الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الضبعة...حلم نووي مصري قديم على طريق التحقّق

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
الضبعة...حلم نووي مصري قديم على طريق التحقّق
الضبعة...حلم نووي مصري قديم على طريق التحقّق
A+ A-

وتسابق الحكومة المصرية الزمن بعدما طالبها الرئيس عبدالفتاح السيسي بالإسراع في تنفيذ المشروع، الذي شهد مراسم توقيع عقده، يوم الاثنين، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارة قصيرة للأخير إلى القاهرة. وحظي الحدث باهتمام إعلامي واحتفاء شعبي لافت. 

وقال اليكس لايكتشوف، المدير العام لـ"روساتوم": "إن التعاقد -على بناء وتشغيل المحطة- غير مسبوق في تاريخ الصناعة النووية، وتعد هذه أكبر صفقة نووية في تاريخ روسيا، لا تتعلق بالوقود الخام".

حلم قديم

عموماً، يعود حلم المصريين بدخول مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، الى خمسينات القرن الماضي، عندما وقع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر اتفاق الذرة من أجل السلام مع الاتحاد السوفياتي، عام 1955. وعام 1961 أنشأت مصر محطة "أنشاص" للأبحاث والتدريب، بدعم روسي.

وبعد تولي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك السلطة، شرعت مصر عام 1983 في إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية ، لكن التسريب الإشعاعي في محطة تشرنوبل عام 1986 دفع مصر إلى إرجاء المشروع.

ولكن الحلم المصري عاد ليتجدد عام 2002، عندما أعلنت القاهرة نيتها في إنشاء محطة ذرية في غضون 8 سنوات بالتعاون مع الصين وكوريا الجنوبية. ولكن المشروع بقي معلقا لسنوات، ثم عاد الرئيس مبارك وأعرب عن نيته في إنشاء المحطة بكلفة 4 مليارات دولار بمنطقة الضبعة.

وبعد تنحي مبارك عن الحكم على خلفية تظاهرات شعبية في 25 كانون الثاني 2011، داعبت جماعة "الإخوان المسلمين" التي صعدت إلى السلطة، مشاعر المصريين عبر تصريحات للرئيس الأسبق محمد مرسي، وعد خلالها أهلي الضبعة بتعويضهم ماليا عن قطعة الأرض التي سوف يقام عليها المشروع النووي، لكن المواطنين تظاهروا ضد قراره ورفضوا التخلي عن الأرض.

وبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي تولى السلطة في حزيران 2014 في اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ المشروع، الذي طال انتظاره، ووقع اختيار الدولة المصرية على الشركة الروسية التي قدمت أفضل عرض لتنفيذه، بعد التنافس مع شركات من الصين وفرنسا واليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

مركز تنافسي

وفقا للبيانات التي نشرتها "روساتوم" على موقعها الإلكتروني، مؤخرا، سوف تقيم الشركة 4 محطات، كل منها ينتج 1200 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، في مدينة مطروح المطلة على البحر الأبيض المتوسط، شمال مصر. وتقوم الشركة الروسية بتزويد المحطة بالوقود النووي، طوال فترة تشغيلها، لافتة إلى أن "هذا سوف يوفر سعراً تنافسياً لتوليد الكهرباء في مصر، لمدة 60 عاماً".



وأشارت "روساتوم" إلى أنها "سوف تقوم بتدريب ومساعدة شركائها المصريين في تشغيل وصيانة المحطة خلال السنوات العشر الأولى من الإنتاج، وكجزء من تعاقد آخر، فإن الجانب الروسي سوف يقوم ببناء مستودعات للتخزين، وحاويات لتعبئة الوقود المستهلك". وأشارت إلى أن "الوحدة الأولى من المشروع سوف تكون جاهزة للتشغيل في العام 2026".

القرض الروسي

وعلى الرغم من مرور مصر بأزمة اقتصادية شديدة، إلا أن الرئيس السيسي كان حريصاً على عدم تحميل بلده أعباء مالية كبيرة، واستطاع أن يبرم اتفاقاً مع روسيا لتمويل المشروع الذي يكلف 25 مليار دولار، ويمتد أجل القرض 22 عاماً بفائدة سنوية 3% فقط.

و قال وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر، في تصريحات إعلامية إن "مصر لديها فترة سماح لسداد أقساط القرض، تصل إلى 13 عاماً، وهي مدة كافية لإنهاء بنائها، وتشغيلها وتحصيل الأرباح، لسداد الأقساط".



وأوضح الخبير النووي علي عبدالنبي، أنه "لو تم تشغيل المحطة بالغاز الطبيعي، تكون الكلفة السنوية 350 مليون دولار، مقارنة بتشغيلها بالوقود النووي الذي تبلغ تكلفته 60 مليون دولار فقط كل عام، مما يعني توفير 290 مليون دولار سنويا"، لافتا إلى أن هذا الفارق "سوف يتم استغلاله في سداد أقساط القرض الروسي"، حسبما ذكر موقع "مصراوي".

اعتراضات وتأييد

منذ بدأت الملامح الأولى للمشروع عام 2002، تفاوتت الردود عليه بين التأييد والمعارضة. وجاءت أول المعارضات من السكان المحليين الذين صادرت الدولة أرضهم، حينها. وبعد تظاهرات 25 كانون الثاني 2011 واختلال القبضة الأمنية، عاد أهل الضبعة واحتلوا الأرض من جديد. لكن السلطات الحالية قامت بالتفاوض معهم لاحقا وقدمت لهم تعويضات مالية تجاوزت 130 مليون جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 17.8 جنيه).

كما كان من المعترضين على المشروع، رجال أعمال رغبوا في الاستثمار بالمنطقة، خاصة بعد إعلان وزير السياحة المصري السابق، زهير جرانة نية القاهرة إلى تحويل الضبعة لقرية سياحية، وجاء ذلك في تحول مفاجئ عن المشروع النووي عام 2004.

كما أعرب سياسيون ومتخصصون منذ الإعلان عن الفكرة عن تخوفاتهم من المشاكل التي قد تسببها المحطة النووية، مستعيدين إلى الأذهان حادث تشرنوبل الشهيرة. وتأتي أكبر المخاوف من إهمال العنصر البشري، خاصة في ظل اتهامات بتهلهل المنظومة الإدارية للحكومة في مجالات عدة.

لكن قطاعا كبيرا يرى في المشروع فوائد اقتصادية جمة، وبشكل خاص مع عزم مصر على الربط الكهربائي مع عدد من البلدان الشرق أوسطية، وسعيها لتكون مركزا لإنتاج وتصدير الطاقة لأوروبا ودول أخرى.

الى ذلك، تقلل المحطات النووية من انبعاث ثاني أكسيد الكربون، وملوثات الهواء التي تعاني منها مصر حاليا، وتخفف استهلاك الغاز الطبيعي الذي تسعى مصر إلى تصديره بكميات كبيرة، من أجل الحصول على العملة الصعبة، وإنعاش اقتصادها الذي عانى لسنوات طويلة.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم