الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

لماذا يبدو التوتّر الغربيّ الروسيّ معرّضاً لمزيد من التدهور؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
لماذا يبدو التوتّر الغربيّ الروسيّ معرّضاً لمزيد من التدهور؟
لماذا يبدو التوتّر الغربيّ الروسيّ معرّضاً لمزيد من التدهور؟
A+ A-

دول كثيرة انضمّت إلى اتّخاذ خطوات تضامنيّة مع البريطانيّين وعلى رأسها الولايات المتّحدة التي قرّرت طرد 60 ديبلوماسيّاً روسيّاً وصفتهم بالجواسيس كما أغلقت قنصليّة روسيّة في سياتل. أتت هذه الخطوة على الرغم من أنّ الرئيس الأميركي دونالد #ترامب يكنّ تقديراً إلى نظيره الروسيّ فلاديمير #بوتين، وقد اتّصل به الأسبوع الماضي ليهنّئه بعد فوزه بولاية رابعة، علماً أنّ مجلس الأمن القوميّ نصحه بعدم فعل ذلك. وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد رحّل 35 ديبلوماسيّاً مع اتّهامه موسكو بالتدخّل في الانتخابات الرئاسيّة سنة 2016.


أكثر من 120 ديبلوماسياً

إلى جانب الولايات المتّحدة، قرّرت 16 دولة من الاتّحاد الأوروبّي الردّ على الروس بطرد العشرات من ديبلوماسيّيهم ممّا قد يرفع عدد المبعدين إلى أكثر من 120 شخصاً. من جهتها، أعلنت أستراليا يوم أمس الثلاثاء أنّها ستطرد اثنين من الديبلوماسيّين الروس وأنّها اتّخذت قرارها بالتشاور مع بريطانيا وحلفاء آخرين. وعبّرت هذه الخطوات المتزامنة عن وجود تنسيق غربيّ واضح تجسّد في إبداء جواب ديبلوماسيّ موحّد من حوالي 25 دولة تتشارك في النظرة نفسها إلى السلوك الروسيّ. وهنالك دول اكتفت باستدعاء السفير الروسي "للتشاور" مثل لوكسمبورغ.


خطوة ترامب أكبر من المتوقع

لا شكّ في أنّ الموقف الغربيّ هذا قد أعطى رئيسة الوزارء البريطانيّة تيريزا ماي جرعة ثقة، وتحديداً في وقت صعب على بلادها التي تفاوض بروكسيل للخروج من الاتّحاد الأوروبّي. وقد أعطى الجواب الغربيّ الواسع إشارة للروس بأنّ الخلافات الداخليّة لن تقف عائقاً أمام مواجهة أي اعتداءات يشتبه أن تكون موسكو قد ارتكبتها على أراضي أي دولة غربيّة. المدير البارز في شركة "كونترول ريسك" لإدارة المخاطر تيم ستانلي أكّد لشبكة "سي أن بي سي" أنّ الردّ الغربيّ وخصوصاً الأميركيّ هو "نصر ديبلوماسيّ" لماي مضيفاً أنّ خطوة واشنطن جاءت أكبر من المتوقّع بعدما ساد اعتقاد بأنّ الولايات المتّحدة سترحّل تقريباً العدد نفسه الذي رحّلته بريطانيا. وأضاف أنّ هذا الطرد المتبادل هو الأكبر منذ عهد إدارة رونالد ريغان مشيراً إلى أنّ إجراءات الردّ بالمثل يمكن أن تشهد تصعيداً سريعاً جدّاً.



إضافة إلى برهان إدارة ترامب عن دعم حازم لبريطانيا أمكن أن يفاجئ الحلفاء قبل الخصوم، كان لافتاً أنّ الردّ الثالث من حيث الحجم لم يكن من نصيب #ألمانيا أو #فرنسا اللتين طردت كلّ منهما أربعة ديبلوماسيّين بل كان من نصيب أوكرانيا التي لا تنتمي للاتّحاد الأوروبي. فالأخيرة طردت 13 ديبلوماسيّاً روسيّاً بعدما قال رئيسها بيترو بوروشينكو إنّ "روسيا أعادت مجدّداً التأكيد على موقفها المزدري بسيادة الدول المستقلّة وبقيمة الحياة الإنسانيّة". أمّا حلف شمال الأطلسي "ناتو" فقد طرد سبعة ديبلوماسيّين ورفض طلب اعتماد ثلاثة آخرين.


"رسالة مهمّة"

في ظلّ هذا الردّ المنسّق، لفت البعض النظر إلى ثغرات في سياسة الدول التي قرّرت معاقبة روسيا ديبلوماسيّاً. صحيفة "الغارديان" البريطانيّة رأت أنّ هذه الإجراءات "رمزيّة" في الجزء الأكبر منها. فعلى الرغم من كونها ستؤثّر سلباً على جمع روسيا لمعلوماتها الاستخبارية، لا تشمل هذه الإجراءات عمليّات التجسّس غير المغطّاة بعباءة ديبلوماسية. وأضافت أنّ بعضاً من الدول المنخرطة في الإجراءات لم يطرد إلّا مسؤولاً واحداً، كما أنّ نصف دول الاتّحاد الأوروبي فقط قد تحرّك. لكن يبقى أنّه "في عالم من الخيارات غير الكاملة"، كان للإجراءات المتّخذة هذا الأسبوع "رسالة مهمّة".

قد يكون من المبكر إطلاق الحكم على هذه الردود طالما أنّه لم يُعرف بعد ما إذا كانت قد اتّخذت شكلها النهائيّ حتى الآن أو أنّه ما زال هنالك احتمال لمزيد من الإجراءات العقابيّة. وبحسب بعض المطّلعين الذين عملوا في إدارات سابقة على موضوع العقوبات، هنالك على الأرجح المزيد ممّا هو قادم.


خيارات قد تكون مطروحة

سامانثا فينوغراد، مسؤولة سابقة في مجلس الأمن القوميّ خلال إدارة أوباما وفي وزارة الخزانة خلال إدارة بوش الابن، كتبت مقالاً في مجلّة "بوليتيكو" الأميركيّة طالبت من خلاله قرّاءها بعدم افتراض أنّ الخطوات الأميركيّة تجاه روسيا قد توقّفت عند هذا الحدّ. ومن بين الأساليب التي يمكن أن يلجأ إليها #ترامب هو سحب سفيره من #موسكو لأنّ روسيا ستجد صعوبة أكبر في الاجتماع بأي مسؤول أميركيّ رفيع المستوى. ويمكن لترامب أيضاً أن يفرض عقوبات على المقرّبين من بوتين مستشهدة بكلام بولتون حول الحاجة إلى عقوبات أشمل بدلاً من تلك المحدّدة، مشيرة إلى أنّ بوتين لا يحبّ معاقبة المقرّبين منه. ووضعت احتمال شنّ واشنطن هجوماً سيبيريّاً ضدّ موسكو بما أنّ الأخيرة سبق لها أن استخدمت سابقاً الأسلوب نفسه. وإلى جانب شنّ حملة دعائيّة ونفسيّة، ذكرت أنّ "القوّة العسكريّة هي دائماً خيار على طاولة (البحث)". وبالرغم من أنّ هذا الاحتمال نظريّ، فإنّ "القوّة الصلفة يمكن أن تشقّ طريقها إلى أجندة (الإدارة)" مع ازدياد مؤيّدي تغيير الأنظمة داخلها.

قد يكون سحب السفير الأميركيّ من روسيا هو الأقرب إلى أرض الواقع إذا ما أرادت واشنطن متابعة إجراءاتها ضدّ موسكو. فهذا الخيار هو الأقلّ كلفة على الطرفين مقارنة بالخيارات الأخرى التي قد تدفع بالتوتّر الثنائيّ إلى التفلّت من ضوابطه الدوليّة. وفي جميع الأحوال، ستؤدّي طبيعة الردود المرتقبة من موسكو دورها أيضاً في تحديد الخطوات الغربيّة المقبلة.





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم