ما بين قانون الرفق بالحيوان وثقافة اللبناني... ارتكبت المجزرة
شهد قانون حماية #الحيوانات والرفق بها، الذي وقّعه رئيس الجمهورية ميشال عون أخيرًا، خرقاً صريحاً وفاضحاً تجسد بمجزرة راح ضحيتها عشرات الكلاب ولعبت بلدية #الغبيري دور البطولة فيها. يتفق أخصائيون في علمي النفس والاجتماع على ان اللبناني لا يملك ثقافة الرفق بالحيوان، لأسباب منها ما يرتبط بواقع بلده المأزوم الذي يرتب عليه ضغوطات كثيرة، ومنها ما يرتبط بالشخص نفسه.
مجزرة احتضنتها الغبيري اول من أمس على مرأى من المارة الذين وثّقوا الوجع من دون أن يفهموا حقيقة ما حصل. عشرات الكلاب النافقة على جانب احدى الطرق الرئيسة بعد تناولها طعامًا دُسَّ فيه السُمّ من قبل بعض عناصر البلدية للتخلص منها بذريعة أنها مسعورة.
"الحيوان ليس أولوية"
تشرح الدكتورة في علم النفس العيادي ناهد المصري، أسباب غياب ثقافة الرفق بالحيوان، قائلة لـ"النهار": "لبنان بلد نامٍ، ومواطنوه يعانون نقصاً في حاجاتهم الأساسية، ويعيشون أزمات اقتصادية، اجتماعية، سياسية... الخ على مدى العام، ما يشكل لديهم حالة من الضغط النفسي المستمر، وبالتالي فشغل اللبناني الشاغل كيف يحصل هو على حقوقه أولاً قبل التفكير بحقوق الحيوان وكيفية معاملته، لذلك فالحيوان ليس أولوية لديه".
يحتاج الإنسان الى راحة بال ليتمكن من التفكير بالحيوان والاعتناء به تقول المصري، مضيفة ان "فيديو العمل الشائن الذي حصل في الغبيري لامس مشاعرنا الإنسانية كونه ارتبط برؤيتنا للحظة احتضار كائن حي". وأكدت المصري أن ثقافة المجتمع اللبناني تجاه الحيوانات تختلف عن الثقافات الأخرى.
وربطاً، فان مقارنة الواقع النفسي الاجتماعي في مقاربة التعاطي مع الحيوانات بين مجتمعنا وبين المجتمعات الغربية، يظهر التفاوت بين مجتمع تعتبر ثقافة حقوق الانسان فيه هشة وبين مجتمع وصل الانسان فيه الى مرتبة تحصيل حقوقه. وفي هذه المقارنة لا يمكن تهميش اثر القانون النفسي. فحين يطبق قانون حماية الحيوان والرفق به، بصرامة، سيفكر من يعاملونه بشكل سيىء ألف مرة قبل القيام بالأمر. انها سلطة القانون التي تساهم الى جانب عامل التربية، في تكريس ثقافة احترام الحيوان.
ولا يكفي ان يقرّ لبنان قانوناً من دون تطبيقه، ولا تكفي ادانة المجازر التي تتعرض لها الطيور سنوياً والخرق المستمر لقانون الصيد البري، ولا يكفي ان يدلي زعماء سياسيون بارائهم السياسية والتوعوية الداعية الى احترام الحيوان، مع أهمية الأمر.
وفي السياق، لفت نشر النائب وليد جنبلاط صورته مع كلبه أوسكار على "تويتر" مغرداً: "اذا كان من كائن ليذكرنا بانسانيتنا ويعلمنا الاخلاص والمحية والوفاء والحنان فهو الكلب. ان تسميم الكلاب في الغبيري وقبلها في الشويفات مرورا بغيرها من المناطق هو اجرام ودليل تخلف وجهل مطلق في التربية العامىة. كم من درس علينا ان نتعلم للحفاظ على الطبيعة والبيئة للوصول الى المواطنة".
إقرار القانون...
قانون حماية الحيوانات والرفق بها، بدا خطوة هامة وانتصاراً للجمعيات الناشطة في هذا المجال التي تشن حملة في هذا الإطار منذ سنوات.
وكان البرلمان اللبناني أقر القانون في 16 آب الماضي، ووقعه الرئيس عون في القصر الرئاسي بحضور ممثلين عن المنظمة غير الحكومية "انيمالز ليبانون". وينص القانون على شروط امتلاك الحيوانات المنزلية، فضلاً عن قواعد تخص حدائق الحيوانات والمنشآت المعنية بها. ويحظّر امتلاك الحيوانات البرية والمهددة.
مسافة كبيرة بين الحيوان وصاحبه
"مسافة كبيرة تفصل الحيوان عن صاحبه في بلادنا. فهو ليس الصديق المقرب كما في الغرب"، يقول الدكتور في علم الاجتماع هشام حسيني، الذي يشير في حديث لـ"النهار" الى "اننا كعرب وكلبنانيين لا تدخل ثقافة الرفق بالحيوان في صلب ثقافتنا المجتمعية بالمستوى عينه كما هو الأمر في الغرب".
ويلفت حسيني إلى أن "البعض ينظر الى الحيوان على أنه شيء لا يمتلك مشاعر ولا يتألم شأنه شأن الإنسان، ولذلك نرى مبالغة في التعامل القاسي مع الحيوانات". واصفاً حادثة الغبيري بـ"العمل المشين".
مثل هذه الممارسات لا تقتصر على بلدية الغبيري فحسب، ولا نزال نواجه تعديات في مختلف المناطق، إلا أن ما حصل في الغبيري كان وقعه صادماً، على اثره تحركت جمعيات الرفق بالحيوان وبعض الوزراء والنواب للتنديد بالحادثة، لعل ذلك يكون مدخلاً لتطبيق القانون المقر والالتزام به من قبل الأفراد والجهات الرسمية على السواء.
اقرأ ايضا: مجزرة الكلاب في الغبيري تتفاعل... السم المستخدم محظور والبلدية ترفع عنها المسؤولية