السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

السيناريوات المحتملة لتطيير الانتخابات؟!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
السيناريوات المحتملة لتطيير الانتخابات؟!
السيناريوات المحتملة لتطيير الانتخابات؟!
A+ A-

المسافة بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي، فشخة (خطوة)، برهة، بل أقلّ. يكفي أن يجتاز "المايسترو" هذه الفشخة، ويكفي البرهة أن تعبر من تلقائها، لكي يصبح ما نعتبره افتراضياً، أمراً واقعاً. 

هذا في النظرية المطلقة، أما في الملموس، ولا سيما الملموس السياسي اللبناني، والانتخابي منه تحديداً، فلا شيء يحول دون حصول السيناريو نفسه، فيصير الافتراضي واقعياً.

مَثَلٌ جاهز: افتعال خلاف حول موعد دعوة الهيئات الناخبة ما بين 22 كانون الثاني الجاري أو 5 شباط المقبل. خلافٌ كهذا، قد يكون تفصيلياً وبسيطاً وثانوياً وغير أساسي، لكنه، في لحظةِ "خربطةٍ" ما، أو في لحظةِ "تخلٍّ"، قد يصير جوهرياً ومعقّداً وأساسياً وإلى آخره. باختصار: هو خلافٌ يمكن أن يضع العملية الانتخابية برمّتها أمام إشكالية قانونية، وربما دستورية، الأمر الذي من شأنه أن يحمل المراجع القضائية على "إبطال" الاستحقاق. عملياً: تأجيل الانتخابات. كلمة "تأجيل" هنا، مهذّبة جداً، بل مهذّبة أكثر من اللزوم، في واقعٍ سياسيّ لبنانيّ، هشّ، مريض، متخلّف، فاسد، طائفي، مذهبي، رئاسي (من الرئاسات)، يشي بـ"التفجير" و"الإلغاء" أكثر منه بـ"التأجيل".

هذا المثل "الإداري" البحت، ثمة أمثلةٌ متعددة أخرى من "عياره" و"طرازه" (من فصيلة تأجيج الخلاف الإداري - السياسي - الطائفي - المذهبي حول إدخال تعديلات انتخابية)، لا بدّ من أن "المعنيين" بمسألة "التأجيل" يضعونها في حسبانهم، وهم مستعدون لـ"تطليعها"، على طريقة الساحر الذي يسحب الأرانب من جيب قميصه أو ثيابه، في اللحظات الحاسمة.

مَثَلٌ ثانٍ: عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب مجلس نواب جديد ضمن المهل الدستورية، بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات، وموافقة وتوقيع كلٍّ من رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية. الحجج هنا متعددة: عدم الأخذ بمطلب تمديد مهلة تسجيل المغتربين للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، وعدم تطبيق الإصلاحات التي وعد بها اللبنانيون، وإمكان الطعن بالانتخابات لعدم التزامها مفاعيل القانون بالنسبة إلى البطاقة الانتخابية.

مَثَلٌ ثالث: ماذا لو كان "الخوف" من احتمال استحالة إجراء الانتخابات، خوفاً واقعياً، "لأسباب قاهرة"، كالسبب الأمني؟ أكان "المايسترو" الذي يحرّك هذا "الخوف" الاحتمالي، صهيونياً، أم إيرانياً، أم إميركياً، أم سعودياً، أم... داخلياً، أم سوى ذلك من الاحتمالات المعقدة، وهي احتمالات يتداخل فيها الواحد بالآخر، على طريقة الأوعية المتصلة vases communicants؟

يجد هذا الاحتمال صيغته الواقعية من خلال افتعال (أو السماح بـ) عمل أمني/ سياسي كبير يثير الفوضى ويخلق ظروفاً استثنائية في البلاد مما يحتّم إعلان حال طوارئ، هي نفسها الظروف الاستثنائية أو القوة القاهرة المنصوص عليها في الدستور.

أترك للقراء - الناخبين أن يحدّدوا بأنفسهم مَن هم، يا ترى، الأطراف اللبنانيون الراغبون في أعماقهم الدفينة بـ"تأجيل" الانتخابات، والمستفيدون عملانياً من بقاء الوضع على ما هو عليه، عبر تأجيج التصعيد، بأنواعه وأشكاله ومستوياته.

قد لا يحصل شيء من هذا أو من ذاك، أو ذلك. وآمل ألاّ يحصل. لكن "مهندسي" الأحوال المفسِدة للديموقراطية ولرغبة التغيير (داخلياً وخارجياً)، هم أصحاب الكلمة الفصل. وإذا لم يكونوا هم أصحاب هذه الكلمة، فهم زبانيتها والدمى (جمع دمية).

والله أعلم!

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم