الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الوشاح

سمير عطاالله
Bookmark
الوشاح
الوشاح
A+ A-
كتبت الاديبة غادة السمان (1) أن الحاكم الحقيقي في لبنان هو الخوف. بلد لا يعرف متى سينفجر، ولا أين. خناقة أو مشكلة أو عود ثقاب، ويتحول بحر الجمال الى موج الغربة، كما وصفه امين معلوف في "صخرة طانيوس". في الرواية التي نال عليها "غونكور"، أي الخطوة الأولى من عمادته أديب فرنسا، قال: "هذا هو جبلي! خليط من الارتباط بالتراب العائلي والتطلع الى المنفى. ملاذ ومهرب معاً، أرض من الحليب والعسل والدماء، ليس السماء ولا الجحيم، بل هو بالاحرى المطهر". كانت غادة السمان، التي استوطنت بيروت وكتبت لها منذ 1963، تعلق على ليلة الهاوية التي عاشت المدينة على حافتها بعد انتشار ذلك التغيير الذي أعاد فرز البلد فوراً الى طوائف ونعرات. كل واحد فينا يعرف كم ان خليط "صخرة طانيوس" سريع العطب. عندما كنا نسكن لندن كان الى جانب منزلنا حانة شعبية جداً لا يتركها روادها إلا وهم متعتعون من البيرة، يصخبون ويتمازحون ويتشاتمون.كان ابني وابنتي طفلين آنذاك. وكنت أخشى ان ينحرف العراك مرة صوب المنزل، ولذا لم أذهب ليلة الى النوم قبل التأكد من ان أبواب الحانة اغلقت والليل مرّ على سلامة. وفي بيروت، مثل أي أب آخر، لا أذهب الى النوم قبل التأكد من أن الأصوات، أصوات مفرقعات بليدة سمجة وليست بداية السموم. الفارق بين الخوف من انفلات أهل الحانة وانفلات أهل البلد، كالفارق بين ان يكون الحاكم هو الخوف، أو القانون.اعتبر عالِم فرنسا وعاشق لبنان، ارنست رينان، ان وحدة الدولة يقيمها التقاء مجموعة من الشعوب، وليس اللغة أو الدين أو اللون. لكن متى تلتقي تلك الدولة، وحول ماذا ومَن؟ لا يمكنها ان تلتقي على طريقة أهل الحانات: أنخاب في أول الليل، وعراك في آخره.دول الطوائف لا تقوم ولا تدوم. ولا دول القبائل. ولا دول التجمعات. ولا دول الحزب الواحد مثل الاتحاد السوفياتي وسائر مداراته. والصين استثناء لأن...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم