الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

التهديد الأميركيّ لكوريا... الصيت لترامب والفعل لـ "الراهب المحارب"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
التهديد الأميركيّ لكوريا... الصيت لترامب والفعل لـ "الراهب المحارب"
التهديد الأميركيّ لكوريا... الصيت لترامب والفعل لـ "الراهب المحارب"
A+ A-

حاز ماتيس على عدد من الألقاب خلال مسيرته العسكريّة الطويلة التي قضى قسماً كبيراً منها في الحروب الأميركيّة الشرق أوسطيّة. فهو ترأس كتيبة قوّات مشاة البحريّة (المارينز) في حرب الخليج الأولى (1990-1991) وفرقة أخرى للمارينز خلال اجتياح العراق سنة 2003، قبل أن يصبح قائداً للقيادة الأميركيّة العسكريّة الوسطى سنة 2010. أعطي ماتيس لقب "الكلب المسعور" بعد قيادته معركة الفلّوجة في العراق ضدّ المتمرّدين. أمّا لقب "الراهب المحارب" فيعود إلى كونه غير متأهّل مفضّلاً أن يكون "متزوّجاً من المارينز" بحسب تعبير صحيفة "سان دييغو يونيون تريبيون". وقد لُقّب ب "الفوضى" أيضاً لأنّه يسعى إلى تخطّي الشلل الموجود في واشنطن وثقافة "نعم سيّدي" المترسّخة في الجيش.  


"ممتع أن تطلق النار عليهم"

عُرف ماتيس بتصريحاته القاسية قبل أن يستلم منصبه في الإدارة الأميركيّة الجديدة. "إنّ الجنديّ الجيّد يتّبع الأوامر، لكنّ المحارب الحقيقيّ يرتدي جلد أعدائه مثل البونشو (رداء فضفاض يُلبس فوق الثياب)". وفي سنة 2005، قال خلال نقاش عام: "تذهب إلى أفغانستان، فتجد رجالاً يضربون زوجاتهنّ لخمس سنوات لأنّهنّ لم يرتدين الحجاب. رجال كهؤلاء لم تبق لديهم أي رجولة. لذلك، إنّه لممتع كثيراً أن تطلق النار عليهم. في الواقع إنّه ممتع أيضاً أن تحاربهم ... إنّه ممتع أن تطلق النار على بعض الناس. سأكون مباشرة هناك معكم. أحبّ الاشتباك". لاقى هذا الكلام حينها ردّاً من إدوارد مارتن نائب أدميرال متقاعد إذ قال: "لا أعتقد أنّ أيّ أحد منّا نحن الذين خضنا الحرب أَحبّ أن يقتل أيّ شخص". لكنّ قائد المارينز حينها الجنرال مايكل هاغي دافع عن ماتيس وأبلغ شبكة "سي أن أن" اعتراف الأخير بأنّه توجب عليه "اختيار كلماته بانتباه أكبر".


"غيوم عاصفة تتجمّع"

بالنظر إلى مسيرة ماتيس في وزارة الدفاع، تمكّن الأخير فعلاً من اختيار كلماته بهدوء على عكس ترامب الذي لا يزال يطلق تصريحات يراها كثر أنّها غير مألوفة بالنسبة إلى موقع الرئاسة الأولى في الولايات المتّحدة على الأقلّ من ناحية العبارات المستخدمة. ومع ذلك، قد يشكّل الملفّ الكوريّ الشماليّ اختباراً حاسماً لطريقة تعاطي الإدارة الأميركيّة مع الأزمة على صعيد استعدادها الجدّي للركون إلى الخيار العسكريّ وكيفيّة تخطيطها لذلك. فهدوء التصريحات لدى ماتيس بشكل عام لا تعني أنّه اعتمد سياسة ليّنة أو خطاباً معتدلاً تجاه كوريا الشماليّة. ففي أيلول الماضي، كتبت مجلّة "فورين بوليسي" أنّ تهديد وزير الدفاع لبيونغ يانغ "تخطّى" بيانات الرئيس الأميركيّ في هذا الموضوع لجهة قسوتها. فماتيس كان قد أعلن أنّ بلاده ستعتمد "ردّاً عسكريّاً شاملاً" ضدّ كوريا الشماليّة. وفي أواخر كانون الأوّل الماضي، قال أمام مجموعة من القوّات الجوّيّة إنّ "غيوماً عاصفة تتجمّع" فوق شبه الجزيرة الكوريّة. لكنّه مع ذلك، شدّد على أهمّيّة الجهود الديبلوماسيّة لحلّ هذه الأزمة أكان في الخطاب نفسه أم في مناسبات أخرى كما حدث في أواخر تشرين الثاني.


"إن عبثتم معي فسأقتلكم جميعكم".

لقد شكّلت تصريحات ماتيس التي تحمل في عبارة واحدة الوجهين الحربيّ والسلميّ لأفكاره، علامة فارقة: "لا صديق أفضل، لا عدوّ أسوأ من المارينز". جيف إدواردز من موقع "وور هيستوري أونلاين" يشير إلى أنّ ماتيس قال أمام عدد من شيوخ القبائل في العراق: "أنا آتي مسالماً. لم أجلب المدافع. لكنّني أناشدكم، والدموع في عينيّ: إن عبثتم معي فسأقتلكم جميعكم". لكنّ الموقع نفسه يشرح أنّ ماتيس ليس عبارة عن جنرال ذي تصاريح قاسية وحسب، بل كان "أحد عمالقة الفكر في القيادة العسكريّة الحديثة". لكن هل سيكون بإمكان ماتيس نقل هذا النجاح إلى الملفّ الكوريّ؟


ترامب شرطيّ سيّئ.. ماتيس شرطيّ قاتل

يرى أستاذ الأنثروبولوجيا دين كدنبرغ في موقع "أميركان ثينكر" أنّ هنالك العديد من التصاريح المطوّلة و "الأسطورية" لماتيس، لكنّ ما يلخّص نظرة الوزير إلى "الديبلوماسيّة المحاربة" هو قوله: "كن مهذّباً، كن مهنيّاً، لكن فلتكن لديك خطّة لقتل كلّ من تلتقي به". ويضيف أنّ الإعلام حصر دوري الرئيس الأميركيّ ووزير خارجيّته بكونهما دورين ل "الشرطيّ الجيّد/الشرطيّ السيّئ"، تجاه الملفّ الكوريّ. لكنّ مع استبدال #تيليرسون بماتيس تصبح العلاقة "شرطيّ سيّئ/شرطيّ قاتل".


عقل بارد

برهن ماتيس أنّه أكثر قدرة على ضبط النفس من ترامب في ما يتّصل بالأزمة الكوريّة. فإذا كان الرئيس الأميركيّ يبدي إعجابه ب #كيم جونغ أون حيناً ويتوعّده ب "النار والغضب" حيناً آخر، فإنّ ماتيس استطاع الحفاظ على عقل بارد في التعاطي مع الأمور. وتجلّى ذلك مؤخّراً عقب إعلان الكوريّتين إجراء محادثات حول مشاركة بيونغ يانغ في الألعاب الأولمبية الشتوية المزمع عقدها في كوريا الجنوبيّة الشهر المقبل. فقد سارع ترامب إلى الترحيب بمؤشرات التهدئة معرباً عن استعداده لإجراء محادثات مع كيم، بينما قال ماتيس لمجموعة من المراسلين: "الآن، يرتبط (الأمر) فقط بالألعاب".


"لا يخاصم بل يُبيد"

في نهاية المطاف، قد يكون محور الرؤية السياسيّة الأميركيّة للملفّ الكوريّ جايمس ماتيس لا دونالد ترامب، أقلّه من الناحية العمليّة. بناء على هذا المعطى، يضيف كدنبرغ وجوب أن يزن كيم الحلّ العسكريّ الذي يمكن أن تلجأ إليه واشنطن على أنّه مجسّد عبر ماتيس. ورأى أنّ الزعيم الكوري أقرب إلى أن يخاطر في رفع السجال مع الرئيس الأميركي، لكنّ ماتيس ينتظر "في الصفّ الأوّل داخل الحلبة" وهو "لا يخاصم بل يبيد".

ونصح الكوريّين كاتباً: "احذروا الكلب المسعور".










الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم