الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كيف ينتقم ترامب من 128 دولة بينها عربية أدانت قراره حول القدس؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
كيف ينتقم ترامب من 128 دولة بينها عربية أدانت قراره حول القدس؟
كيف ينتقم ترامب من 128 دولة بينها عربية أدانت قراره حول القدس؟
A+ A-

علمت "النهار" من مصادر ديبلوماسية لبنانية واكبت قرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس عن كثب من الولايات المتحدة، أن "الكونغرس الأميركي يقف خلف القرار لأسباب سياسية، وقد ترك للرئيس حرية تطبيقه من عدمه". وتقول المصادر نفسها: "أفهمنا الأميركيون انه مجرد قرار شكلي أسبابه سياسية داخلية، لا خارجية". وتنقل أن "الرئيس الأميركي اتخذ القرار رغم معارضة مستشاريه ووزير خارجيته وأخرجه في قالب خطاب متناقض قال فيه انه لم يحدد حدود القدس عاصمة لإسرائيل". 

وفي القراءة السياسية، ترى المصادر أن المراد من تهديد الولايات المتحدة، "تخويف الدول قبيل التصويت على القرار لكبح عدد المؤيدين منها. ولكنها امتنعت عن الرد بعيد النتيجة التي وصفت بصفعة تلقاها ترامب، ما يعني أن التهديد فشل".

ولكن مصداقية الرئيس الأميركي قد تدفعه إلى تبني بعض الخطوات الشكلية في هذا الصدد، والتي لا تعدو كونها خطوات عادية من هذا المنطلق. تقرأ المصادر الديبلوماسية نفسها الخطوات الأميركية التي ستلي عبارة "لن ننسى" كالآتي:

"ـ الترويج الإعلامي لقرارات أميركية مفادها تقليل حجم المساعدات المقدمة إلى بعض الدول المحتاجة اليها والتي أيدت إدانة قرار ترامب.

ـ لا تستطيع الولايات المتحدة تسطير عقوبات واسعة النطاق، لاعتبارات لها علاقة بالأمن القومي والعلاقات الاستراتيجية. ففي حال هددت الولايات المتحدة تركيا على سبيل المثال بقطع المساعدات المقدمة إلى القاعدة الجوية، فإن قراراً كهذا من شأنه ترجيح انسحاب الأخيرة من الناتو.

ـ يتوجب على الكونغرس الأميركي الموافقة على تخفيض المساعدات قبل ترجمتها. ما يعني أن التهديد قد ينسى فعلياً ويتبخر.

ـ كلّف الرئيس الأميركي صهره جاريد كوشنر متابعة عملية المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية. لكن الأخير عاد خالي الوفاض. ولا ننسى أنه اليوم تحت مجهر المحقق روبيرت مولير.

 ـ يتمثل الهم الأميركي الأول بمتابعة الملف الإيراني وليس الفلسطيني. ما يرجح أن تنحسر الهجمة الأميركية بشأن القدس وأن تعود إلى مربعها الأول.

ـ صرّح الأميركيون أن عملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس تستغرق من 4 إلى 5 سنوات لأسباب منها تقني ومنها أمني، فيما ولاية ترامب لم يبق منها سوى 3 سنوات. وتالياً قد لا يلتزم رئيس الجمهورية المقبل بالقرار أصلاً في حال لم ينجح الرئيس الحالي في دورة انتخابية جديدة".


دور الوسيط

لعل ترامب يحاول القول إن "مسار حل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي راكد منذ سنوات، ولا يتقدم. من هنا، يحاول الدفع بالقضية نحو الأمام، على اعتبار أن السياسات التي اعتمدت في الماضي لم تخدم هذا المسار". هذه النظرية عبّر عنها لـ"النهار" الأستاذ والباحث في العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتور باسكال مونان.

لكنه يقول إن "ترامب لا يستطيع أن يغدو وسيطاً معنوياً وأخلاقياً وعملياً في قضية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. فيما يشكل قراره تأكيداً على انحياز أميركا لمصلحة إسرائيل منذ سنوات. ولكن المشكلة تكمن اليوم في أن من انحاز إلى هذا الحد لمصلحة أحد المعسكرين هو الولايات المتحدة نفسها".

واذا كان دور الوساطة الذي تلعبه الولايات المتحدة قد سقط من ناحية المبدأ، إلا أنها واقعياً "القوة الأعظم على الأرض، ولديها القدرة على التأثير في المسارات الدولية. وتالياً أي من الدول ليست قادرة على الاضطلاع بدور الولايات المتحدة"، على قول مونان. ورغم أن فرنسا تحاول الاضطلاع بدور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جاهداً التحول إلى وسيط بعد استقباله بنجامين نتنياهو ومحمود عباس في اليوم نفسه، إلا أن مونان، ورغم تسليمه بسقوط دور الولايات المتحدة الوسيط من ناحية القيم، يلفت إلى أن "أحداً لا يستطيع الحلول مكانها من وجهة نظر سياسية، وقد قال ماكرون صراحةً إن الولايات المتحدة لا تزال تستطيع الاضطلاع بهذا الدور".

واذا بقي قرار نقل السفارة الأميركية بحكم المؤجل في عهد الرؤساء السابقين المتعاقبين، فان "ليس لدى ترامب سبيل آخر ليترشح مجدداً إلى الانتخابات، ولينقذ نفسه في انتخابات منتصف الولاية البرلمانية بعد سنتين من اليوم سوى تنفيذ ما وعد به".

شخصية ترامب

"لا أحد يعرف ماذا يفعل ترامب في ظل غموض تصرفاته وغياب سياسة يحتكم إليها. وهو ينطلق من قرارات شبيهة بتلك التي يتخذها في عالم الأعمال. وقد يتساءل لماذا يساعد البلدان التي صوتت ضده في الأمم المتحدة. وهو تالياً ينطلق من المنحى الظاهري للأمور ولا ينظر إلى الخلفيات"، يقول مونان.

ولكنه يعقّب أنه "منطقياً لا تستطيع الولايات المتحدة أن تعاقب أو تعادي كلّ الذين أدانوا قرار نقل السفارة. والمسألة تحتاج إلى واقعية. ذلك أن معاقبة الحلفاء تعني معاقبة الذات. خصوصاً أن أي بلد عربي لا يمكن أن يصوّت ظاهرياً مع قرار الولايات المتحدة. أما تحت الطاولة، فيحكى عن دور تقوم به الولايات المتحدة بين بعض الجهات العربية وإسرائيل".

وفي استنتاج عام لمرحلة ما بعد "لن ننسى"، يقول مونان: انها صفعة في المطلق للولايات المتحدة. ونحن اليوم في ظل وضع يحكمه التناقض. إذ سقط دور الولايات المتحدة الوسيط، ولكنها لا تزال حتى الساعة هي الوحيدة القادرة على الضغط على إسرائيل، وعلاقاتها جيدة جداً مع قسم كبير من البلدان العربية، بما فيها الخليج ومصر". وهكذا، وفي ظل "سياسة لا سياسة" ترامب، تبقى الأسئلة أكثر من الأجوبة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم