الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل يمكن تغييب "المعيار الأخلاقي" عن الانتخابات في مشروع الاعتراض المدني التغييري؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هل يمكن تغييب "المعيار الأخلاقي" عن الانتخابات في مشروع الاعتراض المدني التغييري؟
هل يمكن تغييب "المعيار الأخلاقي" عن الانتخابات في مشروع الاعتراض المدني التغييري؟
A+ A-

"الأخلاق"، باعتبارها قيمةً معيارية لا مجال للمساومة في شأنها، أو تغييبها عن أيّ مشروعٍ وطني – سياسي للتغيير، هل يمكن الفصل بينها وبين الاستحقاق الانتخابي في أيار المقبل، باعتباره وسيلةً ديموقراطية لفتح ثغرةٍ مضيئة في جدار السلطة "اللاأخلاقية"، بهدف إدخال مجموعةٍ اعتراضية نظيفة إلى مجلس النواب، وسحب البساط من تحت أقدام الطبقة السياسية التي مارست ما يكفي من الفساد و"قلة الأخلاق"؟ 

شخصياً، أربط ربطاً محكماً لا رجوع عنه بين المعيار الأخلاقي والعمل السياسي، فكيف لا أربط بين هذا المعيار وبين الاستحقاق الانتخابي؟!

مسألة "الأخلاق" تفرض نفسها بقوة، ومن الآن، على قوى الاعتراض والتغيير (المدني)، التي إذا أرادت فعلاً أن تحافظ على مكانتها في الوجدان الجمعي للمواطنين، فيجب عليها أن لا تتهاون البتة في تظهير "المعايير الأخلاقية" تظهيراً صارماً، بما يحول دون تسرّب قلة الأخلاق، والفساد، والانتهازية، والوصولية، والعنصرية، والمذهبية، والطائفية، والمخابراتية، والتبعية، والالتحاقية، واللصوصية، إلى الجسم الاعتراضي.

المسألة الأخلاقية هي تراكمٌ تاريخي في مسيرة شخص، أو في مسيرة مجموعة، أياً يكن هذا الشخص، وأياً تكن تلك المجموعة.

من أول الطريق، لا من منتصفه، ولا في آخره، أنبّه "المدنيين" إلى أهمية إدراج هذه المسألة المعيارية، في رؤية القوى الاعتراضية (المدنية)، على مستوى المنهج؛ في الآلية، في التصرّف، في الممارسة، في الخيار، وفي القرار. وهذا كلّه، معاً، وفي آنٍ واحد.

"المعيار الأخلاقي"، هو كلٌّ متكامل، ولا يُكتفى بالإعراب النظري والشفهي واللغوي عنه.

كما لا يجوز المناداة به، عندما يكون لصالح القوى الاعتراضية، ثم تغييبه، أو إغفاله، عندما لا يعود "ضرورياً" لتحقيق مصلحة هذه القوى.

"المعيار الأخلاقي" لا يظهر فجأةً، وكأنه ابن ساعته.

"المعيار الأخلاقي" هو مواءمةٌ تراكمية، متواصلة، بين الشكل والمضمون، بين الظاهر والباطن، بين الماضي والحاضر والمستقبل. لدى الفرد. ولدى المجموعة.

مثلاً: لا أستطيع أن أكون ملحقاً بحزب، أو بجهاز، أو بكيانٍ مالي، أو بسلطة سياسية غاشمة، أو بسلطة طائفية، وأكون في الآن نفسه، مدنياً، واعتراضياً، وتغييرياً؟

مثلاً: لا أستطيع أن أكون في ما مضى من تاريخي السياسي والوطني، مع عهد من عهود الوصاية اللبنانية – السورية البغيضة، ثمّ أقفز فجأةً لأنضمّ إلى قوى الاعتراض والتغيير؟

في هذا المعنى، وفي ذاك، ثمّة ضرورةٌ قصوى لتعريف "المعيار القيمي الأخلاقي" في العمل الوطني والسياسي.

وإذا كانت الطبقة السياسية التي تستولي على سلطة القرار في البلاد منذ عشرات الأعوام، بل منذ العهد الاستقلالي الأول حتى تاريخه، غير مهتمة بهذا المعيار الأخلاقي، فإن صون هذا المعيار هو المسؤولية الأولى الملقاة على عاتق قوى الاعتراض الخلاّقة، التي ينبغي لها أن تقدّم نموذجاً نظيفاً يخاطب الوجدان الجمعي للمواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بالكابوس الطويل، وباتوا يتوقون إلى التغيير... الأخلاقي.

مرةً جديدة، هو امتحان. وفي الامتحان يُكرَم المرء (والجماعة) أو يُهان!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم