السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الحوار بين وزارة البيئة والبلديات والمجتمع المدني "ليس جدياً"

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
الحوار بين وزارة البيئة والبلديات والمجتمع المدني "ليس جدياً"
الحوار بين وزارة البيئة والبلديات والمجتمع المدني "ليس جدياً"
A+ A-

يرزح ملف النفايات تحت وطأة تعثر السلطة السياسية التي لم تتجرأ الى اليوم على اتخاذ قرار  مسؤول بإنقاذ حياة ناخبيها من الموت البطيء جراء النفايات المحيطة بنا، وسوء ادارة الأزمة. 

وتجنب وزير البيئة طارق الخطيب اطلالة وافية يشرح من خلالها واقع خطة إدارة النفايات ومرتجاها، لأن الحكومة ربما لم ترغب الى اليوم في مواجهة "الأمر الواقع" في ملف النفايات. وفي ظل غياب أي طرح جدّي من اللوائح الانتخابية لإخراجنا من "مستنقع النفايات والتلوث"، عكس ترشح بعض رواد المجتمع المدني، المناهضين لسياسة السلطة في إدارة ملف النفايات والموالين لها من خلال انخراطهم في لوائحها، استغراب كثيرين، فيما كان موضع تفهم عند قلة. 

 غير جدّي! 

حصلت "النهار" على محضر اجتماع ائتلاف إدارة النفايات مع وزير البيئة لطرح ملخص استراتيجية إدارة النفايات.

وهو الاجتماع الذي شاركت فيه منذ أيام المجموعات البيئية على أمل طرح أسئلتها ومخاوفها مباشرةً على الوزارة المعنية ومناقشتها، على الرغم من أن السياسة أقرَت، ومعها المحارق، وبعدها شرعت وزارة البيئة في الحوار مع البلديات والمجتمع المدني.

وبعد أن عرض ملخص السياسة وأثنى الخطيب على دور الوزارة في فتح باب الحوار أمام المجتمع المدني، حددت فترة النقاش والحوار وإبداء الملاحظات بعشر دقائق فقط للمتحدث.

وعرض الائتلاف ملاحظاته على السياسة، التي أقرها مجلس الوزراء، والتي نورد أبرز نقاطها كالآتي:

 وسجل الائتلاف تناقضاً في مقررات الحكومة، بحيث أقرت من جهة سياسة للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة تتضمن الدعوة للفرز من المصدر، وفصل المواد القابلة للتدوير واسترداد أكبر نسبة ممكنة من النفايات (استرداد مواد واسترداد طاقة) من خلال اعتماد السلم الهرمي للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة باتجاه الاقتصاد الدائري.  ومن جهة أخرى، أقرت اعتماد المحارق للتخلص من النفايات، وهو أيضاً خيار استراتيجي على الأقل لـ 20 أو 25 سنة المقبلة. هذان الخياران على تناقض كبير، وتعارض صارخ.  إن خيار المحارق ينسف عملياً خيار الإدارة المتكاملة في لبنان. بسبب نوعية النفايات المنتجة في لبنان والتي تتضمن 53% من النفايات العضوية عالية الرطوبة وذات قدرة حرارية منخفضة، ما يتطلب اعتماد المحارق إبقاء الورق والكرتون والمواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير في عداد النفايات الداخلة إلى المحارق و/أو تجفيف المواد العضوية قبل حرقها. وهذا بالطبع يحتاج إلى طاقة حرارية. وهذا يتعارض بشكل صريح وكامل مع خيار الفرز والتدوير الذي تقول به سياسة الإدارة المتكاملة التي أقرت. 

استرداد الطاقة! 

وهناك غموض في مبادئ السياسة العامة (القسم 1) الفقرة 2:  من حيث استخدام مصطلح "استرداد الطاقة". تقترح السياسة أن يزيد ما يسمى "استرداد الطاقة" من 35٪ في عام 2019 إلى 50٪ في عام 2025 وهو ما يتناقض مع سياسات وممارسات إدارة النفايات الصلبة المنزلية المعتمدة عالمياً. يجب أن تشجع هذه السياسة على زيادة إعادة تدوير المواد واستردادها على حساب عمليات الحرق والطمر.  في واقع حال قطاع إدارة النفايات الصلبة في لبنان يتم التطرق إلى النفايات الخطرة ولكن هذه النفايات غير ملحوظة في الاستراتيجية. إن ما يثير القلق هو أن تناول هذه المسألة انحصر بإقامة محطات للتخزين قبل “الترحيل”. فهل تنوي الحكومة الـ“ترحيل”، والأصح استخدام مصطلح الـ“تصدير”، لأن هذا الأمر يخضع لإجراءات وضوابط والتزامات اتفاقية "بازل" بشأن حركة النفايات الخطرة عبر الحدود وإدارتها السليمة بيئياً.  

وينطلق هذا الملخص من مبادئ عامة في الفقرة الأولى وينتقل في الفقرة الثانية إلى مبدأ الاسترداد والاقتصاد الدائري من دون التطرق إلى مبدأ التخفيف من الانتاج وهو المبدأ الأهم، حتى أن في الأهداف المحددة والنسب المعتمدة لم تلحظ أي نسبة للتخفيف من الانتاج. تلقي هذه السياسة بعملية التخفيف من إنتاج النفايات على عاتق البلديات، وفي الجانب الإجرائي تضع على عاتقها موضوع التوعية للتخفيف من الانتاج. بينما إن أساس التسلسل الهرمي، أي التخفيف من الإنتاج، يهدف إلى إعادة تصميم السلع بطريقة تقلل من إنتاج النفايات وتخفيض كمية وسُمّية النفايات المتولدة من عملية الإنتاج الذي يجب أن تعمل عليه وزارة البيئة والوزارات الأخرى المعنية مع القطاع الصناعي بشكل حثيث.  لم تتطرق هذا السياسة أيضاً إلى إعادة الاستعمال وأدواته مثل خلق سوق تبادل للنفايات بين الصناعات المختلفة. ولم تتطرق هذه السياسة إلى عملية نقل النفايات. .في الجانب الإجرائي ذكر أنه تعطى البلديّات التي أبدت رغبة بإدارة هذه المراحل، مهلة شهرين للتقدّم باقتراحاتها إلى اللجنة المبيّنة في الفقرة الرابعة (الجانب المؤسساتي)، على أن تكون المشاريع المطروحة مجدية بيئياً واقتصادياً. إن مهلة الشهرين غير كافية لتطوير مشاريع البلديات خاصةً إذا كانت تتضمن تأمين التمويل اللازم.

هدر مطلق  

وفي سياق ملاحظاته، سأل الائتلاف "لماذا تم اعتماد التنشيف؟ وما هو مصير النفايات المنشفة؟ هل هذا يعني أننا ملتزمون بالمحارق؟"، خالصاً الى إن هذا الخيار هو هدر مطلق. فلماذا تهدر الطاقة لتجفيف المواد العضوية وأرسلها للحرق، بدل معالجتها بواحدة من التقنيات المقبولة بيئياً واقتصادياً مثل الهضم الهوائي لصناعة الكومبوست النوعي، حيث إن سوق الكومبوست في لبنان يصل إلى 150 مليون دولار، مستورداً هذا المنتج من بلدان تحسن إدارة نفاياتها العضوية مثل هولندا وغيرها. أم بالهضم اللاهوائي، كما هي الحال في معملي صيدا وبكاسين، وهي تعتبر تجارب ناجحة لهذه التقنية، لتوليد البيوغاز والطاقة؟ 

وذكرت عضو الائتلاف و"بيروت مدينتي" ناهدة خليل لـ "النهار" أن الاجتماع مع وزير البيئة "عكسَ واقعاً هزلياً في التعاطي مع ملف النفايات". وردّت على منتقدي لقاء مشاركة الائتلاف في الاجتماع، مشيرة الى ان "وجودنا كان مهماً وفرصة لمعرفة ما يجري عن كثب". 

  [email protected]   

*الصور  عن مكب برج حمود بعدسة الصياد وسام فرنسيس. 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم