حين تتحرّر الخراف وتروَّض الذئاب
منذ كنت في السادسة من عمري شاركت والدي حلمه ببناء وطن، عبر إقحامي في تظاهرة عمالية. يومها حملت عصاً خشبية وعلق والدي عليها رغيف خبز في ترجمة لمطلب ثلاثي الابعاد "الخبز والعلم والحرية".
هي ليست مطالب المواطنين، بل واجب حكومة المواطنة. لا يمكن لأي أحد أن يعطي المواطن خبزاً من دون أن يؤمن له قلم العلم أو أن يعطيه قلماً ويسلبه الحرية.
حلم بناء الوطن ليس وليد اللحظة، بل هو حلم بدأ منذ نضالنا ضد الطورانية وما تلاها من احتلالات. أجهضت أحلامنا، ليس لعلّة فينا أو لاستحالة تحقيقها، ولكن بسبب جوقة الورثة التي تخضرمت بين السلطات الحاكمة، فامتلكت السلطة ولبست ثوب الضحية واستملكت سوط الجلاد.
على مر السنين، استحكمت مجموعة الذئاب بالحكم، زعمت انها ضحت بأولادها وأرسلتهم إلى المدارس كي يتعلموا دون أولاد الشعب، كما اقتطعت من قوت المواطنين زوادتها، كما أنها سلبت الناس حرية التفكير، فأنتجت تلك الممارسات غنماً يثوغ للذئب ولاءً.
تغيرت التواريخ ونشبت حروب ومعارك، ولكن الحرب الأهلية أنتجت ذئاباً أشد شراسة، وأغناماً تتغنى بساطور جزارها، فباتت دروب النضال أكثر وعورةً وأساليب التغيير أكثر صعوبة.
كان الجهل هو علف الخراف اليومية، والطائفية هي مدار تفكيرهم التالي، وعلى مر الزمن بات حلمنا في بناء الوطن صعب المنال، وجوابنا على سؤال "#كيف_نبي_وطناً" يتثمل بنجاح الخراف في ترويض الذئاب التي تحكمها وتكسر باب الحظيرة والتعصب نحو فضاء التحرر والانفتاح، وقد تسألون عن الراعي، "الله يرحمو".