطاع. لائحة القوانين غير المنفذة أوكلت متابعتها الى لجنة وزارية برئاسة النائب ياسين جابر، وقد عمدت الى وضع تقرير مفصل عنها من ٤٨ صفحة، تحت عنوان " القوانين التي أقرها المجلس النيابي ولم تصدرنصوصها التطبيقية ‪٢٠٠٠- ٢٠١٧‬ بحسب الوزارات المعنية".

هي ٣٦ قانوناً وفق آخر تحديث لها في ٢٥ ايلول ٢٠١٧ اختصرت عناوينها بصفحتين، ثم فصل كل قانون منها مع تاريخ إقراره والمراسيم التي يحتاج إلى وضعها ليصبح نافذاً.

وعلم من الوزير جابر "ان وزارة الصحة في عهد الوزير غسان حاصباني بدأت بالتعاون وبإعداد المراسيم التطبيقية مستعينة بلجنة خبراء، وكذلك وزارة الاقتصاد انجزت المراسيم التطبيقية لحماية المستهلك".

وأشار الى ان "تطبيق عدد من هذه القوانين كان ليحدّ الكثير من الفساد، لاسيما قانون مكافحة تبييض الأموال الذي التزم لبنان بتطبيق الشق المطلوب منه من الخارج وتقاعس عن تطبيق شقه الداخلي الذي في مواد كثيرة منه يمنع أي اختلاس أو تهريب أموال، ويحل مكان قانون "الإثراء غير المشروع" الذي لم يثبت فعاليته في منع الرشى والاختلاسات، وتهريب الأموال...". 

باختصار يفهم أنه مع تطبيق مواد هذا القانون في الداخل اللبناني، لن يكون بإمكان مسؤول أو موظف أو أي صاحب سلطة ان يشتري عقارات بأموال مشبوهة أو أن يختلس أموالاً ويضعها بكميات كبيرة، إما باسم زوجته أو أحد أنسبائه دون أن يبلّغ عنه من القيمين على المصرف او حتى من كاتب العدل، تحت طائلة ملاحقة هؤلاء الذين يتسترون ويغضون الطرف اليوم عن هكذا جرائم أصبحت شائعة في مجتمعنا.

ببساطة، بعض هذه القوانين، كفيل بتطهير الإدارة العامة، وبعضها يؤمن حقوق المواطن، وبعضها يردع جرائم بحق المواطن كما بحق بيئته وصحته. إن مجرد القراءة بين سطورها يكشف لماذا لم تطبّق، وإلا كيف يتغلغل الفساد ويتجذّر في إدارات ومؤسسات الدولة، وكيف يتحوّل الوزير إمبراطوراً في إدارة وزارته وفق مزاجه السياسي والشخصي، وكيف يستمر حكم الاستنسابية والفوضى وغياب الرقابة؟

نقطة أخيرة ايضاً ، طالما ليس هناك فصل للوزارة عن النيابة، وطالما مجلس الوزراء ليس سوى ممثلٍ عن مكونات السلطة التشريعية، وهما شريكان في تقاسم السلطة، كما في التستّر على تجاوزاتها، لن يصحّ تعاونهما ولا الفصل بين عملهما. 

نسخة مختصرة لقوانين تحتاج الى مراسيم:


[email protected]

‏@‪HodaChedid

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم