الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

توترات بشرق المتوسط... العلاقات المصرية التركية في مهب أزمة جديدة

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
توترات بشرق المتوسط... العلاقات المصرية التركية في مهب أزمة جديدة
توترات بشرق المتوسط... العلاقات المصرية التركية في مهب أزمة جديدة
A+ A-



لكن من جهة أخرى، جاءت الأزمة الراهنة في وقت تعاني فيه الحكومة التركية من ضغوط وصراعات داخلية وخارجية متعددة. هذه المعطيات المتباينة، قادت المحللين إلى تفسيرات مختلفة، وطرحت تساؤلات حول ما يمكن أن تصل إليه العلاقة الملتهبة بين البلدين.  

وكانت العلاقات المصرية التركية شهدت تحولاً كبيراً، بعد اطاحة حكم جماعة "الإخوان المسلمين" بمصر في العام 2013، ولجوء عدد من قياداتها إلى الدولة العثمانية والإقامة بها. وتعد الجماعة حليفا قويا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وسقط حكم "الإخوان المسلمين" في أعقاب تظاهرات شعبية حاشدة ساندها الجيش، الذي كان يقوده في حينه، الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، قبل أن يتم انتخابه رئيسا للجمهورية في العام 2014.

حرب كلامية

بدأت الأزمة الجديدة بتصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال فيها إن تركيا "تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط في المستقبل القريب"، وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة "الأناضول" التركية عن صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، الاثنين: "أن الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص لا تحمل أي صفة قانونية". وشدد على أن "التنقيب عن الموارد الطبيعية -بهذه المنطقة- وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا".

وبعد أيام من تصريحات أوغلو، ردت وزارة الخارجية المصرية ببيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع "فايسبوك"، اليوم الأربعاء، قالت فيه: " أيه محاولة للمساس بالسيادة المصرية على المنطقة الاقتصادية الخالصة لها في شرق المتوسط مرفوضة وسيتم التصدي لها".

وقالت الخارجية المصرية في بيانها: "تعقيبا علي التصريحات التي أدلي بها وزير خارجية تركيا (...)، بشأن عدم اعتراف أنقرة بالاتفاق المبرم بين مصر وقبرص عام 2013 بترسيم الحدود البحرية بين البلدين للاستفادة من المصادر الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر المتوسط (...) أكد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، علي أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، حيث إنها تتسق وقواعد القانون الدولي وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة". وحذر أبو زيد من "أي محاولة للمساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة، وأنها تعتبر مرفوضة وسيتم التصدي لها".

قطعة من الكعكة

فسر بشير عبد الفتاح، الباحث في "مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية" التصريحات التركية على أنها محاولة للحصول على "جزء من الكعكة"، وقال لـ"النهار": "لا يوجد تصعيد محتمل، ما حدث هو إجراء تتبعه بعض الدول لإظهار يقظتها لما تعتبره حقوقها. كل طرف يحاول أن يسبق بادعاء حقوقه فور ظهور اكتشافات بالمناطق الحدودية، حتى وإن كان ليس متيقنا من ملكيتها، على أمل أن يحصل على (جزء من الكعكة). وبالتالي لا أظن أن الأمور سوف تتطور لمرحلة المواجهة، ولكن ربما تطمح تركيا إلى أن يحدث تفاوض حول الثروات الموجودة في منطقة شرق المتوسط".



وأضاف عبد الفتاح: "يواجه النظام التركي ضغوطا كبيرة في الوقت الراهن، منها على سبيل المثال ضغوط متعلقة بالحريات وحقوق الإنسان، وكذلك عملية (عفرين) في سوريا، والتي طال أمدها، ولم تحسم، ولا يظهر الأفق الزمني لانتهائها، وهذا يولد ضغوطا على أنقرة، لكن وجود الضغوط لا يجب أن يقود تركيا إلى صناعة الأزمات، فالقاهرة تفاهمت مع قبرص واليونان، ورسمت حدودا، ومن ثم لا يمكن أن تدخل تركيا في مواجهة مع مصر وكافة الأطراف ذات الصلة بالمنطقة".

تفريغ الضغوط

ويرى مجدي سمير، الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن تصعيد أنقرة يرجع إلى محاولة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتخفيف الضغوط الواقعة عليه، خاصة بسبب عملية "عفرين" العسكرية في سوريا، ويقول لـ"النهار": "إن أردوغان كلما شعر بضغوط داخلية وخارجية عليه، سعى إلى (تفجير قنبلة) لإحداث ضجة تمتص الضغوط المحيطة به، فالاتفاقية التي يتحدثون عنها، وقعت قبل نحو 4 سنوات، فهي ليست جديدة".

وأضاف سمير: "أردوغان يعلم أن الأمر ليس سهلا، فأي تصعيد على الأرض لن يتعلق بمصر وحدها، ولكنه قد يستدعي تدخل الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، كما أن هناك تواجدا روسيا في البحر المتوسط وسوريا، وكذلك الولايات المتحدة متواجدة في سوريا والعراق".



وحول طبيعة الضغوط التي يتعرض لها الرئيس التركي، يقول الباحث المتخصص في الشأن التركي: "أردوغان لديه ما يكفيه من المشاكل والضغوط الداخلية والخارجية، فهناك مشاكل اقتصادية، وكشفت تقارير حديثة عن أن العجز في الميزان التجاري تضاعف في كانون الثاني الماضي، وكذلك عجز في الحساب الجاري، والديون الداخلية ترتفع" لافتا إلى أن "سر تفوق أردوغان سياسيا طول العشرة سنوات الماضية، يرجع إلى انجازاته الاقتصادية، فإذا تراجع الاقتصاد، أصبح المستقبل السياسي لأردوغان مهددا".

وأشار سمير إلى أن "هناك أيضا ضغوطاً تتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية في بدايات 2019، ومؤخرا كشفت استطلاع للرأي عن تراجع تأييد المواطنين لتحالف أردوغان الانتخابي. وكل يومين أو ثلاثة نسمع عن مواطن تركي يحرق نفسه، لقد شهد العام الماضي أكبر نسبة لهذه الحوادث منذ نحو 20 عاما، كل هذا يمثل ضغوطا على الرئيس التركي وحزبه، لا تمكنه من الدخول في المزيد من الأزمات والصراعات الكبيرة".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم