الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

استراتيجية واشنطن في سوريا بعد "داعش": مواجهة إيران

استراتيجية واشنطن في سوريا بعد "داعش": مواجهة إيران
استراتيجية واشنطن في سوريا بعد "داعش": مواجهة إيران
A+ A-

وقت تخبو الحملة العسكرية الأميركية على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الشرق الأوسط، تُحوِّل إدارة الرئيس دونالد ترامب تركيزها إلى ما تعتبره تهديداً أكبر: إيران التي يبدو حرسها الثوري المستفيد الأبرز من التطورات في سوريا. 

وجاء في تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أورده موقع "هفينغتون بوست"، أن المسؤولين الأميركيين يكافحون ليعرفوا إلى أين وكيف يصدون ما وصفوه بالتوسع العسكري الإيراني الملحوظ في أنحاء المنطقة، الأمر الذي يُعد مصدرَ قلقٍ متزايد في واشنطن وتل أبيب والرياض.

وقال مسؤولٌ كبير في الإدارة الأميركية إنَّ "قيادتنا وضعت هدفاً لها عدم السماح لإيران ووكلائها بالتمكُّن من إقامة وجود عسكري في سوريا يمكن استخدامه لتهديدنا أو تهديد حلفائنا في المنطقة". وأضاف: "هناك طرق مختلفة لتنفيذ ذلك، وما زلنا نحاول اكتشافها". ويدرس مستشار الامن القومي الاميركي هربرت رايموند ماكماستر، تقديم خطاب سياسي حول سوريا مطلع السنة المقبلة 2018، يرسم استراتيجية الإدارة الجديدة، استناداً الى أشخاص مطلعين على خططه.


المواجهة مع ايران؟

ومن المسائل الرئيسية التي يتعيّن على إدارة ترامب تحديدها، ما اذا كانت ستجعل مواجهة إيران هدفاً جديداً صريحاً للقوات الأميركية التي تجاوز عديدها ألفي رجل حالياً في سوريا.

وأفاد وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أن القوات ستبقى في البلاد في المستقبل المنظور لضمان عدم استعادة "داعش" موطئ قدم مرةً أخرى، أو تحوُّل فلولها إلى تهديدٍ جديدٍ خطير.

وقال مسؤولون أميركيون وآخرون على درايةٍ بالمناقشات المستمرة، إن هذه القوات ربما وضعت في مقدم الجهود الجديدة لمنع إيران من تعزيز وجودها العسكري في سوريا، أو إقامة طريق آمن في البلاد يسمح لطهران بنقل أسلحة متقدمة إلى حلفائها على الحدود الإسرائيلية.

وفي رأي مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن تربطها علاقاتٌ وثيقةٌ بإدارة ترامب، أنه "يجب أن يكون الوجود العسكري في سوريا مركز الثقل لإستراتيجية تحييد إيران. لن يكون هناك نفوذٌ سياسي دون وجود قوة عسكرية أميركية على الأرض السورية".

أما إيران فانتقدت الولايات المتحدة لوجودها في الشرق الأوسط، قائلة إنَّ واشنطن تدعم الإرهابيين الذين يقاتلون النظام السوري.

وبينما وضع ترامب خطةً واسعة، في تشرين الأول 2016، لمكافحة نفوذ إيران، فقد رَكَّزَ الجيش الأميركي على القضاء على معاقل "داعش" في سوريا والعراق. واعترف المسؤولون الأميركيون بأن هذه الخطة سمحت لإيران بزيادة نفوذها، وخصوصاً في سوريا. ويُقدِّر مسؤولو الإدارة أنَّ طهران وحلفاءها يُوفِّرون الآن 80 في المئة من المقاتلين لنظام الرئيس بشار الأسد. وفي بعض التقديرات، أن هناك حالياً 125 الف رجل من القوات التابعة لإيران في سوريا.


تحديات الخطة الجديدة

ومن شأن تحويل التركيز من "داعش" إلى إيران أن يواجه عدداً كبيراً من التحديات، بما في ذلك المخاوف رد فعل قاتل من إيران يستهدف القوات الأميركية في المنطقة.

هذا الاحتمال هو مصدر قلقٍ كبير للمسؤولين العسكريين الأميركيين، وخصوصاً أولئك الذين قاتلوا في العراق قبل عقد من الزمان، والذين يتذكَّرون التأثير القاتل الذي خلَّفته المتفجرات التي وفّرتها إيران على القوات الأميركية في البلاد.

ولتدارُك هذا القلق، وجّه رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" مايك بومبيو، تحذيراً سرياً الشهر الماضي إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني. وأوضح بومبيو أنَّ الرسالة تضمنت تحذيراً من الولايات المتحدة لسليماني من أنَّ الإدارة "ستُحمِّله هو وإيران مسؤولية أي هجمات تشنّها القوات الخاضعة لسيطرتها على المصالح الأميركية في العراق".

وأكدت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية وجود الرسالة، وقالت إنَّ أحد عملاء الاستخبارات الأميركية حاول إيصالها باليد إلى سليماني، بينما كان يزور المدينة السورية المُحاصَرة البوكمال، على مقربةٍ من الحدود العراقية. ورفض سليماني فتح الرسالة، كما قال بومبيو ووسائل الإعلام الإيرانية.

وقد أظهرت إدارة ترامب فعلاً استعدادها لمواجهة إيران مباشرةً في سوريا. وخلال الصيف، أسقط الجيش الأميركي طائرتَين حربيَّتَين إيرانيَّتين من دون طيَّار بالقرب من القوات الأميركية العاملة في جنوب سوريا. وهدأت التوتُّرات سريعاً بعد ذلك، وأظهر إسقاط الطائرتين مدى جدية المواجهات التي قد تحدث في سوريا.

وأشار ماكماستر في الأيام الأخيرة، الى أنَّ الولايات المتحدة تصوغ طرقاً لاحتواء هذا التهديد في سوريا. وقال في منتدى عام في وقتٍ سابق من هذا الشهر : "ما نواجهه هو احتمال وجود جيش بالوكالة على حدود إسرائيل".

ويشعر المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون بالقلق الشديد من المعلومات الاستخبارية الخاصة بإقامة إيران منشأة عسكرية في شمال غرب سوريا لصنع صواريخ بعيدة المدى. وقد نفَّذَت إسرائيل أكثر من 100 غارة جوية في سوريا، اكثرها استهدفت ما وصفته بأنَّه قوافل تنقل الأسلحة إلى مقاتلي "حزب الله".

وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد الغارة الجوية الأخيرة، التي شُنَّت على قاعدةٍ عسكرية إيرانية قرب دمشق، أوائل كانون الأول، أنَّ اسرائيل "لن تسمح لنظامٍ عزم على إبادة الدولة العبرية بترسيخ وجوده العسكري في سوريا".

وتسعى إدارة ترامب إلى إيجاد طرق لمنع تحوُّل الحرب السورية إلى صراعٍ إقليمي جديد بين إسرائيل وإيران. وتحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها استخدام توسيع "مناطق خفض التصعيد" في سوريا لوقف توسُّع إيران على طول الحدود مع إسرائيل والأردن. لكن منتقدين يقولون إنَّ الاتفاقات قد عزَّزَت فعلاً مكاسب إيران وقوَّضَت هذه الأهداف.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم