الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل "عدّل" الأتراك تكتيكاتهم في سوريا بسبب عفرين؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل "عدّل" الأتراك تكتيكاتهم في سوريا بسبب عفرين؟
هل "عدّل" الأتراك تكتيكاتهم في سوريا بسبب عفرين؟
A+ A-

فالعمليّة الأولى التي انطلقت في أواخر آب من العام 2016 جاءت "بعدما شعرت أنقرة بشكل متزايد بأنّها دُفعت إلى خارج اللعبة في شمال سوريا" كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي" عن الخبير العسكريّ ميتين غورسان. وجاء في تحليل الأخير أنّ عمليّة "درع الفرات" أعادت تركيا إلى المشهد مجدّداً، غير أنّ توقيت العمليّة في عفرين "يجب أن يتمّ النظر إليه بالطريقة نفسها"، أي أنّ هنالك شعوراً متزايداً لدى أنقرة بكونها باتت "محشورة في الزاوية".  


قلب معادلة؟

على الأرجح، فكّر أردوغان بقلب الطاولة على حلفاء واشنطن في شمال سوريا عبر اعتماد معادلة معكوسة تقضي ب "حشر عفرين في الزاوية". على الأقلّ، يساعد موقع عفرين الجغرافيّ على دفع تركيا إلى اعتناق هذه الفكرة، إذ تقع بين فكّي كمّاشة الحدود التركيّة من الغرب وفصائل من "الجيش الحرّ" مدعومة من أنقرة لناحية الشرق إضافة إلى وجود عسكريّ مختلط بين الجيش الحرّ وقوّات النظام عند الحدود الجنوبيّة للإقليم. لكنّ مسألة عفرين لا ترتبط بالجغرافيا وحدها، إذ إنّ المعركة هناك قد تشكّل سباقاً مع الوقت خصوصاً ضدّ سعي الأميركيّين والروس إلى تحقيق أهدافهم.



العلاقات مع روسيا

في آب 2016، كانت موسكو وأنقرة ترفعان تدريجيّاً وببطء مستوى علاقاتهما السياسيّة التي شهدت انتكاسة بسبب إسقاط #تركيا لمقاتلة روسيّة في تشرين الثاني 2015. وشكّل اتصال الرئيس الروسي فلاديمير #بوتين بنظيره التركي للاطمئنان عليه عقب الانقلاب الفاشل في تمّوز 2016، نقطة تحوّل في تلك العلاقات بالاتجاه التصاعديّ. أمّا اليوم فتبدو الصورة معكوسة إلى حدّ ما، إذ إنّ استكمال درع الفرات يأتي ضمن مسار تنازليّ للعلاقات الثنائيّة، ويظهر ذلك بشكل واضح في العمليّات العسكريّة التي يخوضها الجيش السوريّ مدعوماً من الروس في إدلب.


توتّر إضافيّ مع واشنطن

أمّا العلاقات مع الولايات المتّحدة فكانت في غالبيّة الوقت سلبيّة أكان في عهد الرئيس السابق باراك أوباما أم الحاليّ دونالد #ترامب ولا يتوقّع لها أن تشهد انفراجاً في المدى المنظور بعد إفصاح #واشنطن عن نواياها الأمنيّة شمال سوريا. فقد أعلنت الولايات المتّحدة عزمها تدريب مقاتلين من قوات سوريا الديموقراطيّة لتشكيل قوّة حدوديّة في شرق وشمال سوريا مؤلّفة من حوالي 30 ألف مقاتل كرديّ. وأتى هذا الإعلان ليصعّد حالة التوتّر بين الطرفين وليدفع أنقرة إلى استعجال إطلاق عمليّتها في عفرين، خوفاً من "الحزام الكرديّ" أو "الممرّ الكرديّ" على حدودها الجنوبيّة.


الحلف "مجبر" بالدفاع عن تركيا

القصف التركيّ مؤخّراً على ريف عفرين كما تحرّك الآليّات التركيّة على حدود الإقليم ليس جديداً، لكنّ الأحداث والتصاريح التي صدرت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية تنبئ بعمليّات أوسع من تلك التي شنّتها أنقرة سابقاً ضدّ وحدات حماية الشعب الكرديّ. فقد رفع الأتراك لهجتهم تجاه حلف شمال الأطلسي #الناتو يوم أمس الثلثاء. وقال رئيس أركان الجيش التركيّ خلوصي أكار خلال اجتماع للحلف في بروكسيل إنّ أنقرة "لن تسمح بإعطاء دعم وتسليح لملحق بحزب العمّال الكردستاني تحت ستار كونه شريكاً عمليّاً (للولايات المتّحدة)". وفي اليوم نفسه، شدّد أردوغان على هذا التوجّه في اتصال مع أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ قائلاً إنّ الحلف "مجبر" على اتخاذ موقف ضدّ الذين ينتهكون حدود أحد أعضائه. وأكّد أنّ إنشاء قوّة حدوديّة يقودها الأكراد جنوب تركيا هو أمر غير مقبول.


رسائل تطمين أميركيّة؟

ميدانيّاً، أشار "المرصد السوريّ لحقوق الإنسان" إلى قصف مدفعيّ تركيّ على مناطق في ضواحي ومحيط المدينة من دون معلومات عن خسائر بشريّة. وكانت تركيا قد ثبّتت مواقع مراقبة لها في محيط عفرين، بعد دخولها #إدلب خلال الأشهر القليلة الماضية ضمن مهمّة خفض التصعيد التي أوكلت إليها في محادثات #أستانا. في هذا الوقت، كانت وسائل الإعلام التركيّة تسلّط الضوء على أنّ الأميركيّين غير معنيّين مباشرة بمجريات الأحداث في عفرين. وقال الناطق باسم التحالف الدوليّ راين ديلون لوكالة الأناضول التركيّة إنّ مهمّة التحالف "لم تتغيّر" وهي تكمن في هزيمة داعش داخل أراض محدّدة في #العراق و #سوريا وتهيئة الظروف لمرحلة ما بعد الحرب على داعش لزيادة الاستقرار الإقليمي. وفي حين أتى الجواب ردّاً على سؤال الوكالة حول ما إذا كان التحالف سيدعم عفرين فيما لو هوجمت من تركيا، أضاف ديلون: "نحن لا نعمل في عفرين. نحن ندعم شركاءنا في هزيمة ما تبقى من جيوب لداعش على طول وادي نهر الفرات الأوسط، خصوصاً في مناطق شمال البوكمال، في شرق نهر الفرات".


"ستؤذي بشكل حتميّ علاقتها"

حزب الاتّحاد الديموقراطيّ حذّر تركيا من أنّ "عفرين لن تكون وحدها" مشيراً في بيان أصدره إلى أنّ جميع المقاطعات الكرديّة ستقف إلى جانبها. ودعا الحزب المجتمع الدوليّ إلى "تحمّل المسؤولية تجاه أكثر من مليون شخص يعيشون في عفرين". بالرغم من ذلك، لن يقتصر التدخّل التركي على عفرين وحدها، إذ كان وزير الخارجيّة التركيّ محمّد جاويش أوغلو قد أعلن الثلاثاء أنّ الإجراءات التركيّة "لا يمكن أن تكون محدودة في عفرين. فهنالك أيضاً منبج وشرق الفرات". لكن في حال ذهبت أنقرة إلى هجوم شامل على الإقليم، فإنّها بذلك، تكون قد "عدّلت تكتيكاتها" بحسب رؤية مركز "ستراتفور" الذي شدّد على أنّه حتى وقت قصير، كانت تركيا تتحرّك بعد الحصول على الموافقتين الروسيّة والأميركيّة. والمؤشّرات اليوم تظهر أنّ أنقرة تتخطّى هذا العرف في قضيّة عفرين بطريقة "ستؤذي بشكل حتميّ علاقتها بروسيا والولايات المتّحدة معاً".








الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم