الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كل ما تريد معرفته عن مسار التفاوض بين الغرب وايران حول البرنامج النووي\r\n

المصدر: "النهار "
باريس - سمير تويني
A+ A-

انتهت المفاوضات المتعلقة ببرنامج ايران النووي في جنيف. وهي الاولى منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني الذي يسعى الى عودة الثقة مع الغرب ورفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده. فيما الغرب لا يريد اقفال هذه النافذة الديبلوماسية لأن اي تشدد في المواقف يشكل مجازفة بنسف كل شيء ومنع اي انفتاح حقيقي على المعتدلين في طهران.


وعودة المحادثات بعد اشهر من التعثر بين كبير المفاوضين الايرانيين وزير الخارجية محمد جواد ظريف وممثلي مجموعة الدول الست الكبرى (اعضاء مجلس الامن زائد المانيا) تعود الى الانفتاح الديبلوماسي للرئيس الايراني على الولايات المتحدة والدول الغربية على هامش اجتماعات نيويورك في نهاية شهر ايلول الماضي. وقد اعتبر الغرب انها خطوة اولى نحو التوصل الى تخفيف العقوبات الدولية التي تضرب ايران.


وفي هذا الإطار، تم تنسيق المواقف بين دول المجموعة قبل الاجتماع للحفاظ على وحدة الموقف داخلها فيما تفاوتت ازاء بوادر الانفتاح التي ابدته طهران، ووجود تباين صارخ بين سلسلة مبادرات وغياب تام لأي تقدم نحو الجوهر واستباق ما يمكن ان تقدمه ايران من مقترحات، للطلب من ايران تخفيض برنامجها النووي وبالمقابل رفع العقوبات الاقتصادية. غير ان هناك سؤالاً اساسياً مطروحاً اليوم: هل يجب الاعتراف او عدم الاعتراف بحق ايران في تخصيب اليورانيوم؟ فيما تضع طهران خطاً احمر يتعلق بحقها في تخصيب اليورانيوم.


تعاون وتشكيك


وكانت ايران قد بدأت ببرنامج تخصيب سري ولم تعترف به سوى عام ٢٠٠٢ بعد ان حثها المجتمع الدولي على وقف برنامجها للتخصيب. وسمحت ايران عام ٢٠٠٣ بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم قرارات مجلس الامن الدولي والعقوبات تحت الفصل السابع من شرعة الامم المتحدة استمرت ايران بتخصيب اليورانيوم.


وتؤكد ايران ان برنامجها النووي يتفق مع معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية التي صادقت عليه في عام ١٩٧٠ وهي تسمح بتخصيب اليورانيوم لاغراض سلمية تحت اشراف الوكالة. وكانت ايران قد وافقت على هذا الاشراف ضن حدود معينة. وقام المفتشون بزيارات منتظمة منذ عشر سنوات لموقع "نتانز"، اول محطة للتخصيب و"فوردو".


ويشكك الغرب واسرائيل في اخفاء ايران شقاً عسكرياً تحت غطاء مدني . ويعبرون عن قلقهم ازاء امكانية قيام طهران بتخصيب اليورانيوم الى مستوى يكفي لصنع قنبلة ذرية.  واعربت الوكالة الدولية  لأول مرة في تقريرها عام 2011 حول البرنامج النووي الايراني عن مخاوف جدية بشأن ابعاد عسكرية محتملة للبرنامج النووي الايراني دون استخلاص بشكل مبرم طبيعته العسكرية.


ويعتبر مجلس الأمن الدولي بأنه طالما لم تثبت النوايا السلمية لايران، يجب ان تتوقف انشطتها النووية. وتطالب المجموعة تعزيز نظام التفتيش. ويرغب المفتشون العودة الى مواقع بارشين للتاكد من انها لا تحتوي على مركز تجارب لصناعة قنبلة ذرية والحصول ايضا على امكانية دخول وحدة الماء الثقيل في مركز اراك.


وتقول ايران ان تخصيب اليورانيوم الى ٣,٥ بالمئة هو من اجل صناعة الطاقة الكهربائية في محطة بوشهر اما اليورانيوم المخصب الى درجة ٢٠ بالمئة ( وهو معدل يقترب من العتبة العسكرية) فهو لمفاعل البحوث في طهران، ويتم في ناتنز وفوردو وقد بني الاخير في عمق جبل قرب مدينة قم ولم يعترف بوجوده سوى عام ٢٠٠٩.
ووفقا لتقرير الوكالة فان مخزون اليورانيوم المخصب الى درجة ٢٠ بالمئة وصل الى ١٨٦،٣ كليوجراماً اواخر شهر اب الماضي مع العلم ان انتاج سلاح نووي يحتاج الى ٢٤٠ كيلوجراماً. ولدى ايران اكثر من ١٩٠٠٠ جهازاً للطرد المركزي ومنهم ١٠٠٠ من الجيل الجديد ذات القدرات الاقوى بكثير من السابق.


مركز "بارشين"


وإحدى علامات الاستفهام تتعلق حول مركز بارشين وهو قاعدة عسكرية تقع على مسافة ٣٠ كلم جنوبي شرقي طهران. وقد رفضت السلطات الايرانية افتراضات الوكالة، التي بموجبها تم اجراء اختبارات لتطوير راس حربي لتسليح صاروخ، بفضل استخدام صور اقمار صناعية واجهزة الاستخبارات.
وتعلم الوكالة ان ايران شيّدت في المركز عام ٢٠٠٠ وعاء لاحتواء التجارب الهيدروديناميكية وهي مؤشرات قوية عن انشطة غير مشروعة. ولم يتم السماح لمراقبين الوكالة منذ عام ٢٠٠٥ بزيارة الموقع.
اما مصدر القلق الاخر فمبعثه مفاعل الابحاث في الماء الثقيل في "اراك" والذي بامكانه انتاج ٩ كليوجراماً من البلوتونيوم سنويا، وهو يدخل في صنع اسلحة نووية. وكانت ايران قد اعلنت ان بدء عمله سيتم عام ٢٠١٤ لكنه تأجل الى اجل غير مسمى.


السؤال المطروح هو هل لدى ايران القدرة على صناعة سلاح نووي؟ اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي في ايلول ٢٠١٢ امام الجمعية العامة للامم المتحدة ان ايران لم تعد سوى على بضعة اشهر من اجتيازها الخط الاحمر.
ووفقا لخبراء اسرائيليين يمكن لايران ان تصل بسرعة الى عتبة ٢٤٠ كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠ بالمئة والتي من شانها ان تسمح له بوقت قصير التخصيب الى نسبة ٩٠ بالمئة الضرورية لصناعة قنبلة.


وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما قد اعلن على احدى شاشات التلفزيون الاسرائيلية في شهر اذار ٢٠١٣ الماضي ان ادارته تقدر ان الامر سيستغرق نحو عام لتطوير سلاح نووي. لذلك ستنتج ايران اذا شاءت ما يكفي من اليورانيوم المخصب الى عتبة عسكرية وتسليح صاروخ بقنبلة ودفعه بواسطة طائرة او سفينة او صاروخ. وينبغي من اجل ذلك ان تضع ايران حداً لمهمة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.


وفي السياق ان مخزون ايران من اليورانيوم المخصب الى درجة ٢٠ بالمئة كان بامكانه تخطي عتبة الـ ٢٤٠ كيلوجراماً التي تسمح له بصناعة السلاح النووي غير ان ايران تحوله الى نظائر لمفاعل طهران للابحاث كلما اقترب من العتبة التي حددت كخط احمر.


ما هي اقتراحات مجموعة خمسة زائد واحد؟


عرضت المجموعة خلال اجتماع بغداد في ايار ٢٠١٢ على ايران وقف التخصيب الى درجة ٢٠ بالمئة ونقل المخزون الموجود الى الخارج واغلاق مركز التخصيب في "فوردو" والقبول بتوسيع مهمة مراقبة المفتشين التابعين للوكالة وتقديم ضمانات عن الاهداف المدنية للبرنامج النووي.
وفي المقابل اقترحت المجموعة السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة ٣.٥ و ٥ بالمئة لضمان تسليم مفاعل طهران النظائر الطبية والمساعدات التقنية لتأمين منشاتها الذرية المدنية وتوفير قطع غيار لطائراتها المدنية. ولم ترد ايران على هذه المقترحات في حينه.


وخلال المفاوضات الأخيرة في شباط ٢٠١٣ عدّلت المجموعة مقترحاتها فلم يعد مفروضاً اغلاق مركز "فوردو" ولكن طلب وضع حد للتخصيب فيه الى عتبة ٢٠ بالمئة. وسمح لايران بالاحتفاظ بكمية من مخزونها المخصب الى عتبة ٢٠ في المئة لسد حاجات مفاعل الابحاث في طهران، وتم اقتراح رفع العقوبات المفروضة على المنتجات البتروكيمائية وعلى المعادن الثمينة. وخلال المحادثات التي تلتها في نيسان ٢٠١٣ اقترحت ايران خريطة طريق تستدعي تحولاً في العقوبات من دون تقديم ضمانات لوضع حد للتخصيب الى عتبة الـ ٢٠ بالمئة.


ما هي المقترحات المضادة الايرانية؟


في افتتاح المفاوضات في جنيف امس عرضت ايران على مجموعة ٥+١ اقتراحا تحت عنوان "نحو نهاية ازمة لا داعي لها وبداية افاق جديدة" والتزمت كل الاطراف المشاركة ببقائها سرية. ويقول الايرانيون انهم يأملون تحقيق انفراج اذا اظهر الغربيون تعقلا اي البحث بكل شيء ما عدا التفكيك.


وتشمل الخطة الايرانية مرحلتين رئيسيتين المرحلة الاولى التي يتوقع ان تستمر ستة اشهر لاستعادة الثقة، والمرحلة الثانية والأخيرة تنص على تنفيذ ايران تدابير التحقق التي تضعها الوكالة لتأمين الشفافية لبرنامجها النووي. وقد يتم تنفيذ البروتكول الاضافي من قبل ايران والذي ينص على عمليات تفتيش مفاجئة للمواقع النووية في المرحلة النهائية.
وقد أكد ذلك رئيس المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي تصحيحا لتصريح سابق. وكان قد اوضح وزير الخارجية قبل ايام من انعقاد مؤتمر جنيف بعض المبادئ الايرانية وهي وضع سقف للبرنامج النووي الايراني سواء على مستوى التخصيب وعلى المواقع النووية واخيرا ضمان مراقبتها من قبل مفتشي الوكالة.


اما عراقجي فاعترض على المطلب الغربي بنقل مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة ٢٠ في المئة خارج ايران، واكد انه "لن نسمح باي حال من الاحوال تعليق تخصيب اليورانيوم او تحديده او توقفه. ولكن في امكاننا مع ذلك مناقشة المستوى والشكل وكمية التخصيب."


ما هو موقف الولايات المتحدة؟


بالنسبة الى واشنطن، فانها تتمسك بالمقترحات التي قدمت لايران خلال اجتماع الماتي والكرة الآن في الملعب الايراني. وادارة اوباما ترغب برؤية الايرانيين يعلنون في جنيف اجراءات محددة بشان القضايا الاساسية "وتيرة ونطاق برنامج التخصيب، والشفافية" في انشطتهم النووية وكمية مخزونهم من اليورانيوم المخصب، كما نوهت المديرة السياسية للخارجية الاميركية وندي شيرمان.
وقال الرئيس اوباما "نحن نحترم حق الشعب الايراني بالحصول على الطاقة النووية السلمية في سياق احترام ايران لالزامتها".


اما بالنسبة للموقف الفرنسي، فباريس تؤيد العرض الذي قدم خلال الاجتماع الذي عقد في الماتي غير انها تبدو اقل استعدادا للسماح باستمرار تخصيب اليورانيوم من قبل ايران. وبالنسبة اليها لا تنازلات بشأن العقوبات الاقتصادية والمالية على ايران من دون التطبيق الصارم لطهران لقرارات مجلس الامن. وهي تدعو الى تعليق وليس حظر البرنامج النووي الايراني . وقد ذكر وزير الخارجية الفرنسي في ٦ تشرين الاول باسباب القلق الفرنسي، وهو استمرار بناء محطة "اراك" الذي يستخرج المفاعل فيه بالماء الثقيل البلوتونيوم. غير ان باريس مستعدة للرد من دون تشنج ومن دون سذاجة على المقترحات الايرانية.


اسرائيل..التحذير


اما اسرائيل، فقد حذرت بلسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو من " خطأ تاريخي" يتمثل برفع العقوبات من دون التفكيك الكامل للبرنامج النووي الايراني. ويقول نتنياهو "ان اسرائيل لن تسمح بتاتا لايران بالحصول على القدرات النووية نقطة." واكد عزم بلاده لاجراء هجمات عسكرية ضد المواقع النووية الايرانية.


ويمكن الإعتراف بأن الدعوة الى إجتماع جديد في جنيف حول النووي الايراني خلال أسابيع لمواصلة المفاوضات عامل ايجابي لاستمرار التواصل بين الاطراف للتوصل الى حل يعيد الثقة والشفافية الى البرنامج النووي الايراني.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم