السعوديات في المدرجات وإيرانيات يخلعن الحجاب
دخلت السعوديات الجمعة ملاعب لكرة القدم للمرة الأولى في الرياض وجدة والدمام، في حدث تاريخي في المملكة المحافظة، وخطوة اصلاحية أولى من سلسلة خطوات اجتماعية مقررة لهذه السنة وتمنح النساء حقوقاً أكبر.
وتأتي هذه الخطوة الاستثنائية في وقت تشهد فيه السعودية سلسلة من التغيرات الاجتماعية المتسارعة، من بينها السماح للمرأة قيادة السيارة اعتباراً من حزيران المقبل، وإعادة فتح دور السينما.
واستعداداً للمبارة، خصصت السعودية "مناطق للعائلات" في المدرجات، تفصلها عوائق عن الأماكن المخصصة للمتفرجين الذكور. كذلك، اعتمدت في الملاعب أماكن خاصة للصلاة والحمامات والتدخين للنساء، اضافة الى مداخل مواقف منفصلة للنساء..
واعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن الحضور الواسع للسعوديات في الملاعب شكل انتصاراً على المتربصين وبدد هواجس المناوئين لحضورهم، ومثل اضافة ثرية تساهم في رفد الاندية والملاعب بعائدات جيدة، اضافة الى الجوانب التسويقية والاستثمارية المتوقعة في الملاعب بغية استهداف العلائلات بصفتهن قوة شرائية مؤثرة.
وسبقت صافرة البداية للمباراة بين فريقي الأهلي والباطن ضمن مباريات الدوري السعودي،، حماسة نسائية على مواقع التواصل الاجتماعي. وغردت الصحافية مريم منظوري : "خطوة رائعة".
وكتبت الناطقة باسم السفارة السعودية واشنطن فاطمة باعشن أن "الامر أكثر من حقوق نسائية".
وغردت وكيلة الهيئة العامة للرياضة والتخطيط والطوير رئيس الاتحاد السعودية للرياضة المجتمعية الاميرة ريما بنت بندر :"نعالي تركي ال الشيخ، زملائي الكرام في الهيئة العامة للرياضة، أشكركم جميعاً على جهودكم ودعكم الدائم. اليوم أدخلت السعادة في قلب كل عائلة وامرأة سعودية بحضور المبارة الاولى. تعتبر لحظة تاريخية في المملكة ...".
مع أن دخول المرأة الملاعب لا يعد حدثاً في القرن الحادي والعشرين، لا يزال ثمة من يحسد السعوديات على هذا الانجاز، وتحديداً النساء الايرانيات اللواتي منعن قبل أشهر من حضور المباراة المؤهلة لكأس العالم في طهران بين سوريا وايران، بينما سمح للسوريات بذلك.
وقالت مريم معمار صادقي إحدى المؤسسات المشاركات لموقع "تافانا" الإلكتروني المخصص للتربية المدنية في إيران: "حين أرى إصلاحاتٍ في المملكة العربية السعودية، أشعر بسعادة مزدوجة: فأفرح للشعب السعودي ولا سيما النساء، ولكنَّني أبتهج كذلك بتعرية الاستعلاء الأخلاقي الزائف للنظام الإيراني، وأنَّ قوانين النظام الإيراني وإجراءاته المناهضة لحقوق المرأة أصبحت تبدو متخلفةً بسبب بلدٍ لطالما اعتُبِر الأكثر تخلُّفاً في المنطقة".
وكانت ايران شهدت نهضة نسوية تحت حُكم سلالة بهلوي. ففي عام 1936، حُظِرَ الحجاب على يد رضا شاه. وروى بعض أقربائه في مُذكِّراتهم أنَّ مشاهدته نساء عائلته يخرجن بلا حجاب كانت أمراً مؤلماً بالنسبة له، ولكنَّه كان يعتقد أنَّها خطوةٌ أساسية نحو الحداثة.
وحين اجتاحت الثورة الإسلامية إيران في عام 1979، كانت المرأة قد عاشت تجربة الحرية نسبياً على مرِّ أربعة عقود. ولكن بعد الثورة، كان من الصعب على المرأة الإيرانية العودة إلى حياةٍ بلا حقٍ في الطلاق، أو حضانة أطفالها، أو حمايةٍ قانونية للمساواة في الميراث.
وكثيراً ما يشير الغرب إلى قواعد إيران المتساهلة بشأن الحجاب لتأكيد أنَّها أكثر تسامحاً. ولكنَّ الصحافية الأميركية من أصل إيراني، رويا حكاكيان، كتبت في صحيفة "النيويورك تايمز" أنَّه بعد 40 عاماً من المقاومة، صار النظام مُنهكاً. وفي ظل زيادة عدد السكان من 40 مليون نسمة آنذاك إلى أكثر من 80 مليون نسمة، وتحميل الجيش فوق طاقته، فقد النظام بعض السيطرة كذلك.
لكنَّ بعض النساء الإيرانيات يرون أنَّ ما تفعله السعودية عدو بلادهن اللدود للنهوض بالمرأة هو أكثر مما فعلته جميع القوانين الإيرانية المؤيدة لحقوق المرأة في السنوات التي أعقبت ثورة 1979.
وللتعبير عن غيرتهن من السعودية، نشرت ماسيه علي نجاد الناشطة النسوية الإيرانية التي تعيش منفية في الولايات المتحدة ومؤسِّسة حملة ضد الحجاب الإلزامي منشوراتٍ لنساء إيرانيات سعيدات يستوحين الإلهام من نظرائهن السعوديات، ويكشفن بعض شعرهن بصورة غير قانونية، ويمشين في شوارع طهران ويُسجِّلن رسائل بالصوت والصورة.
وبين الصور التي نشرتهن على حسابها على "تويتر" صورة لايرانية نزعت حجابها ورفعته على عصا كعلم وسط طهران، فتحولت من دون قصد أيقونة للاحتجاحات الايرانية الاخيرة التي خرجت ضد حكم الملالي مع أنها لا علاقة لها بها. واختارت الايرانيات لتمردهن جادة انقلاب وسط طهران.
وفي اليوم نفسه لتجرؤ تلك الجندية المجهولة على خلع حجابها الابيض في الشارع، قبل أن تعتقل، أعلنت الشرطة الايرانية تخفيفاً للقيود، موضحة أن "حجاباً موضوعاً بطريقة خاطئة" لن يؤدي الى السجن.
وتقول الكاتبة والصحافية الايرانية دلفين مينوي أن تلك الايرانية المجهولة لا تزال خلف القبضان حتى الساعة. ولكن المرأة التي سميت "روزا باركز الفارسية" ستبقى رمزاً لتمرد نسائي ايراني. ودأب الايرانيون والايرانيات المتحمسون لها على وضع ورود وقصائد على المنصة الصغيرة حيث تجرأت في 27 كانون الاول الماضي على الكشف عن...شعرها.