السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"النهار" تنهض للوطن وصحافة لا تموت...

المصدر: " النهار"
ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
"النهار" تنهض للوطن وصحافة لا تموت...
"النهار" تنهض للوطن وصحافة لا تموت...
A+ A-

"النهار" لا تهدأ. هي تنهض مجدداً وتواصل التحليق بين أجيال عدة، وبين زمنين وأكثر. هي ترد على الزمن فتعاود الاستقطاب وتحمل الرسالة مجدداً من أجل الوطن.

الوطن بلا صحافة، هذا أمر محزن. فلا حياة ولا تغيير ولا حض على التفكير بلا كتابة تحاكي البلد وهمومه وقضاياه وتفتح على العالم والحداثة. هكذا تتصدى "النهار" للصعوبات وللمستحيل، فتبني مشروعاً متكاملاً لا يفصل بين التكنولوجيا والورق، لتبقى المادة المميزة عنواناً للاستقطاب والمحاكاة.

"النهار" تنهض والصحافة لا تموت. اختصرت "النهار" حياة الصحافة بـ"الكل في جريدة" كطريق لصناعة وطن ولبناء دولة، وهي رد على المنعطف المصيري الذي تعانيه الصحافة اللبنانية ومواجهة لحظاتها الخطرة أو حتى الكارثية، كي لا يسقط قطاع بأكمله، مع ما يحمله من خسارة وظائف وتراجع أخلاقي.

تدرك "النهار" أن الاعلام اللبناني في أزمة، لا بل هو في خطر، إذا تجاوزنا ما يطرح من تساؤلات حول مصاعب الصحافة ومصير العاملين فيها والمعايير الأخلاقية التي تحكمها، إذ لا يقتصر الأمر على طفرة الاعلام الالكتروني وبين أن يكون على حساب الصحافة الورقية، فكان السباق للاستمرار باللحم الحي وبالإمكانات المتوافرة وبالابداع طريقاً للتجديد، من الصحيفة الورقية التي تلبس حلة جديدة وعميقة في مضمونها، إلى الموقع الالكتروني الشامل والويب تي في، ووسائل التواصل الاجتماعي، ليكون الدمج أساساً في المشروع الجديد.

الأهم في رسالة "النهار" أن تكون على مستوى الحدث، وشعارها رفض الاستسلام كي لا يكون مصير جريدتها التاريخية مشابهاً لحالات اختارت الموت بدلاً من الاستمرار. ورفض الاستسلام يبدأ بالتحليق نحو الفضاء الواسع ورسالة البلد والوطن، والمساهمة في بناء الدولة وفي الوصول إلى حياة أفضل للبنان واللبنانيين. هذا لا يمنع سقطة من هنا أو خطأ من هناك، فبلوغ المشروع أهدافه كاملة أمامه الكثير من الصعاب، لكن التفكير الجدي والنقدي وحمل القضايا الحقيقية والأخلاقية يفتح على استقطاب كل الفئات ويضع المشروع في متناول الجميع كطريق للبناء.

قيل الكثير عن أزمة الصحافة. تخطينا هذا السؤال وغيره على غرار: من يحمي الصحافة كصناعة، ومن يحمي الصحافيين وهم في قطاع يستقطب أبناء الطبقة الوسطى، ومن يكترث لمصيرهم؟ وكلنا يعلم أن التمويل العربي للصحافة اللبنانية توقف منذ زمن، فهل ننتظر بديلاً للتمويل أم نطلق طاقاتنا نحو الوطن؟ بالنسبة إلى البعض انتهت وظيفة الصحافة اللبنانية عربياً، ولم يعد التمويل متاح لها، إضافة إلى التوتر في علاقات الصحف، فيما الأزمة فعلت فعلها على غير مستوى واتجاه. لكن "النهار" تحاول أن تعيد وظيفة الصحافة برؤية جديدة كي لا تطفئ الأزمة قلب المهنة، في اللحظة الكارثية التي أخذت من جسم الصحافة وفككته وهشمته، علماً أن الصحافة اللبنانية لم تكن بعيدة يوماً عن الاصطفافات ومراكز القوى السياسية، ولم تكن خارج سيطرتها، بل كانت في أحيان كثيرة تحت سقفها.

على رغم الوضع الكارثي للصحافة في بنيتها وفي علاقاتها، وفي أوضاعها المالية، وفي ما يعانيه أهلها، كان الاعلام لا يزال حتى الأمس القريب بنكهة مميزة. وها هي "النهار" تخرج مجدداً الى الفضاء العام الوطني بنفحتها الاستقلالية وتنوعها. وهذا يعني أن هناك نبضاً مستمراً في الصحافة، وتجربة "النهار" الجديدة يبنى عليها من دون أن نهرب من تشخيص الأزمة ومكمن الخطر وحدود الكارثة.



تأخذ "النهار" ما يغني تجربتها، حتى في الحديث عن أزمة الصحافة العالمية، قلا تنعى الصحافة الورقية، عندما تطلق حملة على مستوى الوطن، تدخل صحيفتها إلى كل بيت وشارع ومكتب، وإلى بيوت السياسة والفن والثقافة والتربية، وتخاطب كل القطاعات، فتستقطب الجميع بلا استثناء لتقول أن الأزمة ليست في الصحافة فحسب، بل هي أزمة وطن، وعندما نساهم في بناء المؤسسات ومكافحة الفساد نصل الى مرحلة يمكن معها صناعة وطن. فالفساد لا يطال النظام السياسي فحسب بل أيضاً شريكه الاقتصادي، وليس غير الاعلام يمكنه أن يشكل آداة ضغط وتأثير يفتحان الطريق نحو الاصلاح، بعيداً من الاستثمار السياسي في الصحافة والتمويل الذي يأخذها الى موقع آخر.

من حملة "النهار" وعددها الخاص الذي خاطب البلد كله، تخترق التجربة عالم الحياة، وإن كان لا أحد يملك أجوبة مقنعة عن سؤال أزمة الصحافة والاعلام. الموضوع ليس على هذا القدر من البساطة كي نقول أن صحافتنا لم تواكب اعلام الديجيتال، وحتى الطبقة السياسية التي لا تنجد صحافتها، ولا تكترث لمصير الصحافة والصحافيين، لكن يمكن البناء على تجربة تشق الطريق وتحتاج الى وقت للخروج من الوضع المأزوم، أي الانتقال الى صحافة جديدة تغني البنية اللبنانية. وهذا أيضاً يحتاج الى ذهنية مختلفة ومجتمع يتبنى وجيل يبادر بعيداً من الاصطفاف والتبعية والالتحاق والارتهان، بالتقدم خطوات بلا التباس وبدور متجدد يعترف أولا بعمق الأزمة والكارثة ليرسم خريطة طريق للخروج منها.



هذه هي "النهار" اليوم ترفض الاستسلام وتنهض بمشروعها من أجل وطن حقيقي، كما بناء الوعي وتحفيز التفكير النقدي، وتكريما لشهداء سقطوا ليس لسبق صحافي، انما لموقف حر ديموقراطي شفاف غير مرتهن لحسابات. فها هو الطريق يفتح لاستعادة الوجه الحيوي للتجربة الصحافية اللبنانية وفي جبه الاخطار التي تتهدد الوطن.

[email protected]

twitter: @ihaidar62






حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم