الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"ضدّي" لا يُجمِّل ولا يُجامِل: لقانون مدني مُوحَّد للأحوال الشخصية

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
"ضدّي" لا يُجمِّل ولا يُجامِل: لقانون مدني مُوحَّد للأحوال الشخصية
"ضدّي" لا يُجمِّل ولا يُجامِل: لقانون مدني مُوحَّد للأحوال الشخصية
A+ A-

الحرارة تُحبِط جسد طفلها وتُنهك حماسته وحركته. "هل تناول دواءه؟ مَن يسهر الليل قرب أوجاعه؟". ولعلّها سمعت استغاثته ولمست حاجته إليها، تلك الحاجة التي لا يعوّضها أحد. أمٌ حُرمَت ابنها، تروي المعاناة، كنساء أخريات في وطن المأزق الإنساني. فيلم "ضدّي" لجمعية "كفى"، إعداد ديانا مقلّد وإخراجها، (عُرض في صوفيل)، اختزال للنموذج النسائي المقهور باللعنة الطائفية.

مدّة الشريط نحو خمسين دقيقة، والوجوه ظاهرة بفجاجة الألم في الملامح. نساء من دون تمثيل، أُرغِمن على الجرح، يحضرن بكامل الرغبة في تعرية القوانين- الفضيحة. تدرك مقلّد صعوبة المَهمّة. كثيرات يصمتن لأنّ الصراخ قد يكلّف تنازلات هائلة. القيد حول الرقبة مؤلم، فإن تمادى في قسوته، كثَّف نزيف القلب. تُخبر "النهار" أنّ إنجازه تطلّب أشهراً بين بحوث ومقابلات. "لم يكن سهلاً إقناع نساء من مختلف الطوائف بالبوح بتجربتهنّ. العمل مُرهِق. نساء من السنّة والشيعة والموارنة وطوائف أخرى، وضعن الإصبع على المستور في المحاكم. تعذّر إقناع نساء من بعض الطوائف (منها الدرزية) مشاركة المعاناة بالاسم الحقيقي والوجه الظاهر. الواقع أشدّ ألماً وصفعاً. لكن في الخلاصة استطعنا تقديم نموذج عما يعنيه كوننا لبنانيات خاضعات للسُلطة الدينية. صحيح أنّ للمرأة اللبنانية حرّيتها الاجتماعية، لكنّنا لن ندرك المعنى الحقيقي للظلم والإحجاف اللذين يُرهِقان النساء ما لم نخترق عتمات السكوت".

لم يُسمح لها بالتصوير في المحاكم. جلسات عدّة حضرتها للبتّ في مصير نساء بقضايا تتعلّق بالزواج المبكر والطلاق والحضانة وبعض عقبات الزواج المختلط. "صوّرتُ لقطات سرّية مع مراعاة المعايير، فلم أظهِر وجوه القضاة ولا الهويات والأسماء. أردتُ المجاهرة بما يحدث. نقل المشهد على حقيقته. ولم يُسمح لي بمقابلة رجال دين إلا بشروط تمسّ بحرية عملي، فلم أساوم. الشريط فسحة للنساء. لصوتهنّ. لوجعهنّ. لما يخشى الجميع إظهاره". 

الفيلم ليس لأغراض تجارية. عرضته "متروبوليس- صوفيل" بترخيص من الأمن العام اللبناني، ويجري البحث في إمكان عرضه ثانية أو عبر الانترنت لينال انتشاراً أوسع. والتلفزيون؟ "للشاشات ضوابط ومعايير، ولن تحتمل عرضاً لا يُجمّل ولا يُجامل. القصص لا تنتهي، ودوري الصحافي عرضُها بقسوتها وفظاعتها. نيل المرأة حقوقها يبدأ من هنا. من نفض القوانين المُجحِفة المُكرِّسة ذكورية الرجل وسُلطة الدين، وسنّ قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية، يتساوى البشر فيه بالحقوق والواجبات". أتأملين بالتغيير؟ "لستُ صاحبة القرار. السُلطة مسؤولة عن التشريع ونحن نناضل".

"كفى" 

15 قانوناً للأحوال الشخصية في لبنان، تتحدّث عنها المسؤولة الإعلامية في جمعية "كفى عنف واستغلال" ديالا حيدر. تُخبرنا أنّ سياق الفيلم يأتي ضمن حملة تطلقها الجمعية تزامناً مع يوم المرأة، تتعلّق بقوانين الأحوال الشخصية. تؤكد مواصلة النضال والعزم على خرق الممنوع. "نعم، المسألة صعبة والواقع أشدّ صعوبة. إشكالية الأحوال الشخصية من الإشكاليات الأكثر مرارة في مسيرة نضالنا. لكن ثمة دائماً مكاناً ينبغي أن ننطلق منه. ما كان "تابو" في الأمس، بات اليوم مادة للجدل". "ضدّي" و"كفى"، نُبل المحاولة لبلوغ إنسان أقلّ وجعاً.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم