الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

القرار 2401 ... تمهيد لتقاذف المسؤوليّات في سوريا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
القرار 2401 ... تمهيد لتقاذف المسؤوليّات في سوريا؟
القرار 2401 ... تمهيد لتقاذف المسؤوليّات في سوريا؟
A+ A-

وفيما رأى البعض أنّ القوى الغربيّة استطاعت خلال أيّام من المفاوضات الشاقّة الضغط على #روسيا من أجل عدم استخدامها حق النقض، يمكن أن يكون الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه يوم السبت مقدّماً لمخارج كثيرة قد تستغلّها دمشق لاستكمال قصفها الغوطة. وبذلك، أمكن لروسيا ألّا تخسر الكثير من خلال القرار 2401، والدليل على ذلك الاتصالان اللذان أجراهما الرئيس الفرنسيّ إيمّانويل #ماركون والمستشارة الألمانيّة أنجيلا #ميركل بالرئيس الروسيّ فلاديمير #بوتين. وكانت مطالبة بفرض "أقصى ضغط على النظام السوريّ من أجل تعليق الهجمات الجوّيّة والصراع" ... وللسماح بدخول المساعدات الإنسانيّة و(عمليات) الإجلاء، بحسب بيان صادر عن مكتب ميركل. أمّا ماكرون فأضاف أنّ #فرنسا ستكون "شديدة اليقظة" كي يتمّ تطبيق القرار وتحقيق "تطور سريع وملموس" لتخفيف معاناة المدنيّين. بالنسبة إلى بيان صادر عن الكرملين، تطرّق الحديث إلى "تبادل معلومات" حول سوريا.


صياغة "خالية من المعنى"

وأعلن مدير المرصد السوريّ لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في حديث إلى "سكاي نيوز" عن سقوط 24 مدنيّاً منذ صدور قرار مجلس الأمن الدوليّ وحتى صباح اليوم الاثنين. وتحدّث أيضاً عن أنّ عمليّات القصف مستمرّة على الرغم من تراجع عدد القتلى مقارنة مع الأيّام التي سبقت القرار مشيراً أيضاً إلى محاولات فاشلة لقوّات النظام من أجل التقدّم باتّجاه الغوطة. هذه المؤشّرات قد تعني أنّ #دمشق ستستمرّ بعمليّاتها العسكريّة ضدّ الغوطة الشرقيّة بوتيرة أخفّ من تلك التي شهدها الأسبوع الماضي. وهذا بغضّ النظر عن محاولات دول غربيّة دفع #موسكو إلى الضغط أكثر على النظام من أجل تطبيق القرار 2401 الذي نجحت بفرض صياغة ملتبسة لبعض بنوده. فالطلب من جميع الأفرقاء إيقاف العمليّات العدائيّة "من دون تأخير" بدلاً من استخدام عبارة "فوراً" تعطي للأسد هامشاً زمنيّاً ولو محدوداً من أجل محاولة السيطرة على الغوطة. لكنّه على الضفّة الأخرى، طالب القرار جميع الأطراف ب "الانخراط مباشرة" بغية "ضمان تنفيذ كامل وشامل لهذا المطلب". ورأى الكاتب ألكسندر مركوريس في موقع "ذا ديوران" أنّ القرار "لم يحدّد أيّ تاريخ" لإيقاف العمليّات العدائيّة، مقارباً عبارة "انخراط" من ناحية كونها "تفاوضاً" بين الأطراف. ثمّ كتب أنّ القوى الغربيّة وافقت على وضع القرار للتصويت "بهذا الشكل الخالي من المعنى" لأنّها تنوي في المستقبل القريب إلقاء اللوم على السوريّين والروس في مسألة فشل وقف إطلاق النار لاحقاً. لكنّ كتّاباً آخرين طرحوا مقاربة للقرار من زاوية مختلفة قليلاً.


"فليصلحها بنفسه"

بحسب بعض التحليلات، يمكن أن يكون الغربيّون غير مستعجلين كثيراً إلى حلّ مسألة الغوطة لأنّها لا تقع ضمن مسؤوليّتهم المباشرة. يعود السبب في ذلك إلى أنّ عواصم القرار الغربيّ سلّمت منذ فترة بالنفوذ الروسيّ في سوريا والتداعيات السياسيّة والعسكريّة الناجمة عنه. يعني ذلك بتعبير آخر، أنّه مقابل انسحاب الغرب من المشهد السوريّ تخطيطاً وتنفيذاً، يجب على روسيا تحمّل كامل مسؤوليّات انخراطها في النزاع السوريّ. وهذا ما شدّد عليه الكاتب في صحيفة "الغارديان" البريطانيّة سايمون تيسدل في مقاله يوم الأحد والذي وصف المؤشّرات الأولى التي صدرت من الغوطة بعد التصويت على القرار ب "غير المشجّعة".



ويقارن بين الرئيس الروسيّ الحاليّ والرئيس الأميركيّ الأسبق اللذين نقشا اسميهما في الحروب الكبيرة: "بوتين يملك النزاع السوري بالطريقة نفسها التي ملك فيها ليندون جونسون (حرب) فيتنام". وعلى الرغم من اعترافه بأنّ القوّات الروسيّة غير منتشرة في سوريا كما فعل الجيش الأميركي في فيتنام، يؤكد تيسدل أنّ الهيبة الروسيّة العالميّة ومصالحها الاستراتيجية باتت مرتبطة جدّاً بمصير #الأسد. ويضيف أنّه بالنسبة إلى القوى الغربيّة، إنّ جميع ما يجري في الغوطة وفي غيرها من المدن السوريّة عبارة عن فوضى يُسأل عنها بوتين: "عليه هو إصلاحها".


ما أهداف قرار الكرملين؟

في ظلّ الصراع الذي يتّخذ أشكالاً مختلفة بين الروس والغرب حول مستقبل سوريا، يبدو مصير الغوطة معلّقاً إلى أجل غير منظور ممّا قد يعني استمراراً لمأساة أهلها التي تضاعفت منذ ثمانية أيّام. من جهة ثانية، أصدر بوتين اليوم الإثنين أمراً إلى وزارة الدفاع الروسيّة قضى بتأمين ممرّ إنسانيّ إلى #الغوطة بدءاً من يوم غد الثلاثاء بين التاسعة صباحاً وحتى الساعة الثانية بعد الظهر لإجلاء المدنيّين. وفي تعليق أوّلي على الخبر، غرّد الباحث في المجلس الروسيّ للشؤون الدوليّة ألكسي خليبنيكوف أنّ الروس يهدفون من خلال هذه الخطوة إلى "برهنة أنّ المعارضة المعتدلة غير قادرة على فصل نفسها عن ‘الإرهابيّين‘" واصفاً ما قد يجري بأنّه شكل من أشكال ما حدث في حلب.



لا شكّ في أنّه من المبكر الحكم على القرار الروسيّ الأخير، لكن يبدو أنّ التطورات الميدانيّة والسياسيّة التي تلت قرار مجلس الأمن الدوليّ يوم السبت الماضي، قد تضيف مزيداً من الغموض إلى مستقبل أبناء الغوطة، تحت أنظار عالم "متفرّج" بحسب توصيف تيسدل نفسه.














الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم