السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بعدما شبّهوه بداود وكورش... هل تتراجع شعبيّة ترامب لدى الإنجيليّين؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بعدما شبّهوه بداود وكورش... هل تتراجع شعبيّة ترامب لدى الإنجيليّين؟
بعدما شبّهوه بداود وكورش... هل تتراجع شعبيّة ترامب لدى الإنجيليّين؟
A+ A-

لكن في كثير من الأحيان، يسود التساؤل حول إعجاب الإنجيليّين بترامب علماً أنّ الكثير من كلامه وسلوكه لا يرتبط حقّاً بالتعاليم المسيحيّة. خلال مرحلة الانتخابات التمهيديّة، انتقد #البابا_فرنسيس المرشّح الجمهوريّ قائلاً إنّه لا يستطيع أن يعرّف عن نفسه بأنّه "مسيحيّ" حين يعد ببناء جدران لوقف تدفّق المهاجرين: "إنّ شخصاً يريد بناء جدران بدلاً من الجسور ليس مسيحيّاً". كذلك، عاد البابا لينتقد موقف ترامب الرئيس حين أعلن قراره بشأن القدس. بناء الجدران لم يكن القرار الوحيد الذي جلب التساؤلات حول استمرار الإنجيليّين في دعم ترامب بالرغم من أنّه يخالف التعاليم المسيحيّة.


أسباب تدفعهم لتغيير رأيهم

الكلام النابي والعلاقات الجنسيّة خارج إطار الزواج التي كان يتباهى بها ترامب لا تعبّر عن روح مسيحيّة حقيقيّة بالنسبة إلى مراقبين بدأوا يتحدّثون عن إمكانيّة سحب الإنجيليّين أو لقسم منهم على الأقلّ، دعمه للرئيس الحاليّ. كتب دايفد أوسبيرن أمس في صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانيّة مقالاً عبّر فيه عن اعتقاده بوجود أسباب تدفع الإنجيليّين إلى تغيير رأيهم في الرئيس الأميركيّ بعدما استشهد باستطلاع رأي لمركز "بيو" أظهر تراجعاً في شعبيّته بين الإنجيليّين البيض بحوالي 17% بين شباط وكانون الأوّل الماضيين. فإلى جانب علاقاته الجنسيّة مع نجمات أفلام إباحيّة والتي لا تعدّ مثالاً يُحتذى به للشباب، ذكر أوسبيرن أيضاً دعم ترامب لروي مور في انتخابات ألاباما والمتهم بالتحرّش الجنسيّ بالقاصرات. وذكر أيضاً عدم الوفاء بتعهّداته حول مسألة التغطية الصحية لذوي الدخل المحدود وعدم "تجفيف المستنقع" والكلام البذيء الذي وصف به دول العالم الثالث مؤخّراً.


لا ينكرون أخطاءه ... ولكن

في حين يشكّل ما تطرّق إليه الصحافيّ تناقضاً مع التعاليم المسيحيّة، لا ينكر الإنجيليّون أنفسهم المساوئ والأخطاء التي يقع فيها ترامب مستشهدين بشخصيّات من العهد القديم في الكتاب المقدّس اختارها الله لتقود شعبه على الرغم من وقوعها في الخطيئة. في شهر آب الماضي، قال وزير الطاقة الأميركي ريك بيري في حديث إلى شبكة "نيوز ماكس" إنّ ترامب ليس كاملاً لكنّه رجل صادق مثل الملك داود. "أقول للناس من وقت لآخر ... أنتم تعلمون أنّ الربّ الخيّر استعمل الملك داود، أفضل مثل يمكن أن أقدّمه، الملك داود لم يكن كاملاً أيضاً، لكنه اختير رجلَ الله. فلنذهب ونجعل أميركا عظيمة ثانية". وأضاف: "لن يقف دونالد ترامب أمام الشعب الأميركيّ ويقول أنا كامل. ليس هذا ما هو عليه ... لكنّه يقف أمام الشعب الأميركيّ ويقول، هذا ما أنا عليه، أحبّ وطني، وهذه رؤيتي لأميركا وسأسير قدماً بها. أحياناً قد تكون شيئاً من الروديو، تمسّكوا بمقعد جيّد".



في جميع الأحوال، ربّما تفطّن ترامب لبعض سلوكيّاته التي قد تزعج قسماً من المحافظين، فوقع اختياره على مايك بنس كنائب له وهو المحافظ المتديّن الذي أمكن أن يقيم نوعاً من التوازن لإرضاء أكبر شريحة داخل المحافظين والجمهوريّين على حدّ سواء. على سبيل المثال، أشارت أشلي باركر في صحيفة "ذا واشنطن بوست" إلى أنّ بنس قال في حديث صحافيّ سنة 2002 إنّه لا يذهب إلى عشاء تحضره نساء إلّا برفقة زوجته. وعلّق البعض على الموضوع متسائلاً عمّا إذا كان بإمكان نائب الرئيس أن يحضر عشاء عمل حتى مع إيفانكا أو أن يجري مقابلة مع صحافيّة.


نبوخنصّر والنبي دانيال

لفهم المزيد عن طبيعة تفكير قسم كبير من الإنجيليّين، يروي الصحافيّ جايمس غوردن حادثة حصلت معه حين كان في الولايات المتّحدة قبل يوم واحد على الانتخابات الرئاسيّة. في صحيفة "ذا غارديان" كتب أنّ سائقة تاكسي كانت متحمّسة لانتخاب ترامب، وحين سألها عن السبب أجابت بأنّها مسيحيّة تقف ضدّ الإجهاض وضدّ زواج المثليّين. وشدّدت على أنّ ترامب لن يعيّن قضاة في المحكمة العليا لا يوافقونه في آرائه. عندها سألها عن سبب دعمها لشخص جشع ومتباهٍ ومهين للمرأة والأقليات، بطريقة لا تتلاءم مع التعاليم المسيحيّة. فأجابت ببطء: "نعم، أنت محقّ، لكن لا يتوجّب عليه أن يكون مسيحيّاً ليشكّل جزءاً من خطّة الله". وكما كان لنبوخذنصّر الوثنيّ النبي دانيال ليستشيره، "لدى السيّد ترامب رجال مؤمنون حوله. الحاكم مايك بنس، (نجل القسيس المتشدّد) جيري فالويل جونيور، (الحاكم السابق لولاية أركنساس) مايك هاكابي". وذهبت إلى تشبيهه بكورش الكبير الذي حرّر اليهود من السبي وأعادهم إلى أرضهم.

بهذا المعنى، قد يكون الإنجيليّون في الولايات المتّحدة أمام مفاضلة بين رجل "خاطئ" لكن يحافظ على الأسس الأميركيّة التي نشأ عليها هؤلاء، وبين أشخاص أكثر رصانة في السلوك الاجتماعي لكنّهم قد يأخذون بلادهم إلى وجهة يقلّ فيها تأثيرهم الاجتماعيّ والدينيّ عمّا كان عليه الوضع منذ بضعة عقود. أو بحسب وجهة نظر نواه ميلمان في مجلّة "ذا ويك" البريطانيّة، قد يقترب ترامب من أن يكون بطلاً كالملك داود إذا استطاعوا من خلاله إعادة بلادهم إلى الصورة التي تشبههم أكثر، أو قد يقترب من أن يكون كالملك كورش إذا شعروا فعلاً بالغربة داخل بلدهم.









الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم