إنها "النهار"، أحد أعمدة لبنان الجديد، معلم من المعالم التي صنعت ذاكرة هذا الوطن ورسخت صورته الفريدة بل اسطورته التي قامت على ارض التاريخ. انها "النهار" التي واجهت العواصف التي هبت على لبنان، فتراجعت العواصف وبقي لبنان و"نهاره".
منذ الاستقلال، كانت جريدة "النهار" ركناً أساسياً من أركان النهضة الحديثة التي شهدتها بيروت، المدينة المفتوحة شرقا وغربا، والجامعة بين اصالتها العربية وحداثتها العالمية. وراحت هذه الجريدة التي اسسها جبران تويني، والد غسان وجد جبران، تتحول الى "مملكة" قائمة بذاتها. لم تكتفِ "النهار" بان تكون صحيفة من حبر وورق، بل تحولت الى مطبخ سياسي وثقافي، فيها يلتقي السياسيون على اختلاف انتماءاتهم وحولها يلتقي المثقفون ايا كانت مشاربهم. وكان غسان تويني الصحافي اللامع والجريء في قلب الحياة السياسية، وزيرا وسفيراً، ومراقبًا وموجهاً ومصلحاً، سعى الى التخطيط لبناء دولة المستقبل. وهو الدور نفسه الذي اضطلعت به "النهار" في مواكبتها للواقع اللبناني أو الحاضر بعين تنظر الى المستقبل. وكان على مدرسة "النهار" ان تخرج طليعة من الصحافيين الذين شعّ حضورهم عربيا وفي عواصم عالمية عدة، إضافة الى تخريجها نخبة من السياسيين والاقتصاديين الذين تسلموا مناصب عالية.
لم تكن "النهار" جريدة الماضي الا لانها جريدة المستقبل. وها هي تصر على الانتماء الى المستقبل الذي رسم خطوطه غسان وجبران تويني، متحدية كل العوائق التي تعترض الصحافة المكتوبة حول العالم، والتي اضطرت امبراطوريات اعلامية كبرى الى مقاربات جديدة، واعدة قراءها واللبنانيين جميعا، بانها ستكون في طليعة التغيير الذي لا بد منه لديمومة لبنان. انها جريدة المستقبل، جريدة الاجيال التي تتوالى، جريدة تسعى
بإصرار الى ان تكون الرأس المخطط والعين الساهرة والضمير الشاهد على الاصلاح والنهوض والبناء.
@monallisaf