الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ساندي باول مصممة سكورسيزي الفائزة بثلاثة أوسكارات لـ"النهار": الزيّ الجيد في الأفلام هو الذي لا نلاحظه

المصدر: "النهار"
ساندي باول مصممة سكورسيزي الفائزة بثلاثة أوسكارات لـ"النهار": الزيّ الجيد في الأفلام هو الذي لا نلاحظه
ساندي باول مصممة سكورسيزي الفائزة بثلاثة أوسكارات لـ"النهار": الزيّ الجيد في الأفلام هو الذي لا نلاحظه
A+ A-

"عندما كنت طفلة، كانت أمي تخيط لي ولأختي. منذ الصغر، اعتدتُ ان أنتقي ملابسي. ثم بدأتُ أخيط للدمى، قبل ان أنتقل بسرعة إلى تصميم ملابسي الخاصة". بهذا الإيجاز، استهلّت مصممة الأزياء البريطانية ساندي باول (٥٨ عاماً) سيرتها السينمائية في الدوحة التي حضرت اليها للمشاركة في الدورة الأخيرة من "قمرة" (٩ - ١٤ الجاري) حيث قدّمت ندوة وتحدّثت عن تجربتها في تصميم الأزياء التي انطلقت في منتصف الثمانينات. لبّست باول أشهر الممثلين، من دانيال داي لويس وليوناردو دي كابريو إلى جودي دنتش وكايت بلانشيت فجوليان مور، ونالت ثلاث جوائز "أوسكار" عن شغلها المتقن في كلّ من "شكسبير مغرماً" (١٩٩٨) و"الطيّار" (٢٠٠٤) و"فيكتوريا الشابة" (٢٠٠٩)، علماً انها ترشّحت ١٢ مرة.   

"في البداية، لم أكن أتوقع انها ستكون مهنتي، قبل ان ألتحق بالمعهد كي أتعلّمها على أصولها"، تقول السيدة التي عملت حتى الآن في سبعة أفلام لمارتن سكورسيزي و٤ لتود هاينز. الا ان مشاهدتها لعرض ليندزي كمب وديفيد بووي خلال مرحلة الـ"زيغي ستارداست" في السبعينات، فعلت فعلتها وحفرت أثراً كبيراً في نفسها، لا بل غيرت حياتها - كما تقول -، فقررت ان تكون جزءاً من عالم الـ"شوبيز". تسجلّت باول في مدرسة لندن المركزية للفنون، تابعت الحصّة الدراسية التي تُعنى بالتصميم المسرحي، ديكوراً وأزياءً، الا ان التحصيل الأكاديمي لم يشفِ غليلها، ففضّلت الحرفة والممارسة اليومية على النظريات. التحقت بفرقة مسرحية، وبدأت تتعلم من أخطائها. "تصميم الأزياء للمسرح يختلف تماماً عن تصميمها السينما، كون الأزياء ستُشاهَد من على مسافة معينة"، قالت باول في حوار مع ريتشارد بنيا امتد لنحو ساعتين من الزمن مع عرض لمشاهد من أفلام تكشف تفاصيل شغلها على أزياء تنتمي إلى مختلف الحقب التاريخية. على هامش هذه الندوة، أتيحت لـ"النهار" محاورة باول، وفي الآتي تفاصيل هذا اللقاء.  

 * بدأتِ مع درك جارمان، صحّ؟ 


- نعم. هل أنت مطلع على أعماله؟ 

* بالتأكيد. شاهدتُ "كارافاجيو" وأفلامه الأخرى…

- يبهرني دائماً ان أعلم ان الناس يعرفون أفلامه. قابلتُ درك في العام ١٩٨٤، وكنت وقتذاك أعمل في المسرح، لكنني بدأتُ أهتم بالسينما. من أفلامه، كنت شاهدت "العاصفة" و"يوبيل". لا أعرف كيف حصلتُ على رقم هاتفه، ودعوته إلى مسرحية كنت صممتُ لها الملابس، فجاء وكان كريماً جداً، دعاني لاحتساء الشاي معه، ونصحني انه اذا كنت أريد دخول السينما فعليّ ان أبدأ بكليبات موسيقى البوب التي كانت بدأت لتوها في الانتشار. رأساً، عرّفني إلى منتجين، وهكذا بدأنا نشتغل على كليبات معاً.

* هل الأزياء تعكس عادةً رؤيتك أم رؤية المخرج؟


- اذا عملنا في ظروف مثالية، فمن المفترض ان تعكس وجهة نظر الإثنين معاً. في البداية، أبدأ في الحديث مع المخرج لأعلم ما هي رؤيته، ذلك ان مهمتي أصلاً هي ان أساعده لإيصال تلك الرؤية. فالفيلم فيلمه وكلّ ما فيه نابع من رؤيته. مع ذلك، أضع بعضاً من لمساتي على عملي. هذا يتوقف على المشروع عادةً، بعضٌ منه رؤيتي وبعضٌ منه رؤية المخرج. عموماً، كلّ ما أحتاجه من المخرج هو ان يمدّني بأكبر قدر من المعلومات، هذا اذا كان يعلم تماماً ماذا يريدني ان أفعل، وقادراً على التعبير عنه سواء بالكلمات أو الصور. آخذ المعطيات وأتبناها ثم أقدّم نسختي الخاصة عنها.  

* هل ثمة صراعات تحدث أحياناً محورها الأزياء؟ 

- الأمر كما في أي علاقة. العمل مع مخرج هو علاقة. يثيرني ان يكون هناك صراع. الصراع في الكثير من الأحيان يجعلك تراجع ما تفعله. وقد ينتج منه شيء إيجابي.

* مجال الأزياء ليس كلّ السينمائيين خبراء فيه، تالياً لا يمكنهم التحكم بك، صح؟ أقصد ليست علاقتك بهم كعلاقتهم بمدير التصوير…

- صحيح. السينمائيون يفقهون أكثر بالتقنيات وبدرجة أقل بالأزياء، لكني آمل دائماً الا تكون السيطرة، مما يهدف اليه المخرج. على المخرج ان يلهمني. عادةً، لا أحبذ العلاقة المبنية على السيطرة، ولا أعتقد أنها أساس كلّ علاقة سوية. أنا أحاول الاستحصال على المشاعر التي يبحث عنها المخرج، ثم أبحث عن هامش من الحرية كي أوفر له ذلك في الأزياء.

* أهكذا تعملين مع سكورسيزي؟

- أعمل مع سكورسيزي بالنحو الذي شرحته لك. هو يؤمّن لي الكثير من المعلومات عن الشخصيات والكثير من المراجع التي ينبغي لي ان أستند اليها، وكذلك الكثير من المواد التي تتيح لي البحث والتنقيب في المراحل الزمنية المنوي العمل عليها. مارتي إنسان مثقف يعي أهمية الأزياء في الفيلم ويستمتع بالنظر اليها. هو يمنحني إستقلالية تامة كي أفعل ما أراه مناسباً، علماً انه اذا رأى شيئاً لم يعجبه، فيعلمني بذلك، ونعدّله.

* عملكم كمصممي أزياء لا يُلاحَظ للأسف، الا في الأفلام التي تروي حقبة قديمة… 

- صحيح. أوافقك على ذلك. أزياء الأفلام القديمة تلفت أكثر. لسبب ما، يعتقد الناس انها أصعب. يهتمون بها أكثر، لأن الأزياء العصرية يرونها كلّ يوم في حياتهم، خلافاً للقديمة. رغم ذلك، هذه الأزياء تحتاج إلى القدر نفسه من الصعوبة والموهبة والوقت لتصميمها، ولكن لا أحد يكترث لها. لا أحد يخرج من فيلم معاصر ويقول لك "أعجبتني الأزياء". أصلاً، الزي الجيد هو الزي الذي لا تلاحظه. اذا المصمم جعلك لا تلاحظه، فهذا يعني ان الشخصيات صارت قابلة للتصديق.

* ولكن، الا يحصل ان يأتي الممثلون بملابسهم في بعض الأفلام؟

- لا، البتة. الممثلون لا يأتون إلى التصوير بملابسهم الخاصة. اذا أوحي لك ذلك، فهذا يعني ان المصمم قام بعمل جيد. السبب الذي يمنع ان يمثل الممثلون بملابسهم هو انه سيعود حتماً بملابس أخرى في اليوم التالي. لا يمكن الوثوق بالممثل. وهذا قد يؤدي إلى خلل في استمرارية الحوادث وتسلسلها. قد نستخدم ملابسهم لنستلهم منها، ولكن علينا ان نذهب لنشتري شيئاً شبيهاً بها.

* حتى في بعض الأفلام ذات الموازنة الضيئلة جداً؟ 

- ربما. ولكن اذا كنت أعمل على فيلم كهذا، فلا أدع الممثلين يأخذون ملابسهم معهم إلى البيت، بل أصادرها في نهاية اليوم. تخيل ان يعود في اليوم التالي بجوارب مختلفة، هذا سيخرّب العمل. علماً انك أحيانا لا تملك المال، تنجز أفلاماً أفضل مما لو كان في تصرفك الملايين. في هذه الحال، عليك ان تقتصد وتنفق المال فقط على ما سيظهر على الشاشة.

* هل تعملين مع الممثلين بشكل وثيق؟

- كوني ألبّسهم، فرأيهم يهمّني. لا أصمم أي زي من دون ان أعرف مَن هو الممثل الذي سيرتديه. لا أصمم بشكل عشوائي. لم يحصل ان تبدّل ممثل وأنا أعمل على أزياء شخصية ما، ربما حصل ان ممثلاً ما أختير في اللحظة الأخيرة، وفي هذه الحال عليّ تدبر أمري. أحياناً، عندما أقرأ السيناريو، لونٌ معينٌ يرتبط بالشخصية في مخيلتي، وهو لون قد يعود ويتغير عندما ألتقي الممثل. لأن يتبين ان هذا اللون لا يناسبه. فأنا أعمل بطريقة غريزية لا ذهنية. لا أستخدم الألوان كي أرمي إلى معنى ما، أستعملها فحسب.

* هل تتحملين نزوات الممثلين؟ هل هم مصدر عذاب لكِ؟ (ضحك). 

- كلّ واحد منهم مختلف عن الثاني. إنهم ممثلون. الممثلون ناس في منتهى الغرابة! بعضهم يعذّبك وبعضهم لا، ولكن في النهاية هذا جزء من المهنة التي تطلب منك ان تتواصل مع الناس وتجعلهم يشعرون بالراحة. أبذل جهداً أكبر مع الذين يعذبونني لأجعلهم يطمئنون. عادةً، لبّ المشكلة هو الآتي: فقدان الثقة بالذات.

* كيف تصفين العمل مع دانيال داي لويس؟

- كنت قلقة قبل لقائه. سمعتُ انه صعب جداً، لكنه لم يكن صعباً البتة. فهو يتعامل بجدية مع الشخصية التي يجسّدها. استمتعتُ بنقاشاتنا حول بناء الكاراكتير. هذا مسار طبيعي. كان عليّ ان ألبّس الشخصية وجسد الممثّل على نحو يتطابق مع كليهما.

* في رأيك، هل الأزياء تؤثر في أداء الممثلين؟ 

- بالتأكيد. لذلك، على الممثل ان يشعر براحة في الزي الذي يلبسه، ويتحرّك بسهولة. في الحالة العكس، عليك ان تشخص المشكلة وتحاول ان تحلّها، والا انعكست سلباً على أدائه. سيصعب على الممثل ان يقتنع بشخصيته اذا لم يكن مرتاحاً في ما يلبسه.

* هل عدم الراحة يقتصر على أزياء الأفلام القديمة؟

- ممممم. الزي القديم يجعلك تشعر بغربة، مع انني أسعى دائماً ألاّ اجعل الأزياء مربكة. ما نرتديه اليوم أخفّ، مريح يناسب الجسم، فاذا لبَّست الممثل شيئاً آخر، فعليك جعله يعتاد قبل استعماله.


* ولكن، ما الذي يجعلك تقبلين مشروع فيلم أو ترفضينه؟

- السيناريو بالتأكيد. لا أعمل على فيلم لا أقبل ان أنفق عليه المال لمشاهدته. هناك طبعاً عناصر أخرى قد تساهم في حسم قراري.

* كم من الوقت تعملين على فيلم عادةً؟

- فيلم مثل "عصابات نيويورك" تطلب نحو عام من العمل. كان مشروعاً بالغ الضخامة.

* ما الفيلم الأصعب الذي عملتِ عليه؟ 

- كلّ فيلم صعب في مجاله. في "عصابات نيويورك"، كان الشغل غاية في الصعوبة لأنه كان أول فيلم مع سكورسيزي، ولم أكن أعرفه. صوّرناه في إيطاليا، وهذا يعني الانغماس في ثقافة ولغة وأساليب عمل مختلفة عن تلك التي اعتدتُ عليها. ولكن، هذا كله كان تحدياً لي. أعتبر دائماً ان جزءاً من مهنتي هو القفز فوق الصعوبات، لا ان اكتفي بما يجعلني أستمتع. لا أعتقد انني كنت لأستمتع لو كان كلّ شيء سهلاً.

* هل تستعينين باللوحات التشكيلية كمصدر بصري؟


- آه، طبعاً، دائماً، الصور الفوتوغرافية واللوحات ضرورية جداً، مهما كانت طبيعة الفيلم. الألوان أيضاً مهمة عندي. أخلقها، اذا لم أجدها. نحن لا نصنع أفلاماً وثائقية، بل ترفيهية. 

* هل لك مشغلك الخاص؟ 


- لا. أختار مشغلاً في مكان التصوير. كوني أتنقّل كثيراً، ليس عملياً ان يكون لي مشغل في مكان واحد. لا ينفع ان أكون في مشغلي في لندن، والتصوير في نيويورك لمدة تسعة أشهر.  

* هل تحتفظين بالأزياء؟

- أحياناً، عادةً لا يحقّ لي، لكني أملك بعض الأشياء القليلة.

* مَن المصمم الذي أثّر فيك أكثر من غيره من المصممين الكبار؟ 


- بيارو توزي طبعاً الذي عمل مع فيسكونتي وفيلليني. كنت أهرب من المدرسة كي أشاهد "موت في البندقية"، كنت في الرابعة عشرة وشاهدته سبع مرات. عندنا نشاهده اليوم نعي اننا في السبعينات، ولكن مع ذلك هو عظيم. 

* نلتِ ثلاثة أوسكارات. كيف غيّرت حياتك؟

- فوزي بثلاثة أوسكارات أمّن لي إستقلالية، بمعنى انه سمح لي بخيارات أوسع. الفوز بأوسكار يعزز صيت الشخص ويكرّسه، فيتلقى عروضاً أكثر، وهذا يعني انه لديه خياراً أكبر ليقرر ما يريده. مع ذلك، قررتُ الاّ أعفي نفسي من خوض مغامرات سينمائية صغيرة. لا أريد ان يقترن اسمي بالمشاريع الكبيرة فحسب.

* علامَ تعملين الآن؟ 


- انتهيتُ قبل اسبوعين من العمل على فيلم "الإيرلندي" لسكورسيزي. الآن أرتاح. أعتقد سيكون فيلماً مهماً.  

"كارافاجيو" لدرك جارمان (١٩٨٦) 


"مرجعيتنا في هذا الفيلم كانت الواقعية الإيطالية الجديدة. شاهدنا "سارق الدراجة" لدي سيكا. هذا هو الشعور وهذه هي الحقبة التي كان يريدها درك: الأربعينات وللوك المتسّخ. لم نكن نعرف ماذا نفعل؛ كانت التجربة الأولى للكثير من العاملين فيه. أتذكّر ان معدّل العمر للعاملين في الفيلم كان ٢٥. وأتذكّر ان المشرف على السيناريو زارنا وطلب حضور شخص يراقب عملنا، فأنا بصراحة لم يكن عندي أدنى فكرة عما أفعله. تعلّمتُ كثيراً مع درك، واستمتعتُ، واعتقدتُ ان كلّ الأفلام ستكون هكذا، ولكن للأسف لم تكن كذلك. درك كان مصمماً، فضلاً عن كونه مخرجاً، فجاء بالكثير من المرجعيات البصرية لتسهيل عملي، وأعدنا احياء الكثير من لوحات كارافاجيو".  

"فلفت غولدماين" لتود هاينز (١٩٩٨) 

"كنت سمعتُ عن تود هاينز قبل ان أتورط في هذا الفيلم. قيل لي ان مخرجاً أميركياً سيأتي إلى لندن لإتمام فيلم عن الروك الغلامور، فقلتُ في سري سأعمل فيه، ولا يهمّني مَن يكون المخرج. فأنا كنت مراهقة في السبعينات، وكنت راغبة بشدة بهذا الفيلم منذ البداية. كلّ شيء سار بشكل إيجابي جداً منذ لقائي الأول بتود. استخدمنا أزياء حقيقية تعود إلى السبعينات للكومبارس، البقية صممناها. الكثير من المراهقات المعجبات بالفيلم، كنّ يرتدين أزياء كنت أرتديها عندما كنت في عمرهن. أما بقية الأزياء، فكانت من ابتكاري تماماً، بمعنى انها من الأزياء التي كنت أتمنى لو استطعتُ لبسها في هاتيك الأيام. عندما خرج الفيلم، بعضهم انتقد الأزياء، وقالوا انها لم تكن مطابقة للزمن. لم أكترث! كانت الأزياء إنعكاساً لما كنت أتمناه. الأحذية ذات الكعوب العالية جداً، هذه فبركناها، لم نجد مثلها في السوق، واليوم بات العثور عليها أصعب بعد مرور عشرين سنة. عملتُ على كلّ أفلام تود، ما عدا "لستُ هناك" و"ميلدريد برس"، المسلسل الذي أخرجه للتلفزيون”.  

"شكسبير مغرماً" لجون مادن (١٩٩٨) 


"لا أتذكّر كيف وصلتُ إلى العمل على هذا الفيلم. أُرسل لي السكريبت، طالعته ولم يترك فيّ انطباعاً جيداً، لا بل وجدته غبياً. التقيتُ جون مادن، وقلتُ له اني لا أجد النصّ طريفاً، خلافاً له. عندما غادرتُ مكتبه، قلت في نفسي انني لن أحصل على هذه الوظيفة، ولكن المهام في الأخير أُسندت إليَّ. عندما بدأتُ بالعمل على الفيلم، استمتعتُ جداً. الاشتغال على العصر الإليزابيتي كان عظيماً، وخصوصاً مع روح الدعابة التي جاء بها الفيلم. أجريتُ أبحاثاً كثيرة عن الحقبة كي أصمم الأزياء. لجأتُ إلى الفنّ التشيكلي كذلك، فأنا أستعين بكلّ نوع فني يساعدني على إلقاء الضوء على الحقبة، حتى الألوان أو المشاعر تلهمني. في الفيلم، وددنا تصوير شكسبير كشخص عادي، فألبسناه المعادل الإليزابيتي للجينز والجاكيت في زمننا الحالي. كان هذا لإظهار مدى فقره، اذ يعود ويلبس الأشياء نفسها كلّ يوم. كانت هذه الفكرة خلف اللوك الذي اعتمدناه له. أما بالنسبة إلى الملكة إليزابيت، فهذه إليزابيت الثانية التي ألبّسها (الأولى كانت في "أورلاندو" لسالي بوتر - ١٩٩٢)، وهذه المرة جسّدتها جودي دنتش… ما فعلته هو انني تأملتُ كلّ بورتريهات الملكة ولم أستلهم من أي منها. النسخة التي نراها، مختلقة وممسرحة. جودي لبست ٣ أزياء، أطلت بكلّ واحد منها لنحو خمس ثوانٍ".  

"عصابات نيويورك" لمارتن سكورسيزي (٢٠٠٢) 


"تلقيتُ إتصّالاً من مدير أعمالي يسألني اذا كنت مهتمة بقراءة سكريبت لفيلم من إخراج سكورسيزي سيتم تصويره في روما. قراءة النصّ تطلبت مني أسبوعاً، ثم طرتُ إلى نيويورك لمقابلة مارتي. فهمتُ انه كان يبحث عن مصمم أوروبي، كون الفيلم سيصوَّر في إيطاليا. صُوِّر الفيلم بالشريط السينمائي. وعندما نصوِّر بالشريط، نقع في إشكالية أي طبقة من الأحمر نريد ان نستخدم. مع الوقت، أدركتُ الفرق بين اللون الذي أستخدمه واللون الذي سنراه على الشاشة. هذا الفارق ازداد مع الديجيتال. ومع قدوم الـHD، ازداد الأمر سوءاً، لأنك قادر على رؤية كلّ التفاصيل. أحياناً، كنا نلجأ إلى تعديل الألوان بواسطة التقنية الرقمية، أقصد عندما كان اللون المطلوب يصبح لوناً آخر. في "الطيّار" مثلاً، ارتدت كايت بلانشيت فستانين، واحداً أخضر والثاني أصفر. بعد انتهاء التصوير، صدف انني كنت في نيويورك فمررتُ على ثيلما (سكونمايكر، مونتيرة أفلام سكورسيزي)، لأفاجأ بأن لون الفستانين تغير على الشاشة. فقمنا بتعديله رقمياً، كي يتناسب مع رؤيتي. وقال المنتج وقتها ان أحد هذين الفستانين هو الأكثر كلفةً في تاريخ السينما. 


"عصابات نيويورك"، تقع أحداثه في جزء من نيويورك يُعرف بـ"فايف بوينتس"، كان مارتي يريده عالماً في ذاته، عالما متخيلا، لا يشبه أي شيء آخر! مقاربته كانت مؤسلبة، لكنها استندت إلى الكثير من المعطيات الحقيقية. خارج هذا العالم، كان الديكور تقليدياً. تصميم الملابس استغرق أشهراً وأشهراً. كلّ الملابس التي صممتها مرت على فريق تولى عملية صبغها. وتم الاشتغال عليها كي تبدو مستعملة، لا خارجة من عند الخياط. حتى تلك التي لبسها دانيال داي لويس، خضعت للآلية نفسها، ولكن بدرجة أقل. فعلتُ هذا مع كلّ زي صممته. عادةً، أكون في موقع التصوير في كلّ مرة يكون فيها مشهد جديد ويجب عليّ تلبيس الممثّل. أغادر ما إن أنجز هذه المهام. أملّ من البقاء في موقع التصوير، لأن الأمر يتعلق غالباً بالإنتظار الطويل. وأنا أعمل في استوديوات تشينيتشيتا على هذا الفيلم، كنت أشعر بشبح فيلللني يلمس كتفي".  

"هوغو" لمارتن سكورسيزي (٢٠١١) 


"كان مارتي يريد فيلماً تستطيع ان تشاهده ابنته فرانتشيسكا التي كانت تبلغ آنذاك العاشرة. هذا فيلم يستعيد من خلاله بعضاً من تاريخ فنّه، أي السينما، من خلال جورج ميلييس. معظم الملابس التي استخدمناها حقيقية وتعود فعلاً إلى الحقبة التي تجري فيها الأحداث، وتوخّينا الدقّة في هذا المجال. أتينا بأزياء من باريس ولندن وروما ولوس انجليس. وددتُ ان نعرف الخلفية الثقافية لكلّ كاراكتير من خلال ما يلبسه. شارك في الفيلم مئات من الكومبارس الذين وجب علينا إلباسهم، وهذا عمل مضنٍ جداً، وخصوصاً بسبب المقاسات".  

"كارول" لتود هاينز (٢٠١٥) 


"تدور حوادث الفيلم في مطلع الخمسينات. المقاربة واقعية جداً. تود، كعادته، وفّر لي الكثير من المواد البصرية والاحالات. اعتمدنا الكثير من فوتوغرافيا الشارع، وخصوصاً سول ليتر. فأخذتُ منه كلّ مرجعياته وبدأتُ العمل عليها، وتصفّحتُ كثيراً أعداداً قديمة من مجلة "فوغ". طبقات الألوان المستخدمة في هذه الحقبة كانت هادئة. والأزياء التي تضعها كايت بلانشيت تجعلها "سوفيستيكية" وعلى الموضة، وبعض الشيء محافظة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم