السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

سيرة المُقاتلة الكُرديّة بارين

همبرفان كوسه- صحافي كرديّ
سيرة المُقاتلة الكُرديّة بارين
سيرة المُقاتلة الكُرديّة بارين
A+ A-

"لأننا حقاً لا نشبههم، لن نقتلَ طفلاً ولن نقطعَ شجرةً يا بارين، لأننا هكذا، ولأننا جميعاً نحبُّكِ، سوف نغرس غصناً من الزيتونِ في أعينِ قاتليكِ". هذا ما يقوله الصحافي الكُردي جوان سوز في رثائها. 

وصفة الحياة الأزليّة أن تحمل ملعقة واحدة من تراب أرضٍ يُحلى بدم بارين، أن تشربه مرة واحدة في يومك. بمقدار ملعقة واحدة تلِدُ ساعات البرد الأولى زيتوناً ناصع الكرديّة. بارين بِحُلى دمها لا تسربُ أفعالاً ضارة بعملِ الزيتون. الدماء الزكيّة عادةً ما تكون كرديّة. تكون الماء يروي عطشَ شجر الزيتون.

الحذاء المرميّ إلى جانب قدم بارين، مصنوعٌ من الموت. لا تستطيع الذكوريّة أن تقتله. لا يحق لهم أن يلعقوا الحذاء كما تلعق الجراء بقايا النفايات في مكبّ السلطان الأعظم. ليسوا أعظم منه قيمة، ما يحده هذا الحذاء من نضال، يغلب كفة إيمانهم. كلّ شيء لا يلصق به وحل من شجرِ الزيتون، لا يكون طاهراً. لا بأس أن يرموا الحذاء جانباً خوفاً من أن يبتلع وجودهم، وإرهابهم.

الآن وأنت تدخل في الحيّ الأوّل من ربيع عفرين، هل جربت أن يحملك شهيقك إلى شجرِها؟ هل جربت أن تجِد الربيع ينشق وتشمّ نشوة الزيتون لنصرها؟ هل جربت أن تحمل تراب بارين وتصنع منها بخوراً تلطِّف به نصرك، وتغدو نائماً فوق قمة عالية تدفأ بها؟.

الآن، في مدخل المدينة. مشاهد رفيقات بارين وهم يعزفن على آلاتهن الوتريّة ويرقصن عليه في المكان. علّ أنامل الأنثى الكرديّة لا تدقّ سوى على الزناد، تخرج الرصاص الأوّل من الثأر. كلّما التحم الرصاص بجسد المحتَل، عثرن على حبة من جسدها. حبات جسدها، شجرُ ثأر رفاقها، لا يزال رنين قدم بارين يسمع في المكان، في جبالها وقراها. في المدن والبلدات المأهولة بالموسيقى، وإن كانت هذه الأقدام غيرها، والجدائل لراقصين غيرها، وحتى شكلَ الرقص ومكانه. حتى إن كانت المعركة مكان الرقص.

نساء هذه المدينة، لا أشجار زيتون دونهنّ. هنّ ما تبقى من سليل الله، حين زارها مرة. نساء الزيتون: لا تكفّنَّ عن المقاومة إّلا لتلدن أنثى كرديّة. كلَّ امرأة كرديّة تشبه بارين، عين جبالنا ترنو إليها. آلهة الزهر وأنت تركع فوق أرضها ساجداً لترى البقاء مِن حافة عينها النائمة.

الموت، لا شيء سواه يقود إلى الحياة، كلما فكرت في أن تكون كرديّاً، تذكر أن ترى مشاهد لبشر يقتلون بالرصاص، آخرون يحملون معهم نعوشاً من إسمنت. وصوتُ من ريح يتجه صوب القبر ليقول لكم: ما بالكم تصارعون الله، تتعامون عن مصائركم؟.

حريٌّ برفاق بارين أن تكون معركة جسدها المنثور في عفرين كحبات الزيتون بصيد ضغابيس أو صيد الجراء. غزاة أجسادِنا ليسوا كباراً إلى هذا الحدِ لنقول عنهم ثعالب، ونسميَّ الدفاع عن أثداء الزيتون صيدها.

أما من لا يعرف بارين، فهي كل فتاةٍ كرديّة تناضل كي تسقي زيتون بلادها!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم