ضعوا الأنانيات والمصالح الفئوية جانباً
في المفهوم العام، لا يمكن لأي شعب أن يصنع وطناً لمجرد الرغبة في ذلك، وإنما الاقتناع بجدوى هذا الوطن من الوجهة الشخصية أولاً ومن الوجهة العامة في المرحلة اللاحقة هو الذي ينتج وطناً نأمن إليه ونعيش فيه.
فقسم كبير من اللبنانيين راهن منذ ما قبل الاستقلال على نهائية هذا الوطن الفريد في تركيبته الطائفية والمذهبية وكيفية تقاسم السلطة فيه وإدارتها تحت عنوان الوفاق والتوافق، في حين كانت بعض الفئات تراهن على هذا المكوّن الخارجي أو ذاك، ليكون داعماً وسنداً لها. فحلت أحداث العام 1958، ومن ثم حرب العام 1975 التي حصدت مئات آلاف القتلى والجرحى والمعوّقين ليقتنع الجميع بعدها أن لا مفر من العودة الى بناء الدولة والوطن للجميع.
ثم حل اتفاق الطائف ضيفاً ثقيلاً على بعض الشرائح اللبنانية التي ظنت أنها بانطوائها على نفسها ستسهم في تغيير المعادلات، ولكن عندما انطلق القطار عاد الجميع الى حظيرة الوطن القادر على منح الرعاية الأنسب.
أما بعد إعصار العام 2005، فقد راهن بعض الذين لم يتعلموا الدروس، ولم يقرأوا التاريخ جيداً، أن القوى الإقليمية والدولية ستكون لهم نبراساً لرسم خرائط الطرق التي توصلهم إلى ما يخططونه في رؤوسهم، حتى وقع معظمهم في فخ ساعة التخلي، وفهموا أنهم وقود في صراع الكبار لا أكثر.
وبالتالي، فالحل الأنجع لصناعة وطن كامل المواصفات، هو وضع الأنانيات والمصالح الفئوية جانباً، والتركيز على ما يخدم الصالح العام الذي يمثل المظلة الحقيقية للجميع.