الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

خطاب بوتين النوويّ... أعطى ترامب "ما يريد"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
خطاب بوتين النوويّ... أعطى ترامب "ما يريد"
خطاب بوتين النوويّ... أعطى ترامب "ما يريد"
A+ A-

لقد رفع الرئيس الروسيّ فلاديمير #بوتين سقف القوّة الروسيّة العالميّة خلال كلمة له أمام الجمعيّة الاتّحاديّة (البرلمان الروسيّ بمجلسيه) في الأوّل من هذا الشهر حيث كشف عن مجموعة من الأنظمة العسكريّة الاستراتيجيّة ومن بينها صواريخ وصفها بأنّها "لا تُقهر" وبأنّها "قادر على الوصول إلى أيّ مكان في العالم".


بين الصواريخ والغوّاصات

أضاف بوتين الذي استمرّ خطابه لساعتين: "بدأنا تطوير أنواع جديدة من الأسلحة الاستراتيجيّة التي لا تستخدم مسار الصواريخ البالستيّة عندما تتحرّك نحو الهدف. وبالتاليّ لا تنفع منظومات الدفاع الصاروخيّ أمامها". وأشار أيضاً إلى مباشرة وزارة الدفاع والشركات العاملة في المجال الفضائيّ والصاروخيّ "بالمرحلة النشطة من اختبارات" منظومة "سارمات" الجديدة وهي صواريخ بالستيّة ضخمة قادرة على حمل عدّة رؤوس نوويّة. بالإضافة إلى القدرات الصاروخيّة تحدّث الرئيس الروسيّ عن تطوير غوّاصات تصل إلى "أعماق كبيرة جدّاً على المدى العابر للقارّات" لافتاً النظر إلى أنّ "سرعتها تفوق سرعة الغوّاصات والطوربيدات الحديثة وجميع أنواع السفن، وحتى أسرعها". وخلال الخطاب، أصرّ بوتين على إرفاق كلمته بفيديوهات توضيحيّة للأسلحة الجديدة التي تحدّث عنها.



لقد حاول بوتين سوق مبرّرات لخطوات بلاده الاستراتيجيّة من خلال تحميل الولايات المتّحدة مسؤوليّة سباق التسلّح الذي يمكن أن تكون القوتان قد دخلتا في نفقه. فهو قال إنّ #موسكو ردّت بعد عامين من مناشدتها واشنطن لتدمير معاهدة الدرع الصاروخيّة وعدم الإخلال بالتوازن العسكريّ. لكنّ الكلمة لم تشكّل فقط ردّاً على السلوك الأميركيّ في ما يخصّ المعاهدة التي دخلت سنة 2016 حيّز التنفيذ، بل هي تزامنت مع تطوّرات داخليّة وخارجيّة كثيرة دفعت التصعيد الدعائيّ عن القوّة الروسيّة إلى حدود هي الأعلى منذ عقود. فهي أتت قبل أقلّ من ثلاثة أسابيع على الانتخابات الرئاسيّة الروسيّة، علماً أن لا مجال للتشكيك بهويّة الفائز هذه المرّة أيضاً. لكنّ الرئيس الروسيّ يفضّل أن يكون فوزه بأوسع نسبة ممكنة من الأصوات، من أجل الحكم بأكبر مقدار من الشرعيّة على حدّ تعبير الباحث في الشؤون الروسيّة ضمن "معهد براغ للعلاقات الدوليّة" مارك غاليوتّي لمجلّة "نيوزويك" الأميركيّة. ويمكن لعرض العضلات الروسيّ أن يساعد الكرملين كثيراً في هذا المجال.


نظرة موسكو إلى أمنها العالميّ

إلى جانب الاستحقاق الداخليّ، شكّلت الأحداث السياسيّة الدوليّة أحد الدوافع إلى إطلاق مثل هذا الخطاب. فمع شعور الروس بأنّ الأميركيّين يعزّزون تحالفاتهم الدوليّة على الصعيد العسكريّ والأمنيّ أكان في شرق أوروبّا أو في شرق آسيا، وجد الرئيس الروسيّ ضرورة بعث رسالة إلى الغربيّين حول نظرة موسكو الاستراتيجيّة إلى أمنها الدوليّ: "إنّ أيّ استخدام للسلاح النووي ضدّ #روسيا أو حلفائها، سواء أكان بقوّة صغيرة أو متوسّطة أو أخرى، سنعتبره هجوماً نوويّاً على بلادنا. والردّ سيكون فوريّاً مع كلّ ما يترتّب على ذلك من عواقب". وليس في ذلك تركيز على التزام روسيا بالدفاع عن حلفائها وحسب بل أيضاً على أنّ الأمن الروسيّ ليس مرتبطاً بالحدود الجغرافيّة للاتّحاد إنّما بالنفوذ الدوليّ الذي يشكّل حلفاء موسكو أبرز حلقات الوصل فيه.


ردّ ثلاثيّ

لم يتأخّر المسؤولون الأميركيّون في الردّ على خطاب #بوتين. فالمتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة هيذر نويرت قالت إنّ الرئيس الروسيّ "أكّد ما كانت تعلمه الحكومة الأميركيّة منذ زمن" وهو قيام موسكو ب "تطوير منظومات أسلحة مزعزعة للاستقرار لأكثر من 10 سنوات" واصفة التصرّفات الروسيّة بأنّها انتهاك للالتزامات الدوليّة. وشدّدت الناطقة باسم البنتاغون دانا وايت على أنّ التصريحات الروسيّة لم تفاجئ المسؤولين الأميركيّين. وطالبت الشعب الأميركيّ بأن "يكون متأكّداً من أنّنا جاهزون تماماً" للدفاع عن البلاد، مشدّدة على أنّ الدفاعات الصاروخيّة الأميركيّة لا تستهدف روسيا. لكنّ الردّ الأهمّ جاء في البيان الذي أصدره البيت الأبيض يوم الجمعة عقب إجرائه اتصالين مع الرئيس الفرنسيّ إيمانويل #ماكرون والمستشارة الألمانيّة أنجيلا #ميركل. فقد أشار إلى أنّ الرؤساء الثلاثة توافقوا على أنّ خطاب بوتين يصرف الجهود عن إطلاق "محادثات منتجة" حول مروحة من المسائل بين الروس والغرب.



غير أنّ غياب الحوار بين الطرفين يمكن أن يكون هو أيضاً الدافع باتّجاه سباق التسلّح. "لم يرد أحد في الأساس التحدّث إلينا حقاً. لم يصغِ أحد إلينا حينها. أصغوا إلينا الآن". وكان بوتين قد ذكر خطاباً ألقاه منذ أكثر من عقد، يمكن أن يفسّر جزءاً كبيراً ممّا يحدث اليوم بحسب بعض الخبراء في مجال حظر الانتشار والذين لم يعربوا عن دهشة من خطاب بوتين الأخير. ليس هذا وحسب، بل إنّ بعضاً منهم حمّل الولايات المتّحدة مسؤوليّة السباق إلى التسلّح الذي يشهده العالم اليوم.


بين بوش الابن وترامب

في حديث إلى موقع "لايف ساينس" الأميركيّ، يشير الخبير في شؤون الأسلحة النوويّة فيليب كويل الذي عمل في إدارات الرؤساء كارتر، كلينتون، بوش وأوباما في السياسات النوويّة إلى واقعة جرت أوائل القرن الحاليّ. "حين قرّر جورج بوش الابن أنّه يريد الخروج من معاهدة الصواريخ المضادّة للبالستيّة ‘أ ب م‘ قلنا لإدارته إنّ هذا ما ستفعله روسيا. ومجدّداً في سنة 2004، حذّر بوتين نفسه الولايات المتّحدة من أنّنا إذا واصلنا المسار الذي كنّا سائرين باتّجاهه، فهذا ما سيفعله. وفعله". إنّ هذه المعاهدة تمنع، إذا ما طُبّقت، سباق تسلّح يهدف إلى تطوير أسلحة مضادّة لهذا النظام الدفاعيّ. وأوضح كويل أنّ سحب بوش لواشنطن من تلك المعاهدة سنة 2001 بعدما تمّ التوقيع عليها مع الاتحاد السوفياتي سنة 1972 هو ذاك الجهد الذي دفع روسيا إلى تطوير هذا النوع من التكنولوجيا الذي أعلنه بوتين يوم الخميس الماضي.

سيرينسيوني، عضو مجلس العلاقات الخارجيّة، كتب في موقع "ديفنس وان" الأميركيّ أنّ هنالك مسؤوليّة لجورج بوش الابن في سباق التسلّح. لكنّه رأى من ناحية ثانية أنّ خطاب بوتين أعطى #ترامب ما عبّر عنه منذ سنتين في حديثه إلى شبكة "أم أس أن بي سي" الأميركيّة: "فليكن هناك سباق تسلّح".













الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم