تُخصص المدارس والجامعات والجمعيات سنوياً لطلابها زيارات إلى مبنى جريدة "النهار". وخلال جولات الزائرين تنهال الأسئلة علينا، عن المهنة وتاريخ هذه الصحيفة العريقة وشعارها بـ"ديكها"، والشهيد الصحافي جبران تويني والمعلم الراحل غسان تويني ومؤسسها جبران تويني، عن مصادر الخبر وصناعته وكيفية عمل الصحافي والاعلام الرقمي، الأزمات والتمويل...إلخ. وثمة سؤال مشترك، كنت دائماً أتوقعه في كل زيارة: "ما الذي يميّز هذه الجريدة عن زميلاتها؟".
كثيرة هي المميزات التي تتمتع بها "النهار"، ويحتاج السؤال الى محاضرة كاملة للاجابة عنه، فنحن نتحدث عن صحيفة وُلدت في 4 آب 1933، ولم تفلح كل الأزمات في ايقافها، سواء أزمات الحروب أو الاقتصادية أو حتى الاعلامية مع هيمنة الاعلام الرقمي ودخول مواقع التواصل الاجتماعي اللعبة الاعلامية محولة كل فرد إلى صحافي.
هذه الصحيفة التي لم تصفق يوماً لـ"محتل"، ومنذ أيام الانتداب الفرنسي كانت المواجهة مباشرة باصدار نسخ للجريدة باللغة الفرنسية كي يفهم الفرنسي أنه غير مرحب به، لتكمل معاركها بوجه الاسرائيلي والفلسطيني والسوري. صحيفة، بحجم وطن، عمّدت مواقفها بالدم وتحملت كل المصاعب. صحيفة يؤمن بها صحافيوها فعاشوا معها "الحلوة والمرة". صحافيون من كل الطوائف والمذاهب.
أما جوابي المعتاد عن سؤال: "ما الذي يميزها؟"، فكان: "يكفي تصفّح الجريدة والموقع، لتدركوا أن النهار منبر إعلامي للجميع. ففي زمن تحولت فيه الصحافة إلى سلاح وإعلام حربي، وفي وقت باتت صحف عدة عبارة عن منشورات حزبية لا تنشر سوى الرأي الواحد، لا تزال النهار الوحيدة التي تنقل وجهة نظر كل فريق، من دون فيتوات ولا غرف اعلامية سوداء"، وافتح أمامهم الجريدة، واقلب في صفحتها: "انظروا في الصفحة نفسها، رأي يمثل هذا التيار وآخر يمثل هذا الحزب..."، لكن على رغم ذلك، فإن لـ"النهار" نفَسها السيادي الذي تعبر عنه في "المانشيت" مجسداً صورة لبنان.
الجواب الأمثل اليوم عن السؤال نفسه: "ما الذي يميزها؟" أختصره بـ "الكل في جريدة". وببساطة، كي نصنع وطناً، فلنأخذ "النهار" نموذجاً!
Twitter: @mohamad_nimer