الدوّامة الوطنيّة القاتلة ووَهم الانتخابات النيابيّة

الدَوَّامة القاتلة. منذ فترة وأنا ابحث في قاموسي عن كَلِمة مَلِكة، لتوصيف حالتنا الوطنيّة حيث تَتَراكَم الأمراض بدون علاج. عن كلمة تُعبِّر بشكل دقيق عن حالة هذا البلد الذي كان قطعة سماء ورسالة، فأمسى ساحة تنقيب ومَكبّ نفايات. فنَزِلَت عَليّ كلمة الدوّامة في بَديهيَّة تشبه نزول الألواح على موسى. وجاءت مُشاهدتي لفيلم "قضية 23" للمخرج زياد دويري، لتُثبِّتني في قناعتي لها. فالدوَّامة، تماماً كما في أحداث منطقة الحدت أخيراً، تعني تداخل تدريجي للأمور والأحداث بعضها ببعض، بشكل سلبي، بدون مَقاييس، فتتدافع في ما بينها وتتضارب بدون رادع، بوتيرة عصبيّة وسريعة لا تخلو من العنف الفكري والكلامي والجسدي. فتتفلّت الأمور وتتطوَّر نحو خواتيم قاتلة لم تكن في الحسبان، تُعَرِّض الجميع، في كل حين للانفجار الكبير. مُواجهات "الحدت" لا زالت هي الحدث لمن يَقرأ في أمراض هذا الوطن وجراحاته التي لا تزال تنزف داخليّاً من دون دواء. فنحن في دوّامَة شدّ العَصَب وفي مرحلة الخطابات الطنّانة والرنّانة من دون الأفعال الجامعة المَبنيَّة على قيم وسياسات وطنية. لم تأت "الحدت" من لا شيء، فالتباعد الفكري يؤسس للتباعد المجتمعي، والعنف الكلامي يؤسس للعنف الجسدي. والاستقرار الذي يُرَوَّج له...