الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قباني في خطبة العيد: لقد أغرقنا ساستنا للأسف في مشاريعهم وطموحاتهم

A+ A-

ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني خطبة عيد الاضحى المبارك في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، حيث أم المصلين في حضور مديري المؤسسات التابعة لدار الفتوى وأعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وحشد من العلماء والشخصيات.
وقال مفتي الجمهورية في خطبة العيد: "أما بعد عباد الله فاتقوا الله، واعلموا أن بيت الله الحرام في مكة المكرمة هو أول بيت بني لعبادة الله في الأرض، وهو قبلة المسلمين في العالم في صلواتهم وفي عباداتهم، وقد فرض الله الحج إلى هذا البيت على كل مسلم ومسلمة في العمر مرة واحدة".
وتابع: "الأعياد في الإسلام أيها الإخوة هي أيام فرح بإنجاز طاعة وعبادة فيها صلاح النفوس، كعيد الفطر صوم شهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى بعد الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وإن شئتم أيها الإخوة فاجعلوا كل أيامكم وأوقاتكم فرحا بإنجاز طاعة وعبادة، كالصلوات الخمس، وصلاة الضحى وصلاة الوتــر وقيام الليل وتلاوة القرآن في كل يوم، ففي هذه الطاعات صلاح نفوسكم وقلوبكم وفرحكم بطاعة ربكم.
اضاف: "إن الأعياد في مثل الظروف العصيبة التي نعيشها اليوم، هي فرص لنا لنعود فيها إلى وحدتنا قولا وعملا، لا بالشعارات والبيانات والتصريحات. فنحن اللبنانيين لا يفرقنا إلا أداء ساستنا، الذين يلوذ بعضهم في أدائهم بمعسكر في الغرب، وبعضهم بمعسكر في الشرق، ولتعلموا أيها الإخوة، أن كلا المعسكرين يبحث عن مصالحه في أوطاننا، ولا يهمه مصالحنا في قليل ولا في كثير، إلا بالقدر الذي يخضعنا فيه لسياساته ومراده فينا، حتى أصبحنا أوطانا منهوبة، يطمع فيها وفي ثروتها وفي موقعها الجغرافي كل طاغية وفرعون ومستعمر جديد".
وقال: "لقد أغرقنا ساستنا للأسف في مشاريعهم وطموحاتهم، حتى تناسوا مسؤولياتهم تجاه مواطنيهم، وهم الذين ما استطاعوا منذ انتهاء حروب الفتنة في العام 1990 أن يستكملوا بناء دولة حقيقية، إستبشرنا بها خيرا بعد اتفاق الطائف، فإذا بنا بأكثرهم قد تجاوزوا في أدائهم كل المحرمات، وراحوا يشاركون في هدم الدولة بأيديهم ولو عن غير قصد، فجمدوا العمل بالديموقراطية التي يتغنون بها، بتعطيل الانتخابات النيابية نتيجة نزاعاتهم، وبالتمديد القسري للمجلس النيابي، وبعد التمديد عطلوا عمل المجلس بنسف جلساته ونصابها. وفوق ذلك أغرقوا البلاد بحكومة تصريف الأعمال، وهم يؤخرون تشكيل حكومة تقوم بشؤون الدولة والمواطنين، ثم يبتز كل فريق منهم الآخر بفرض الشروط والشروط المضادة في تشكيل الحكومة، حتى أصبحت سياسة البلد بين أيديهم لعبة سياسية حقا، واللبنانيون الطيبون يتفرجون على سباق ساستهم في تلك اللعبة، ويفجعون بهم. ثم تراهم بنزاعاتهم يستنزفون الوطن والمواطن، المواطن الذي أصبح ما عليه إلا أن يختار بين الهجرة من وطنه من أجل لقمة العيش تحت خطر الموت، كما وقع لأبنائنا في عكار أحسن الله عزاءهم بأبنائهم، أو أن يختار البقاء في وطنه ليموت فيه فقرا وجوعا ضحية لسياسات الأفرقاء المتنازعين، حتى صارت شعارات "الوفاق والنفاق" واحدة عند معظم الساسة في وطننا لبنان، وتراهم بعد ذلك يقولون: نحن نريد أن نبني وطنا، فيا حسرة على الوطن والبلاد والعباد".
وتابع: "أما جمهور اللبنانيين الطيبين فنقول لهم: لقد أسكنوا المخاوف في قلوبكم، فبعضكم أغمض عينا لينظر بواحدة فأخفق في إصابة الحق، وبعضكم خاض في صراعات الغير على أرض الوطن ففاقم النزاع. ألا فعودوا أيها اللبنانيون إلى رشدكم، واتحدوا قبل فوات الأوان، فالنيران يتعالى لهيبها ودخانها على أبواب وطنكم، عودوا إلى أصالتكم لبعضكم ليعود لكم وطنكم لبنان، عودوا إلى وطنكم قبل أن تخسروه، عودوا إلى قوتكم، وقوتكم في وحدتكم، واعلموا أنه لا عدو لكم إلا العدو الصهيوني المحتل لأرضكم في فلسطين ولبنان وسوريا، فهو وحده المتربص بكم من أجل دولته الصهيونية الكبرى، التي يسعى لإقامتها على الأرض العربية من الفرات إلى النيل، بعد تفتيت بلاد العرب وتقسيمها في خريطة الشرق الأوسط الجديد، فلا تضيعوا وجهتكم عن هذا العدو الصهيوني، ولا عن شرق أوسطه الجديد بالتنازع في ما بينكم".
وختم قباني: "أيها اللبنانيون جميعا، أيها العرب، أجهضوا مشروع الشرق الأوسط الجديد، إنه مشروع تقسيمي طائفي لأوطانكم، يكون الكيان الصهيوني فيه هو المستعمر لكم، إن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تدعو إليه الولايات المتحدة وإسرائيل، هو استعمار جديد مدمر لوحدتكم وقيمكم وآمالكم في أوطانكم وأمتكم، حاربوا هذا المشروع الاستعماري الجديد ومن يقف وراءه ويروج له بوعيكم ومواقفكم الجريئة، ولا تخافوا في ذلك أحدا إلا الله، ولا تهنوا، ولا تحزنوا، فإن القوة لله جميعا، وأبشروا؛ وأبشروا فإن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة، وخسر هنالك المــبطلون، وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون؛ وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، وهو رب العرش العظيم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم".
واصطحب مفتي الجمهورية من منزل الإفتاء صباحا وفدا من ابناء بيروت في موكب شعبي إلى مسجد محمد الأمين، حيث كان في استقباله في باحة المسجد العلماء والمؤمنين، وقدمت كشافة الغد في لبنان التشريفات في باحة المسجد للمفتي قباني.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم