الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

نكاح المتعة... مُنع في لبنان!\r\n

المصدر: "النهار"
A+ A-

أمس، تبلغت ادارة مهرجان بيروت الدولي (2 ــ 10 تشرين الأول)، من "اللجنة المولجة الرقابة على الأفلام" قرار منع فيلمين من ضمن الأعمال المبرمجة في هذا المهرجان، أحدهما الشريط اللبناني القصير (15 د.) الذي أخرجته الشابة فرح الشاعر (26 سنة) وعنوانه "وهبتُكَ المتعة". فيلم تخرّج سبق أن عُرِض في عدد من التظاهرات الدولية (المغرب، كوريا الجنوبية...)، وأهمها مهرجان كليرمون فيران في فرنسا الذي يُعتبر المحجّ الأكبر لمتابعي الأفلام القصيرة في العالم.


انطلقت الشاعر، المتخرجة من الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، من قضية اجتماعية دينية خلافية هي "نكاح المتعة" (التقليد المتبع عند بعض المسلمين الشيعة)، بانيةً عليها حكاية خيالية، لا تخلو من روحية التصادم. ولكن، يبدو انها لم تعجب المؤتمنين على أخلاقيات الشعب اللبناني "القاصر". قبل صعود الجنريك بثوانٍ، نسمع صوتاً نسائياً يصدح في عتمة غرفة، واضعاً إيانا في الجوّ: "أول شي لازم تعرفو انّو بالتخت، نحن اثنين، يعني كل شي بعملّك ياه، لازم ترجع من بعدها انت تعملّي اياه".


"وهبتك المتعة" محوره إيمان، أرملة محجبة في منتصف الأربعينات من عمرها (رينيه غوش)، تشتغل في معمل للخياطة، وهي تعقد زيجات موقتة، لكن منتظمة، مع الرجال، مقابل مبلغ من المال، فتفيدهم جنسياً ويفيدونها مالياً. يبدأ الفيلم بمشهد مضاجعة (لا نرى تفاصيلها). يد ايمان على طرف السرير، ثم تأوهاتها وهي رابضة تحت جسد الرجل "الزوج". هذا الأخير سرعان ما سيعلن لها نهاية العقد. ولا يحتاج الى أكثر من كلمة واحدة: "وهبتكِ المدة". هنا، تغطّي الأرملة رأسها بالحجاب، اذ يصبح "الزوج" فجأةً غريباً بالنسبة إليها.
هكذا تنتقل من رجل الى آخر، في سعي دائم الى إخفاء ما تفعله في السرّ، ولكن هناك دائماً زميلات لها يثرثرن من خلف ظهرها ويفضحن بعض "الحقائق" التي تعبّر على الأرجح عن رأي المخرجة في مسألة "زواج المتعة"، وهو رأي ينتصر لحقوق المرأة في مجتمع يشرعن الخضوع! "هذه تفعل أفعالها من تحت لتحت"، تقول عن إيمان صديقتها السابقة التي انقبلت عليها. "ولكن، كله بالحلال"، تردّ عليها رفيقة أخرى، في إيحاء كلامي يحمل في طياته نقداً لاذعاً للنفاق الاجتماعي المتستر بالأعراف المقدسة.


لا تفارق كلمة "الله" لسان الأرملة إيمان، فهي تستعملها كمحطّ للكلام، وفي كل مناسبة صغيرة وكبيرة. "الله يسلّمك"، "الله يعطيكي العافية"، "الله يحفظك". هذه أيضاً قد تكون إشارة مبطنة من المخرجة الى العلاقة التي تبقى، في جزئها الأكبر، لفظية، بين الأرملة والخالق الذي تؤمن به. في إحدى اللقطات، فيما نراها تزيل الشعر عن جسد جارتها التي تستعد للزواج، تروي أن زوجها الراحل لم يكن يفكر الا في متعته الشخصية خلال العلاقة الجنسية. تسألها الجارة: "... ولكن لِمَ لم تتزوجي؟"، فتردّ: "لا يقبل الرجال في مجتمعنا الزواج من أرملة، فالأرملة بالنسبة اليهم بضاعة مستعملة".


لا يلج الفيلم كثيراً في خصوصيات البيئة الاجتماعية الشيعية التي من المفترض انها تحتضن الأحداث (هنا عيبه). التصوير داخليٌّ في شقّه الأكبر، الديكور محصور بجدران البيوت، ما عدا بعض المشاهد الخارجية، حيث نرى سوقاً شعبية، طرف زقاق، الخ. في أحد المشاهد، نكتشف طقوس الزواج في حضور الشيخ. في سياق التطورات الدرامية القليلة، يطل شاب يطمح الى اكتشاف الرغبة الجنسية، فيلجأ الى إيمان بعد أن يسمع بنشاطها الخفيّ. في البداية، تتصدى إيمان لمحاولاته المتكررة، متبرئة من هذا كله، ولكن بعد إلحاح الشاب وإصراره، تعترف بأنها تمارس "نكاح المتعة" من أجل أن يدخل زوجها الجنة: "انت ما بتعرف شي"، تصرخ في وجهه، "أنا بعمل عقد متعة عشان أبسط رجال وأكسب حسنات واهدي ثواب لزوجي الميت كرمال يسامحه الله".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم