الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

ناديا تويني سقى الأَلمُ شِعرَها والوطن

الدكتور جورج شبلي
Bookmark
ناديا تويني سقى الأَلمُ شِعرَها والوطن
ناديا تويني سقى الأَلمُ شِعرَها والوطن
A+ A-
عندما يخرجُ الأَلمُ من القُمقُم، ولا يجدُ من الإكتفاء حاصِلاً، يتذرَّعُ بأنّ وسيلةَ العودة خَفِيَت عليه، ويروحُ يَأهلُ بُنى النّاس على قَدرٍ واسعٍ من القُبح. والأَنكى، أنّ عنكبوتيّة الأَلم تَعصى على التَّرويض، وتستمرّ في استيلادٍ ناكِبٍ بابتكاريّةٍ سالِبة، تُشكّلُ ذلك المُضَلَّعَ من الأسباب المُنقَضَّة والتي لا تُحصى. ناديا تويني صَلُبَ خَدُّها في ساعات الصّعوبة، وما فَسُدَت أعمالُها لَمّا كادَ لها الألمُ الدَّسائس. والألم معها كان طَمّاعاً، وأنانيّاً مُتشَدِّداً في استِئثاره بكيانيّتها حتى الموت، وبِذا كانت "النّصوص الشَقراء". لقد أكلَ الألمُ لَحمَها بأساليبَ مَكشوفة وبِحقد، وبسطَ سلطانَه فوق أرضها بفائضِ وَخزِ السَّكاكين، بِظُلمٍ وافتراء. لقد استهدفَها الألمُ وكأنّه قَصَدَ إليها قَصداً، وحَبَّر في قلبِها جُروحَه، ولَزمَها مُلازمةَ الغَريم، وتواطأَ مع الحَضيض على تَسميتِها "إنسان". ناديا تويني تنسَّكت للألم لكنَّها لم تَخشع أمامَه، بالرَّغم من أنّ القَدَر وَعدَها بالضَرِّ، وأنجزَ ما وعد. هي لم تُغَيِّر مخطَّطاتها، وإن سَربلَها الوَجَع و"توقَّفت الأرض"، ولم تَستَدِر الى الوراء في انعكاسيّةٍ تَأَمّليّة لتُعيدَ النَّظر في خَياراتها، وكأنها تُناقضُ المَفهومَ النّيتشَوي في أنّ "الحقيقة هي أنّ الحقيقةَ عِرضةٌ للتَغَيُّر". فهذه المرأةُ الثّابتةُ الطِّينة، الجَلودةُ الأرومة، بنتُ عَمِّ الإحتمالِ لَحّاً، فَدَت تَأنُّقَ شِعرِها بتأنُّقِها، وغَيَّر الضّبابُ لَونَ وَجهها لتَصونَ صَقيلَ وجهِ ما كَتَبَت. من هنا، كانت قصّةُ الشِّعر معها أَطولَ من مُصيبتِها في عمرِها، فما تَنَحَّت عن خِوانِه، وسَفَّرَت خلفَه عيونَها لتقطفَ بالنَّظر والتأثّر أرقى الفِكَر.لم يكن مذهب ناديا تويني أن يكون الألمُ حارَّ المَزاج في قصائدها، وإن لَمَحنا ظلالَه عيناً خلفَ...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم