الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ريمون ناضر و"علامة مار شربل للبنان"... "على المسيحيّين أن يعودوا إلى مسيحيّتهم"

المصدر: النهار
هالة حمصي
هالة حمصي
ريمون ناضر و"علامة مار شربل للبنان"... "على المسيحيّين أن يعودوا إلى مسيحيّتهم"
ريمون ناضر و"علامة مار شربل للبنان"... "على المسيحيّين أن يعودوا إلى مسيحيّتهم"
A+ A-

يلحّ ريمون ناضر. يلحّ كثيرا على المسيحيين في لبنان "كي يعودوا الى مسيحيتهم"، الى "جذورهم". يخشى انهم "شطحوا كثيرا"، "انهم لم يتعلموا من الحرب اللبنانية". وفي يقينه، "اذا لم نُرجِع المسيح الى حياتنا، لن يكون لنا بقاء هنا، في هذه الارض". "المعادلة" واضحة بالنسبة الى رئيس حركة "لبنان الرسالة"، هذا الرجل الذي قبض القديس شربل على ذراعه قبل اعوام، ليطبع اصابعه عليها.


حرارة في القلب. وكانت اقوى من اي كلام او شعور. "من دون يسوع، لا يكون شيء"، يؤكد. الجذور، الهوية المسيحية، لبنان "القلعة"، نزف المسيحيين، الشهادة والاستشهاد، "نعم، ومش انو منضب ومنمشي"، "عودة الموارنة الى ان يكونون شعب صلاة"... يتنقل ناضر بين فكرة وأخرى، يقوده هاجس واحد، شخص واحد. يسوع. ومار شربل "هذه الاصبع التي تدل على الله"، "علامة من اجل لبنان". نسأله عن حضوره القوي في لبنان والعالم، عما يمكن ان يعنيه، عما يمكن ان يقوله الله للمسيحيين اليوم. ويجيب ككتاب مفتوح.   


يسوع... "في كل شيء" 

*تبدأ سنة 2018 بعد ساعات قليلة. ما رسالتك الى المسيحيين خصوصا؟

-من المهم جدا ان نرجع الى مسيحيتنا، ونكون مسيحيين. في اماكن كثيرة، فقد المسيحيون هويتهم المسيحية، ولم يبق منها سوى التسمية، ولم نعد نعيش جوهرها الحقيقي. من الضروري ان نعود الى جذورنا. الفضل لها في بقائنا في هذه الارض. نحن موجودون هنا، ليس لان لدينا قوة عسكرية او اقتصادية او سياسية او ديموغرافية. لا مقومات وجود لدينا سوى ايماننا. وهو نابع من جذورنا المسيحية. اذا فقدنا ايماننا وجذورنا، لا يعود اي مبرر لوجودنا هنا. لذلك اهم شيء ان نرجع لنكون مسيحيين.

*ماذا يعني ان يرجع المسيحيون الى ان يكونوا مسيحيين؟

-يعني ان يكون يسوع المسيح السيّد والرب والاله والمعلم والقائد، كل شيء، في كل شيء، في كل تفاصيل حياتنا اليومية، وحتى في الاكل والشرب واللباس... في كل شيء. يقول بولس الرسول: "اذا اكلتم او شربتم او مهما فعلتم، فافعلوا كل شيء لمجد الله" (قور 1: 31). لا يمكن ان نضع يسوع على الرف في أمكنة، ثم ننزله في امكنة اخرى. عندما نقيم احتفالات وقداديس ومهرجانات، يكون يسوع رائعا. لكن الامر يختلف في السياسة او الاقتصاد. هذه الازدواجية المخادعة، هذه الاقنعة لا تجوز.

يعتقد بعضهم ان المسيحية حضارة، وان الناس يعيشون حضارة مسيحية قائمة على حرية الانسان. لا، المسيحية ليست كذلك. المسيحية هي يسوع. واذا لم يكن هناك يسوع، لا مسيحية. ماذا تنفعنا الحضارة الوثنية في هذه المنطقة من العالم؟ اذاً، اهم شيء بالنسبة الى المسيحيين هو ان يعودوا وينظروا الى السماء. ليضعوا ارجلهم على الارض، ولكن ليبقوا عيونهم متجهة نحو السماء. نحتفل بالميلاد، بسر التجسد. ولبّ هذا السر هو في كيفية جعل القيم الالهية تتجسد على الارض في التعاطي الانساني. اذا لم يكن ذلك موجودا، لا مبرر اذاً ليكون المسيحيون موجودين هنا. يموتون ويُضطهدون. واذا لم يكن ذلك لسبب جوهري، فالافضل ان يهاجروا ويعيشوا في الاغتراب "ع رواق". لماذا يدفعون الثمن الكبير اذا لم تكن لديهم رسالة؟

 "النزف المخيف"  

*الرسالة هي الهاجس الذي جعلك تطلق حركة "لبنان الرسالة"، وتذكّر برسالة المسيحيين في لبنان؟

-نعم، رسالة المحبة والحرية والمعرفة.

*ماذا عن المسيحيين في الشرق؟

-الشرق يعيش نزفا مخيفا (في المسيحيين)، لان فيه عقليات ونظرة مختلفة الى الواقع. المسيحيون في الدول المجاورة، في سوريا والعراق والاردن وفلسطين ومصر... لا يتشاركون مع المسيحيين في لبنان في النظرة نفسها الى الواقع المسيحي. للاسف، يعيشون في تلك البلدان بالخضوع للسلطة، تأمينا لحمايتهم، كأنهم لا يزالون في التاريخ القديم للمسيحيين، حيث كان يتوجب عليهم الخضوع للسلطة الحاكمة. ربما كان هذا الامر نمطا في التعاطي، وليس ضروريا ان يخوض الناس الحروب. ولكن يجب ان يتحلوا بالحكمة ليحسنوا التصرف، ويرجعوا في الوقت نفسه ويكون لهم كيانهم المسيحي، اي ان يرجعوا الى نَفَس الشهادة المسيحية التي بدأها المسيحيون منذ القرن الاول. نحن شهود وشهداء للمسيح. فلا نخف. واذا ارادوا قتلنا، فليقتلونا. يجب ان تكون شهادتنا للمسيح شهادة سلام وفرح ومحبة وحضارة وقيم. وفي ساعة الاستشهاد، نعم، نستشهد، و"مش انو منضب ومنمشي". للاسف، فرغ الشرق من المسيحيين بسبب هذه النظرة... يجب ان يكون لدينا اقتناع بوجوب ان نشهد ليسوع في كل الظروف.


"على الموارنة ان يعودوا شعب صلاة" 

*في رأيك، لماذا يفقد المسيحيون في لبنان روح التجذر والثبات في الارض؟

-الاسباب كثيرة، اولها اننا فقدنا يسوع من حياتنا. وهناك قيم كثيرة غابت. كذلك، لم تترك الممارسة السياسية لقادة سياسيين مجالا امام الشباب ليشعروا بان هذا البلد بلدهم. لذلك باتت وجهتهم بلاد الاغتراب. اختيار الهجرة ليست نفسا مسيحيا، لان لا شهادة فيه. الممارسة السياسية كانت سيئة الى درجة انها لم تدع احدا يبقى. وتضاف اليها اخطاء شنيعة ارتكبها المسيحيون بحق بعضهم البعض.


*هل تخشى على مستقبل المسيحيين في لبنان؟  

-اذا لم نرجع المسيح الى حياتنا، لن يكون لنا بقاء هنا. هذه هي المعادلة. اذا وجد يسوع، يعني ان هناك حضورا مسيحيا. ومن دون يسوع، لن يكون شيء. "شو بدنا نقعد نعمل؟"... يجب ان يعود الشعب الماروني شعب صلاة. والصلاة تعني الارتباط بالله، وتعكس محبة وتواضع، كي نحسّن العلاقات بين بعضنا البعض. عندما يكون الشعب شعب صلاة، تختفي "النكايات". يستلهم الرب، ويصبح محبا، متواضعا... الاساس ان يعود يسوع ليكون المحور في كل تفاصيل حياتنا. كل شيء ينبع منه. واذا حصل ذلك، تترتب مختلف الامور، السياسة والاقتصاد والحضور المسيحي هنا والتمسك بالارض والشهادة للمسيح...

 "الاصبع التي تدل على الله"  

*هل تجد ان صوتك مسموع بين الموارنة، ام هناك مقاومة للدعوة التي توجهها؟

-المقاومة كبيرة، لانه اصبح هناك نمط في حياتنا، كأن الله لم تعد له اي حاجة. ما ندعو اليه ليس من السهل ان يتقبله كثيرون، خصوصا من يتمتعون بالسلطة والمال. وضْع يسوع جانبا اصبح الخيار لدى كثيرين. يوم صلب يسوع، خيّروا الشعب بينه وبين برأبا (الذي كان القي في السجن لفتنة وجريمة قتل). فاختار برأبا. وقد يحصل الامر نفسه اليوم. اذا خُيِّروا بين مار شربل، على سبيل المثال، واي زعيم سياسي، يختارون الزعيم. هذا هو الواقع.


*مع ان مار شربل محبوب للغاية، ومكرَّم لدى الجميع.  

-يحبونه عن حاجة، عن "مصلحة"، لانهم يحتاجون اليه الآن، ويقصدونه ليشفيهم. مار شربل انعكاس لصورة يسوع. ان نتعاطى مع مار شربل يعني اننا نتعاطى مع يسوع. اذا لم يكن يسوع سيّد حياتي، اكون اعيش انفصاما. كيف اقصد مار شربل واطلب منه الشفاء وعلاقتي بيسوع "خربانة"؟ "هيدي ما بتزبط مع هاي". مار شربل شعاع من نور المسيح. لا يمكن ان تقصد الشعاع، وانت تعتّم على النور كله. "ما بيمشي الحال". حضور مار شربل دعوة الى الرجوع الى المسيح، والامر ليس ان مار شربل يجري نشاطا في العالم عبر شفاءات. تغييب يسوع في العلاقة به جهل، وتقع المسؤولية على الكنيسة والتعليم المسيحي وجماعات الصلاة للتربية على حب يسوع. مار شربل اصبع تدل على الله، كسائر القديسين. وعلى غرارهم، هو علامة على ان الحقيقة المسيحية تعاش، وقد عشناها. وندعوكم الى ان تعيشوها.

*هل حضور مار شربل علامة للبنان؟ وماذا تقول للبنانيين اليوم؟  

-بالطبع، انها علامة. لبنان هو آخر حضور مسيحي حر في الشرق. آخر قلعة. اذا سقطت، ينتهي المسيحيون في الشرق. الرسالة التي يقولها مار شربل، عبر حضوره في لبنان، هي نفسها: يسوع المسيح هو الرب والإله. عودوا اليه. ما يتحقق بشفاعته من شفاءات وحضوره القوي في لبنان والعالم هو من اجل ان يدل المسيحيين الى رسالتهم الحقيقية، اي انهم رسل ليسوع المسيح. اكرر القول: اذا لم يعرفوه، فلا مبرر لوجودهم هنا، في هذه الارض. المسيحيون شطحوا كثيرا عن مسيحيتهم. اين هم من المسيح؟

"صلاة واستلهام الله" في يوم الانتخاب

*كانت لك خبرة روحية خاصة، من خلال مار شربل تحديدا. كيف حوّلت حياتك؟ وكيف يمكن الآخرين ان يستفيدوا منها؟

-انها الصلاة. ما يحوّل الحياة هو اللقاء مع يسوع. واللقاء معه يعني ان اتأمل في كلمته كل يوم، ان اصغي الى ما يريد ان يقوله لي من خلالها، واترك الروح القدس يعمل فيّ ويحوّلني من الداخل. اذا اصبحت هذه الصلاة عادة يومية في حياتنا، اي اذا ثابرنا على التأمل في الانجيل، نصبح نشبه يسوع، شيئا فشيئا، مع الوقت. نزداد محبة ووعيا وحرية، لان الانسان المسيحي الحقيقي الذي التقى يسوع يكون حرا، لا يركع لاحد، ولا يدع احدا يستعبده. كذلك يتحلى بالوعي، لانه يسير بنور يسوع، ويعرف معنى حياته ومن يوجهها. الخطوة الاولى: يفتح كل منا انجيله، ويبدأ الصلاة. المسيحي من دون انجيل ليس معروفا من يعبد. كيف سيعرف المسيح اذا لم يقرأ كلمته؟

*المسيحيون شطحوا عن مسيحيتهم، على ما قلت. هل الله غاضب منهم؟  

-الله هو المحبة المطلقة، الفرح المطلق. غير انه طالما بقي المسيحيون على هذه الحال ولم يقبلوا عمل الخلاص، كأن جراح يسوع تستمر في النزف، في وقت يدعونا الى فرح القيامة، الى ان نخرج من قبورنا. لا احد يحررنا سوى يسوع. ولا رسالة حقيقية لنا اذا لم يكن موجودا وسط حياتنا.

سنة 2018 سنة انتخابات نيابية. وندعو كل مسيحي الى ان يصلي ويحكّم ضميره وينتخب. من المهم ان ينتخب، والا يقاطع او ينكفىء او يكون لامباليا. غير ان الانتخاب يجب الا يتأثر بالعاطفة تجاه هذا الزعيم السياسي او ذاك. على المسيحي ان يصلّي جديا، ان يستلهم ربه، ويتوجه الى الانتخاب.


*ماذا يقول الله للمسيحيين اليوم؟  

-يقول لنا كل كلمة في الانجيل. "الارض والسماء تزولان وكلامي لا يزول". هذا ما يقوله. يقول لكل منا: اسمعني، افتح الكتاب المقدس، اقرأه، واصغ الى صوتي. لا يمكن الاستمرار من دون يسوع. يسوع المسيح هو البداية والنهاية.

[email protected]




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم